“تقييد” دعم الضحايا يُلحِق نسويات برافضي مشروع المسطرة الجنائية

انضمت فعاليات نسائية إلى صفوف الرافضين لمضامين مشروع قانون المسطرة الجنائية في علاقته بـ”تقييد” إقامة الجمعيات للدعوى العمومية وإجراء الأبحاث، معتبرةً أن هذا المشروع “يتجه إلى تضييق عمل الجمعيات في مجال التبليغ عن الجرائم والانتصاب كطرف مدني لدعم الضحايا”.
الانتقادات التي ساقتها مذكرة فدرالية رابطة حقوق النساء حول القانون الجنائي ومشروع قانون المسطرة الجنائية رفضت “تقييد عمل الجمعيات التي تتمتع بصفة المنفعة العامة والتي تأسست قبل 4 سنوات في الانتصاب كطرف مدني بشأن جريمة تمس مجال اهتمامها المنصوص عليه في قانونها الأساسي”، مُنتقدةً “اشتراط الحصول على إذن بالتقاضي من طرف وزير العدل سيحدد ضوابطه نص تنظيمي”.
وفي ما يرتبط بالقضايا التي تنشط فيها هذه الجمعيات المدنية النسائية، انتقدت الفدرالية، في المذكرة التي اطلعت جريدة “مدار21” على نسخة منها، “إبقاء المشروع على شرط الحصول على إذن كتابي من الضحية بالنسبة للجمعيات التي تعنى بقضايا العنف ضد النساء حسب قانونها الأساسي”.
وفي السياق ذاته، ذكرت الهيئة النسائية بـ”أهمية الأدوار التي تقوم بها منظمات المجتمع المدني والتي تؤطرها نصوص دستور 2011 والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان”، محيلةً على “حث المادة 9 من اتفاقية مجلس أوروبا بشأن الوقاية من العنف ضد النساء ومكافحته الدول على أن تعترف بالدور الذي تضطلع به منظمات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية التي تعمل في مجال مكافحة العنف ضد النساء وأن تشجع هذه المنظمات وتدعمها وتقيم علاقات تعاون فعال معها”.
وبالرجوع إلى المادة 7 من المشروع فإنه “يمكن للجمعيات المعترف لها بصفة المنفعة العامة والحاصلة على إذن بالتقاضي من السلطة الحكومية المكلفة بالعدل حسب الضوابط التي يحددها نص تنظيمي أن تنتصب طرفاً مدنياً، إذا كانت قد تأسست بصفة قانونية منذ أربع سنوات على الأقل قبل ارتكاب الفعل الجرمي، وذلك في حالة إقامة الدعوى العمومية من قبل النيابة العامة أو الطرف المدني بشأن جريمة تمس مجال اهتمامها المنصوص عليه في قانونها الأساسي”.
وتتابع الفقرة الثانية من المادة ذاتها أنه “بالنسبة للجمعيات المذكورة والتي تعنى بقضايا مناهضة العنف ضد النساء. حسب قانونها الأساسي، فإنه لا يمكنها أن تنتصب طرفا إلا بعد حصولها على إذن كتابي من الضحية”.
وصلةً بالملاحظات الشكلية للمشروع، أوردت المذكرة نفسها أن “مشروع قانون 01.18 لا يعتبر مشروعا للمراجعة الشاملة لقانون المسطرة الجنائية وإنما يعتبر مجرد تعديل لبعض مقتضيات قانون 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية”، مشيرةً إلى أن “التعديلات الواردة في المشروع مست 420 مادة، حيث تم تغيير وتتميم 286 وإضافة 106 مادة ونسخ وتعويض 27 مادة ونسخ 5 مواد وهو ما يعني استمرار المشرع في نهجه الترقيعي عوض اعتماد منهج المراجعة الشاملة بإصدار قانون جديد للمسطرة الجنائية”.
وعلى مستوى ديباجة المشروع، سجلت الفدرالية “استجابة المشرع لمطالب الحركة النسائية والحقوقية حيث تم تصدير مشروع قانون 01.18 بديباجة نسخت الديباجة الحالية الواردة في قانون 22.01 المتعلق بقانون المسطرة الجنائية”، موردةً أنه “بالرغم من أهمية هذا المقتضى في شرح أسباب إصدار النص الجديد والفلسفة العامة التي ينبني عليها، إلا أنه بتحليل مضامين ديباجة المشروع الجديد يتبين تركيزه على السرد التاريخي عوض التركيز على الجانب الفلسفي الذي انبنى عليه المشروع”.
وضمن النقائص التي جردها الإطار المدني المهتم بقضايا النساء “الاكتفاء بالإشارة الى الصكوك الدولية ومختلف مخرجات التقارير الوطنية والدولية بشكل عام عوض التطرق لجوهر التوصيات الموجهة من طرف الهيئات الدولية إلى المملكة المغربية والجهود المبذولة في تنفيذ توصيات الهيئات الوطنية وعلى رأسها تلك المتعلقة بمخرجات هيئة الإنصاف والمصالحة والحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة”.
وانتقد المصدر ذاته “استعمال نهج تجزيئي في تقنية الإحالة على توصيات التقارير المرجعية”، مبيناً أن “هذا ما يظهر مثلا في الإشارة إلى توصيات الحوار الوطني المتعلقة بضمان المحاكمة العادلة وترشيد الاعتقال الاحتياطي وتحديث آليات العدالة الجنائية واعتماد الرقمنة في الإجراءات القضائي وإغفال الإشارة إلى التوصيات المتعلقة بنهج سياسة جنائية جديدة تستحضر مقاربة النوع الاجتماعي”.
ولم تتفق الفاعلات النسوية مع “التطرق بشكل عام ومطلق لبعض المستجدات في الديباجة وعدم حضورها في مضامين مشروع القانون الجديد من قبيل الإشارة الواردة في الديباجة من ضمان حق الأشخاص الموضوعين رهن الحراسة النظرية في الاتصال بمحاميهم والحضور معهم لعملية الاستماع والحال أن مشروع القانون الجديد لا يضمن هذا الحق على إطلاقه وإنما يقصره على الأحداث والأشخاص في وضعية إعاقة”.
ولاحظت الجمعيات النسوية ذاتها “غياب التعاريف في صلب الديباجة رغم أهميتها في المساعدة على تدقيق المفاهيم وتوحيدها لدى المحاكم والاكتفاء باستعمال عبارات فضفاضة وغير واسعة من قبيل (الأجل المعقول) و(الإجراءات السريعة والفعالة) و(العدالة التصالحية) و(السياسة الجنائية) و(الأسر البديلة)”.
وبشكل عام، لفتت الهيئة ذاتها إلى أن “الإفراج على مشروع قانون المسطرة الجنائية بشكل منفصل عن مشروع القانون الجنائي، رغم العلاقة الوطيدة بينهما يؤكد استمرار النهج التجزيئي للمشرع في إصلاح نظام العدالة الجنائية والذي يتوقف أيضا على قوانين أخرى منها قانون المساعدة القضائية”، مشددا على أنه “لا يمكن أن يتم اصلاح قانون الشكل قبل اصلاح قانون الموضوع”.