مركز يفكك مشروع إسرائيل الخفي في إفريقيا

استنكر المركز الأوروبي للدراسات مواصلة إسرائيل إبادتها للشعب العربي في بلاد الشام ابتداء من غزة في فلسطين مرورا بلبنان وسوريا، في ظل صدور البيان الختامي للقمة العربية والإسلامية في الرياض، منذ أيام، وإدانته العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ولبنان ودعوته لتطبيق القانون الدولي، بالترافق مع غضب شعبي عربي وعالمي جراء المجازر الوحشية التي يرتكبها الإسرائيليون تجاه أبناء المنطقة.
وأشار المركز، في مقال توصلت جريدة “مدار21” الالكترونية بنسخة منه، إلى اندلاع اشتباكات، الأسبوع الماضي، بين عدد من مشجّعي نادي “أياكس أمستردام” ومؤيدي القضية الفلسطينية، بينهم عرب أغلبهم من أصل مغاربي من جهة، ومشجّعي نادي “مكابي تل أبيب” الإسرائيلي من جهة ثانية، وذلك عقب انتهاء مباراة لكرة القدم جمعت الناديين ضمن الدوري الأوروبي في العاصمة الهولندية أمستردام.
وتابع المركز في الصدد ذاته أن الاشتباكات وقعت بعدما قام مشجّعو فريق “مكابي تل أبيب”، وهم عدة آلاف، وبينهم جنود، باستفزاز سكان أمستردام الهولندية المؤيّدين لفلسطين، واستفزاز العرب الموجودين هناك، وترديد شعارات نابية، مفادها أنّ “الجيش” الإسرائيلي سيفعل فعله بالعرب”، مع الاستهزاء بأطفال قطاع غزة، ونزع عشرات الأعلام الفلسطينية التي وضعها مواطنون هولنديون منذ أشهر طويلة، رمزاً لدعم الفلسطينيين.
وأورد المصدر ذاته نشر آلاف من رجال الشرطة الإضافيين في العاصمة الفرنسية باريس وفي محيطها قبل مباراة كرة القدم بين فرنسا وإسرائيل، مشيرا إلى قول مسؤولين إن الإجراءات الأمنية المشددة في المباراة تتم بشكل مكثف وقد تم نشر ضباط الشرطة في ستاد فرنسا وفي جميع شبكات النقل العام والشوارع. وأتى تعزيز الإجراءات الأمنية لمنع مواجهات يمكن أن تحدث كالتي اندلعت في أمستردام، قبل وبعد مباراة كرة القدم.
وكان مكتب الرئيس الفرنسي ماكرون، حسب المرجع نفسه، قد قال في بيان إن الرئيس ورئيس الوزراء ميشيل بارنييه يخططان لحضور المباراة “كرسالة أخوة وتضامن بعد الأعمال المعادية للسامية التي أعقبت المباراة في أمستردام”. وقد عكس البيان المشاعر السائدة بين العديد من الزعماء الغربيين الذين اعتبروا الفوضى في هولندا “معادية للسامية” في حين أنهم قللوا من أهمية أي أذى تسبب فيه مشجعو كرة القدم الإسرائيليون.
وفيما يعد منع الحوادث الأمنية عبر تشديد قبضة الأمن والشرطة عند إقامة فعاليات معينة في مختلف دول العالم أمراً عادياً، يسترسل المركز، إلا أن المراقبين يشددون على أن الفرنسيين قد أفرطوا في دعمهم لإسرائيل في ظل تنامي حالة العداء الشعبي في فرنسا ضد الحكومة. فقد أقامت جمعية “إسرائيل للأبد” حفل لجمع التبرعات في باريس بهدف دعم جيش الاحتلال الإسرائيلي وإحياء مشروع “إعادة توطين غزة” منذ أيام.
وأضاف المصدر ذاته أن الحفل الذي أثار موجة واسعة من الاعتراضات من قبل منظمات حقوقية عكس أجندة يمينية متطرفة، حيث أنكر بعض المتحدثين فيه وجود الشعب الفلسطيني ودعوا لسيطرة “إسرائيل” الكاملة على كافة الأراضي الفلسطينية. كما أن هذه التبرعات، التي تشمل خصومات ضريبية، أثارت جدلاً قانونياً في فرنسا، حيث يُحظر استخدام الإعفاءات الضريبية لدعم جيوش أجنبية، مما يلفت النظر إلى دور الأموال العامة الفرنسية في دعم النزاع الإسرائيلي في غزة، بحسب ما ذكر موقع “ميديا بارت”.
وفي سياق ذلك، يورد المركز أنه جرت أعقاب حادثة أمستردام، محادثة هاتفية بين سفير فرنسا لدى دول البنلوكس (اتحاد سياسي واقتصادي وتعاون حكومي لدول بلجيكا وهولندا ولوكسمبورغ، فرانسوا ألابرون، وسفير المغرب لدى البنلوكس محمد بصري، ناقش خلالها الطرفان الحادثة وأعرب ألابرون عن قلقه، ودعا نظيره إلى إطلاق حملة توعية بين صفوف الجالية المغربية لمنع إندلاع حوادث مماثلة في المستقبل.
وسجل المصدر ذاته أنه في السياق ذاته وفي ذكرى هجوم مقاومي “حماس” على إسرائيل، الشهر الماضي، احتج آلاف المغاربة على مشاركة المغرب في اتفاقيات أبراهام (إبراهيم) .
كما أشار المركز إلى أنه في 28 أكتوبر، وصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الرباط في زيارة رسمية، أكد خلالها اعتراف فرنسا بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية وتم استقبال ماكرون بحفاوة في العاصمة المغربية، ووعد المغربيين بإستثمارات فرنسية هامة في منطقة الصحراء الغربية وقام بتوقيع اتفاقيات بمجالات الطاقة والمياه والتعليم والأمن الداخلي.
وبعد أيام قليلة من زيارة ماكرون، يسجل المركز أن وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، أكد في مقابلة مع صحيفة لوبوان الفرنسية، أن استئناف العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل لا يعني دعم سياساتها، فالمغرب يتميز بإرث يهودي متجذر في هويته الوطنية.
ويشير مراقبون إلى أن فرنسا تمارس الضغط من أجل إسرائيل ومصالحها في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.
وإلى جانب وجود هدف واضح للكيان الإسرائيلي من عدوانه العسكري السافر على غزة ولبنان، يشير المكز إلى أن هناك غايات إستراتيجية أخرى تنطوي على المكاسب الاقتصادية لإسرائيل في أفريقيا، لافتا إلى أن خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في اجتماع قادة المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا “إيكواس” في يونيو 2017 كشف عن اهتمام تل أبيب المتزايد ببناء جسور متعددة مع أفريقيا. وهو ما تجلى في نشاط مكثف، برزت من خلاله دبلوماسية الجولات والقمم الثنائية والجماعية مع القادة الأفارقة.
فيما أظهر تنظيم السفارة الإسرائيلية في فرنسا في العام 2022 لمؤتمر عقد بعنوان “عودة إسرائيل إلى إفريقيا”، حسب قراءة المركز، رسالة واضحة حول علاقات اسرائيل بالقارة في السنوات المقبلة. حيث جمع الحدث الذي استمر ليوم واحد الصحفيين والدبلوماسيين ورجال الأعمال والفنانين الفرنسيين والأفارقة لدراسة مستقبل التعاون الإسرائيلي مع الدول الأفريقية.
وقالت حينها، آن صوفي سيبان-بيكاشي، مديرة اللجنة الأمريكية اليهودية في باريس للتايمز أوف إسرائيل: “الرسالة الرئيسية هي أن لدى إسرائيل العديد من الأصول لمشاركتها مع افريقيا، ويمكنها أن تخلق شراكة رابحة للجانبين. الفكرة هي التركيز على تلك المجالات الجديدة حيث يمكن للعلاقة أن تزدهر ولجعل الجهات الفاعلة المختلفة تستثمر أكثر في هذه العلاقات”.