بوعيدة: اقتربنا من طي نزاع الصحراء وجهات الجنوب مستعدة للحكم الذاتي

قالت مباركة بوعيدة، رئيسة جهة كلميم واد نون، “إننا اقتربنا بشكل كبير من طي ملف النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية”، موردة أن “الطرح المغربي ذو مصداقية والعالم بات يعترف بالنموذج المغربي من ناحية الأمن والاستقرار والتنمية، ومؤهلاتنا للمستقبل”.
وشددت بوعيدة، في حوار مع جريدة “مدار21″، على أن “المغرب شريك يعتمد عليه، والصحراء مغربية والتنمية داخلها واضحة، وبالتالي من أراد البناء سيكون ذلك مع المغرب وعبر الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية”، لافتة إلى أن “العالم بأسره فهم الرسالة ومقتنع بها وحان الوقت لتكون هناك شجاعة سياسة لدى شركائنا داخل مجلس الأمن وداخل الاتحاد الأوروبي من أجل حل نهائي، وهذا التوقيت ممتاز للجميع ويجب اغتنامه”.
واعتبرت بوعيدة أن الجهات الجنوبية مستعدة للحكم الذاتي، وبل وبدأت في تفعيله، عبر الجهوية المتقدمة، التي تنص على استقلالية القرار وتسيير الجهات من الفاعل المحلي والجهوي، مشيرة إلى “أننا في الطريق الصحيح، وبدأنا بالفعل في مقترح الحكم الذاتي”، لافتة إلى وجود عدد من الصلاحيات التي تدخل ضمن الاختصاص الذاتي للجهات، ما يعني أن الجهات يمكن أن تأخذ زمام الأمور.
وأوردت “بدأنا في مسار الجهوية المتقدمة منذ تسع سنوات، حيث أعطى صاحب الجلالة الأولوية للجهات الجنوبية الثلاث، التي كانت سباقة في تنزيل البرامج التنموية والنموذج التنموي الجديد. ومن هنا بدأت قفزة نوعية للتنمية في الأقاليم الجنوبية، والتي بدأت تظهر آثارها بشكل ملموس سنة 2016، بعد توقيع الاتفاقيات المنبثقة عن البرنامج التنموي المندمج بقيمة 77 مليار درهم، والتي ظهرت آثارها في الجهات الجنوبية الثلاث”.
ولفتت رئيسة الجهة إلى بدء “تنزيل الجهوية المتقدمة بشكل تدريجي، حيث ينص تصورها على إشراك أكبر للساكنة ومنح مزيد من الأسبقية للمنتخبين في تدبير الشأن المحلي، عبر المجالس الجهوية التي منحت لها اختصاصات أكبر مع تخصيص ميزانيات أكبر، إضافة إلى مسؤوليات أكبر”، مشيرة إلى بدء تنفيذ العديد من البرامج التنموية، منذ البرنامج التنموي المندمج، والتي تهدف إلى تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الأقاليم الجنوبية، وهي الدينامية التي بدأت تظهر بشكل ملموس.
وبخصوص توالي الاعترافات الدولية بمغربية الصحراء، وآخرها الموقف الفرنسي، أكدت بوعيدة “نحن نثمن هذه الدينامية الكبيرة، كما نشيد بالدبلوماسية الملكية التي حققت نتائج كبيرة، كنا نعتقد أنها ستتأخر”. ولفتت إلى أن المسار بدأ منذ سنوات، بعد القرار الملكي بالعودة إلى الاتحاد الإفريقي، وخلق المغرب شراكات خاصة واستراتيجية مع دول عظمى ودول الجوار ودول إفريقية، إضافة إلى التوجه الملكي نحو الإصلاح الديمقراطي والمؤسساتي، والتوجه نحو الجهوية المتقدمة بإشراك الفاعل السياسي والمحلي الجهوي.
وأردفت أن هذه كلها نقط تجعل دول العالم لا يمكن إلا أن تكون مقتنعة بالطرح المغربي، موردة أن ما يقع اليوم من الاعتراف الفرنسي وقبله الأمريكي بمغربية الصحراء من قبل العديد من الدول الكبرى، وعلى رأسها فرنسا وأمريكا، ما هو إلا تصحيح لخطأ تاريخي.
وشددت على أن قضية الصحراء نزاع مفتعل، والمجتمع الدولي لديه مسؤوليته وعليه أن يتحملها، وعلى رأسه إسبانيا وفرنسا اللذين قسما المغرب، مفيدة أن ما يقع اليوم هو ظهور للحقيقة.
وأكدت ضرورة أن يكون حل قضية الصحراء حلاً نهائياً، وأن يتم ذلك في إطار الأمم المتحدة، كما أكد خطاب الملك بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية.
وسجلت بوعيدة بارتياح القرار الأخيرة لمجلس الأمن بتمديد ولاية بعثة المينورسو، كما كانت هناك إشارات قوية، من بينها تحميل المسؤولية للجارة الجزائر التي لا يمكن لأحد أن ينكر الدور الذي تلعبه في تغذية هذا النزاع المفتعل.
ولفتت إلى جدية مقترح الحكم الذاتي وكونه الحل الوحيد الممكن والقابل للتنفيذ، ثم النقطة الثالثة التي جاء بها المغرب هي الاعتراف بالمكتسبات الدبلوماسية للمغرب.
وأشارت إلى استعداد جميع المغاربة والتخب المحلية للدفاع عن الوحدة الترابية، مشددة على ضرورة التكوين من أجل الترافع عبر توفير الدلائل والخبرة الضرورية وأن “نكون مسلحين بالحقيقة والتاريخ وبالواقع الذي نعيشه وبقناعة قوية وراسخة والالتزام بوطنيتنا”.
وحول دور التنمية في ترسيخ مغربية الصحراء، اعتبرت بوعيدة أن مسألة ترسيخ مغربية الصحراء “هي ثابتة عبر الشرعية ومصداقية مغربية الصحراء. ونحن اليوم في منطقة هي بلادنا، ومنطقة جهة العيون-الساقية الحمراء، معروفة بمغربيتها وغيرتها على الوطن، ومقاومتها الاستعمار الفرنسي والاستعمار الإسباني”.
وتابعت أن “جميع القبائل التي سكنت هذه المنطقة، والتي توجد في كلميم واد نون والعيون والداخلة، ولها امتداد حتى في موريتانيا ودول أخرى في إفريقيا، تعتبر هذه الأرض مغربية. والنقطة المشتركة بين جميع هذه المكونات القبلية هي الغيرة على الوطن وعلى المغرب وتشبث جميع القبائل بالعرش العلوي. وبالتالي، هذه مسألة تاريخية لا شك فيها”.
أما التنمية، أفادت بوعيدة أن الملك محمد السادس “اختار منذ وقت طويل أن يكون المسار التنموي في الأقاليم الجنوبية، والتي كانت تعاني من تأخر في التنمية بسبب الاستعمار الإسباني والاستعمار الفرنسي”.
وفيما يخص رمزية المسيرة الخضراء، أوضحت رئيسة جهة كلميم واد نون أنه من خلال تخليد الذكرى نعيد التأكيد على أن المسيرة لم تقتصر فقط على تعزيز مغربية الصحراء، بل كانت أيضاً مرحلة تاريخية هامة لاستكمال استقلال المملكة المغربية من شمالها إلى جنوبها.
ولعبت المسيرة الخضراء، تضيف بوعيدة، دوراً كبيراً في جمع الشمل والتعبئة الجماعية، ما يجعل هذه الذكرى لدى المغاربة، وبالنسبة للعديد من أبناء الجنوب، لحظة لديها دلالة خاصة.
وأفادت أن هذه المناسبة فرصة للوقوف على المشاريع التي تم إطلاقها، والتي تركز على التنمية المستدامة، معتبرة أن “التنمية هي الحل الوحيد لتحسين مستوى المعيشة، وخلق فرص العمل، وتحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، ولهذا نستثمر وننخرط في التنمية”.
ولفتت إلى أن جهة كلميم واد نون كانت لديها مجموعة من المشاريع منبثقة من شراكات كبرى، ومبنية على مقاربة تشاركية ومهيكلة للقطاعات التي تعرف فيها الجهة خصاصا.