“قصور” القانون الجنائي يستعجل استحداث عقوبات تتماشى وخصوصية الجرائم البيئة

وقفت دراسة أكاديمية على غياب تعريف جنائي خاص بالجريمة البيئية و”قصور” التشريعات المغربية الخاصة بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة لتغطية جل الأفعال والانتهاكات التي تتعرض لها البيئة، داعيةً لاستحداث قانون جنائي بيني يتماشى وخصوصية الجرائم البيئة.
الدراسة المنشورة ضمن عدد شتنبر من “مجلة الباحث للدراسات والأبحاث العلمية” بمجلة الباحث، اعتبرت أن “الأحكام العامة المؤطرة للجريمة البيئية، لم تركز على إعطاء تعريف جنائي أو مفهوم خاص بها”، منتقدةً “ترك مهمة التعريف للفقه الجنائي”.
وعلى مستوى ترتيب الجزاءات ضد مرتكبي جرائم في حق البيئة، أوضحت الدراسة التي حملت عنوان “الجريمة البيئية في القانون المغربي” أن “الجزاء عن هذه الجريمة مستمد من عقوبات جنائية تقليدية كسلب الحرية أو الغرامة المالية”، مشيرةً إلى أن “هذا الأمر يقف أمام وضع سياسة جنائية منفردة لحماية البيئة”.
ودعت الوثيقة ذاتها إلى “استحداث بدائل أخرى تتناسب مع طبيعة كل من المصالح المحمية ومرتكب الجريمة”، مؤكدةً أنه “تم التطرق لبعضها وعلى رأسها الضريبة البيئية التي تمنح حقوق التلوث المقبول بمقابل محدد كنظام معمول به في كثير من النظم المقارنة”.
وأوردت الدراسة الأكاديمية لصاحبتها فاطمة الزهراء طهير، الباحثة في كلية العلوم القانونية السويسي بالرباط، أنه “بتصفح التشريعات الخاصة بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة نستخلص أنها لم تعد كافية لتغطية جل الأفعال والانتهاكات التي تتعرض لها البيئة”.
وتابع المصدر ذاته أنه “من المستحب العمل على المزج بين هذه القوانين الخاصة والقانون الجنائي لإنشاء قانون جنائي بيني يتماشى وخصوصية الجرائم البيئة حتى يسهل على الجهاز القضائي التعامل مع هذا النوع من الجرائم”.
وسجلت الباحثة ذاتها أن “معالجة الجريمة البيئية يتطلب بالضرورة إلى جانب التعريف الذي أعطي لها دراسة العناصر المادية والموضوعية التي تقوم عليها”، مشددةً على أنه “إلى جانب القانون الجنائي هناك قوانين خاصة تجرم الأفعال الماسة بالبيئة، لأن القانون الجنائي وحده غير كاف في جمع واستحضار جل الجرائم الماسة بالبيئة”.
ولهذا السبب، تضيف الدراسة ذاتها، أن “المشرع المغربي وجد نفسه مجبرا على تضمين بعض القوانين الخاصة بتنظيم وتأطير الأفعال التي تخل بالنظام وتقرير جزاءات جنائية للمخلين بالبيئة وما تحمله في طياتها”.
وأحالت الورقة البحثية إلى أنه “لهذا الغرض نجد مجموعة من النصوص الخاصة المتعلقة بالبيئة والمتمثلة في القانون رقم 11.03 المتعلق بحماية واستصلاح البيئة الذي تناول في الباب السادس مجموعة من الأحكام الزجرية لحماية عناصر البيئة إلى جانبه القانون رقم 36.15 المتعلق بالمياه الذي تناول في الباب الحادي عشر الشق الزجري المتعلق بالمخالفات والعقوبات والقانون رقم 52.20 المتعلق إحداث الوكالة الوطنية للمياه والغابات بموجب القانون رقم 52.20، والإصلاح التشريعي من خلال تحديث النصوص القانونية المعمول بها في تدبير الثروة الوطنية الغابوية”.
وعلى المستوى التقني لهذه التشريعات المتعلقة بحماية البيئة، أوردت الوثيقة نفسها أن “التشريع المغربي لم يتضمن نصا خاصا بالنسبة للركن المعنوي في الجرائم البيئة”، محيلةً على الفصل 133 من مجموعة القانون الجنائي الذي ينص على أن “الجنايات والجنح لا يعاقب عليها إلا إذا ارتكبت عمدا، إلا أن الجنح التي ترتكب خطأ يعاقب عليها بصفة استثنائية في الحالات الخاصة التي ينص عليها القانون”.
ولاحظت الباحثة على أن “الصياغة التي جاء بها الفصل 133 في استعراضها لصور الركن المعنوي لا تقوم لها قائمة في النصوص المدرجة بالقوانين المنظمة والمؤطرة لحماية البيئة”، مشددةً على أنه “لذلك يثار التساؤل حول إمكانية تطبيق هذه القاعدة الجنائية العامة المتعلقة بالركن المعنوي على الجريمة البيئية”.