العلمي يُشخّص أزمة العالم الإسلامي ويُجدّد إدانة المغرب لجرائم الاحتلال بفلسطين

تحسّر رئيس مجلس النواب، راشيد الطالبي العالمي، على استمرار الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين بعد مرور 55 عاما على ميلاد منظمة المؤتمر الإسلامي بقرار من مؤتمر القمة الإسلامية الذي انعقد في الرباط في الفترة ما بين 22 و25 شتنبر 1969، على إثر “إقدام العصابات الصهيونية على إحراق المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين في 21 غشت من نفس السنة”.
وقال العلمي اليوم الثلاثاء بمجلس النواب، في كلمة خلال افتتاح أشغال اللجنة التنفيذية لاتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، أنها “مصادفة حزينة مُحزنة أن تمر خمسة وخمسون عاما بالتمام والكمال، والأقصى، والقدس، كما باقي الأراضي الفلسطينية، والشعب الفلسطيني الشقيق، يواجهون نفس ظروف الاحتلال، وذات أشكال القتل، والحصار، والاعتداء على الأرواح والممتلكات، وهي الأعمال التي نجدد إدانتنا الشديدة لها”.
وشدّد على أنه “لا أريد أن أستغل احتضان بلادي لهذه الاجتماعات التنظيمية، لأستعرض أشكال دعم المملكة المغربية الثابت والتاريخي لقضية الشعب الفلسطيني من أجل استقلاله وقيام دولته وعاصمتها القدس التي فيها للمغاربة حاراتٌ، وأسوارٌ، وأحياءٌ، وباب تاريخي، ولكن من واجبي التذكير بما يُنَفذه بيت مال القدس المنبثق عن لجنة القدس التي يترأسها الملك محمد السادس، من مشاريع ملموسة دعما لصمود سكان المدينة في وجه الاستيطان والاحتلال”.
وأضاف العلمي أنه “من الواجب أيضا التذكير بالمبادرات الأخيرة للملك محمد السادس بإرسال مساعدات لأهالي غزة، إذ كان المغرب السباق إلى ذلك عن طريق البر”، مشيرا إلى أن كل ذلك “يجسد بالملموس الالتزام المغربي الثابت بدعم القضية الفلسطينية والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في الاستقلال وإقامته دولته المستقلة”.
وأكد رئيس مجلس النواب أنه “لا نختلف في إدانة جرائم الاحتلال الإسرائيلي في حق الشعب الفلسطيني الأعزل، وانتهاكاته الصارخة لحقوق الإنسان ولأبسط مبادئ وقواعد القانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني، وفي توصيف موقف القوى النافذة في القرار الدولي التي تجد نفسها ممتحنة في ما تعتبره هي ذاتها مقدسا من حقوق الإنسان، بما فيها الحق في الحياة، والحرية، والغذاء والاستشفاء والتعليم والسكن”، مبرزا أنها “حقوق يوجد أشقاؤنا الفلسطينيون في غزة اليوم محرومون منها”.
وانتقد أحوال وانقسامات وصراعات الذات الإسلامية وحروبها الداخلية وتوَجّس أعضائها من بعضهم البعض، مؤكدا أن ذلك “ينعكس بالتأكيد على مستوى دعم دولها للشعب الفلسطيني، ويُضعف موقفها أمام المجموعة الدولية في الدفاع عن قضايا شعوبها ومصالح الأمة الإسلامية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية”.
وتابع بأن “الشعب الفلسطيني الشقيق يستحق، بقيادة السلطة الوطنية الفلسطينية، كل الدعم والإسناد من أجل حقوقه المشروعة التي لن تتحقق سوى بفتح أفق سياسي واضح من المفاوضات جدواها قيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية”، مشددا على أنه “حل ينبغي أن تكفل تنفيذه المجموعة الدولية في إطار التزام دولي صريح، وحازم وصادق”.
وأشار العلمي إلى أن “الشعب الفلسطيني لا يقدم كل هذه التضحيات كي يصبح على وهم جديد أو كيان متقطع الأوصال”.
وذكر أن “من الأجدى والأنفع للشعوب الإسلامية أن تذهب مناقشات اتحادنا، واقتراحاته ومواقفه في الاتجاه العملي العقلاني والواقعي الذي يمكن بلداننا من مواجهة التحديات التي تواجهها والأزمات التي تجثم عليها”.
ولفت رئيس مجلس النواب إلى أن حال البلدان الإسلامية “ينطق بالعديد من هذه الأزمات، إذ إن النزاعات الأقدم، والأعقد، والأكثر حدة هي الواقعة في البلاد الإسلامية، منبها إلى أنه “وإذا كان بعض هذه النزاعات يرتبط بالتدخلات الخارجية، فإنها تعود، في جزء منها إلى الطائفية المقيتة، وعدم استقلالية القرار الوطني في بعض الحالات وإلى التّعدي على الوحدة الترابية للدول وتغذية النزعات الانفصالية”.
وأكد المتحدث أهمية الاقتراحات والتوصيات التي يمكن أن يتقدم بها اتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي وأجهزته المختصة ولجنه الدائمة، في واقعيتها وقابليتها للتنفيذ، ووضوحها وتملكها من طرف البرلمانات الأعضاء، على أساس التوافق الذي لا يكبح اتخاذ قرارات وتوجهات الأغلبية.
ومن جانب آخر، يضيف المصدر ذاته، فإن “قرارات اتحادنا، مهما تكن نجاعتها وصدقيتها، لن تكون فعالة ومنتجة للأثر ما لم تكن ذكية، متساوقة مع، ومستوعبة للمتغيرات الدولية، مقبولة، وتتملكها باقي هيئات العمل الإسلامي المشترك، لأنها هي القادرة على التنفيذ والتنسيق”.
ويرى العلمي أن التنسيق والانفتاح المطلوب على منظمات العالم الإسلامي، الحكومية والموضوعاتية، ينبغي أن “يكون أيضا في اتجاه المنظمات البرلمانية متعددة الأطراف، بغاية التعريف بقضايانا، وتصحيح المغالطات وأشكال الخلط التي تجعل جزءا هاما من الرأي العام الدولي يقف في مواجهتنا فقط لأن حفنة من المتطرفين المتشددين يرتكبون، باسم الإسلام والمسلمين، أعمال مشينة ومدانة يدرك الجميع أن الإسلام منها بريء”.
وذّكر المتحدث بالوثيقة المركزية “إعلان مراكش” الذي توج أشغال المؤتمر البرلماني الدولي حول “حوار الأديان المنعقد خلال الفترة ما بين 13 و15 يونيو 2023، والذي “يعتبر وثيقة مرجعية برلمانية دولية في مجال حوار الأديان والحضارات والمعتقدات ينبغي لنا العمل على تفعيلها بما يخدم قضايانا ويصحح صورة الإسلام والعالم الإسلامي على الأقل بين أعضاء المجموعة البرلمانية الدولية”.
وأكد راشيد الطالبي العلمي أن “ليس قصدي في هذه الكلمة أن أقدم نظرة محبطة عن حالة العالم الإسلامي، الذي به العديد من العلامات المضيئة، ومن دوله ما يشكل اليوم قصص نجاح ينبغي الفخر بها، ولكنَّ حدةَ الأزمات في عدد من بلداننا الإسلامية والاستهداف الذي تتعرض لها وضعف موقف العالم الإسلامي إزاء كل ذلك، يولد لدينا حرقة الأسئلة في سياق دولي يزداد تعقيدا”.