خدمات

هل تتجه مدريد إلى دعم مبادرة الحكم الذاتي للمغرب على صحراءه تبديدا للخلاف؟

هل تتجه مدريد إلى دعم مبادرة الحكم الذاتي للمغرب على صحراءه تبديدا للخلاف؟

مؤشرات عديدة تسير في اتجاه دعم طرح التقارب في الرؤى بين إسبانيا والمغرب خاصة في الملفات السيادية والحساسة على غرار ملف الصحراء المغربية، لعل أبرزها الدعوة الصريحة التي أطلقها العديد من دبلوماسيي الجارة الشمالية لحكومة سانشيز في الأيام الأخيرة، والتي تعتبر أن مبادرة المغرب هي الحل الوحيد لإنهاء الصراع بين المغرب والبوليساريو والجزائر والذي بات ينعكس شيئا فشيئا على إسبانيا لعل آخرها تعسر إمدادات الغاز التي لا تزال معلقة على أرجوحة الانتظار، وحكم محكمة لوكسمبورغ الذي من شأنه أن يقصم ظهر قطاعي الصيد والزراعة الإسبانيين.

ومن أولى بشائر هذه الدعوة تأكيد السفير الإسباني الأسبق لدى الولايات المتحدة، خافيير روبيريز، على أن إسبانيا مدعوة، أكثر من أي وقت مضى، للمساهمة في تسوية نزاع الصحراء من خلال دعم مخطط الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.

وقال الدبلوماسي الإسباني، الذي شارك في نقاشات نظمها الحزب الشعبي في إطار مؤتمره الوطني (من 27 شتنبر إلى 3 أكتوبر)، إن السبيل الوحيد لحل هذا النزاع يتمثل في الحوار قصد التوصل إلى حل على أساس مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.

وأكد الدبلوماسي الإسباني “لا أرى أي خلل في إسهام إسبانيا في البحث عن اتفاق تقبله جميع أطراف النزاع، لاسيما الجزائر والمغرب؛ اتفاق يقر بالحكم الذاتي للصحراء تحت السيادة المغربية”، مشددا على أنه من الواضح أن الجزائر “صاحبة مصلحة” في هذا النزاع المصطنع حول الصحراء المغربية.

وفي هذا السياق، شدد روبيريز على أهمية الحوار، خاصة بين المغرب والجزائر، لإغلاق هذا الملف بشكل نهائي.

كما دعا السفير الأسبق لإسبانيا في واشنطن (2000-2004) إلى انخراط أكبر للأمم المتحدة لتحقيق تقدم في حل هذا النزاع الإقليمي.

من جهته، دعا وزير الدفاع الإسباني الأسبق والرئيس الأسبق لمجلس النواب، خوسيه بونو، حكومة إسبانيا لإطلاق وساطة بين المغرب والبوليساريو من أجل قبول الأخيرة خطة الحكم الذاتي التي قدمتها المملكة المغربية.

وصرح بونو، خلال مشاركته في اليوم الأول للمنتدى الاقتصادي الإسباني بأنه يجب على إسبانيا “تعزيز الحلول لنزاع الصحراء” لأن لديها “مسؤوليات تاريخية” في هذه المنطقة.

وأكد وزير الدفاع الإسباني الأسبق أنه في المفاوضات بين المغرب وجبهة البوليساريو يمكن الاعتماد على “دعم إسبانيا بفضل خبرتها في الحكم الذاتي الديمقراطي”.

كما طلب الرئيس السابق لمجلس النواب إجراء فحص “لمزايا وصعوبات الاستفتاء بعد 30 عاما من استحالة إجرائه”، مشددا على أن خطة الحكم الذاتي للصحراء، التي قدمها المغرب عام 2007 في مجلس الأمن الدولي، “جادة وذات مصداقية”.

وما يدعم ما سبق كذلك ويسير في طرح إمكانية تحقيق تقارب الرؤى بين المملكتين في ملف الصحراء كذلك توجيه وزيرة الخارجية الإسبانية السابقة رسالة إلى رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، موسى فقي، بمناسبة “يوم إفريقيا” الذي احتفل به يوم 25 ماي، لتضع خريطة إفريقيا بدون علم جبهة “البوليساريو” ضمن صفحة رسمية تابعة لوزارة الخارجية الإسبانية، وهو الأمر الذي استنفر الجزائر وقتها عندما قررت التحرك عبر مفوضية السلم والأمن التابعة للاتحاد الإفريقي التي يرأسها الدبلوماسي الجزائري إسماعيل شرقي.

وفي وقت لا تعترف الجارة الشمالية بـ”الجمهورية الصحراوية”، وتؤكد حكومة مدريد أنها تدعم جهود الأمين العام للأمم المتحدة للتوصل إلى حل سلمي لنزاع الصحراء في إطار قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، يواصل المغرب تحركاته الدبلوماسية لإبراز عدالة قضيته الوطنية وأحقيته في أرضه، وصحرائه وهو ما يستفز الجارة الشرقية الجزائر، بحسب الخبير في العلاقات المغاربية الإسبانية نوفل البوعمري.

وأكد البوعمرى على أن أن الأسباب التي ذكرت تؤكد على أن “النظام الجزائري ظل طرفا في نزاع الصحراء، طرفا أساسيا و ليس ثانويا”، حيث أن ما صرح به رمطان لعمامرة مؤخرا حول المملكة يبرز حقيقة خلفيات التصعيد الجزائري مع المغرب، و هو تصعيد مرتبط أساسا بقضية الصحراء المغربية.

وأكد على أن استهداف وزير خارجية الجزائر للحكم الذاتي،هو “إشارة مباشرة على كون مشكلة النظام الجزائري هي قائمة مع التجاوب الدولي الداعم الكبير للمبادرة المغربية، خاصة مع فشله الذي كان يعول عليه لخلق ميزان دبلوماسي لصالح نظامه و هو ما فشل فيه كما فشل فيه من سبقوه”.

وأبرز البوعمري أن قطع النظام العسكري العلاقات الدبلوماسية مع المملكة المغربية، يأتي بعد يوم من التجاوب الإيجابي الكبير لدى مختلف الأوساط الإسبانية السياسية والإعلامية مع خطاب ثورة الملك والشعب، مشيرا الى أن هذه الخطوة تعد محاولة يائسة من هذا النظام من أجل التشويش على هذا التقارب الجديد، الذي يعد مؤشرا على فتح حوار جديد، وبدون “طابو” كما أسماه وزير الخارجية الاسباني، الذي قال بصريح العبارة إلى “استعداد إسبانيا لمناقشة قضية الصحراء مع المغرب بشكل مفتوح”.

أما المؤشر الرابع لإمكانية دعم إسبانيا لمبادرة الحكم الذاتي، فهو الخطاب الملكي الأخير بمناسبة الذكرى الـ 68 لـ”ثورة الملك والشعب”، الذي أكد على لتدشين مرحلة “جديدة وغير مسبوقة” في العلاقات مع إسبانيا.

وجاء على لسان الملك: “إننا نتطلع، بكل صدق وتفاؤل لمواصلة العمل مع الحكومة الإسبانية ورئيسها بيدرو سانشيز، من أجل تدشين مرحلة جديدة وغير مسبوقة في العلاقات بين البلدين، على أساس الثقة والشفافية والاحترام المتبادل والوفاء بالالتزامات”.

وأوضح عاهل البلاد، أن هدف الرباط لم يكن الخروج من الأزمة الدبلوماسية التي طبعت العلاقات بين البلدين فقط، “وإنما أن نجعل منها فرصة لإعادة النظر في الأسس والمحددات التي تحكم هذه العلاقات”. مشددا على أن المغرب “تغير فعلا ولكن ليس كما يريدون لأنه لا يقبل أن يتم المس بمصالحه العليا وفي نفس الوقت يحرص على إقامة علاقات قوية بناءة ومتوازنة خاصة مع دول الجوار”، مبرزا أن هذا المنطق هو الذي يحكم “توجهنا اليوم في علاقتنا مع جارتنا إسبانيا”.

الخطاب الملكي، وبحسب المحلل السياسي وأستاذ العلاقات الدولية، حسن بلوان وضع مسارا جديدا للعلاقات المغربية الاسبانية  بعد شهور من الازمة الدبلوماسية والقطيعة السياسية اثر استقبال زعيم الجبهة الانفصالية المدعو ابراهيم غالي.

وأشار المتحدث في تصريحه لـ”مدار21″، إلى أن مياه كثيرة جرت تحت جسر العلاقات المغربية الاسبانية بعد خطاب غشت الذي رحب واحتفت به اسبانيا على اعلى مستوى، وارسلت رسائل ايجابية اتجاه المغرب الذي اعتبرته الشريك المميز والاستراتيجي، وهو ما يسير بالعلاقات إلى أفق الرسو في بر الاستقرار وفق أسس جديدة قد تكون بدعك الطرح المغربي.

و المسار الجديد الذي انطلقت فيه العلاقات المغربية الاسبانية، بحسب المحلل السياسي يأتي لعدة اعتبارات على رأسها أن المسار الجديد للعلاقات المغربية الاسبانية يتم بناؤه من اعلى مستوى وباشراف مباشر من الملك محمد السادس.

والاعتبار الثاني بحسب المتحدث هو ان العلاقات المغربية الاسبانية يتم ارساؤها وفق محددات وشروط جديدة وعلى اسس متينة للتعاون الثنائي وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، فيما ان استئناف العلاقات بين البلدين دخل للسرعة القصوى بالنظر الى المفاوضات السرية والاتصالات العلنية التي ستترجم قريبا في زيارات متبادلة واحياء اشغال اللجنة العليا التي كان مقررا لها ان تنعقد في اواخر العام الماضي وتم تاجيلها مرات عديدة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News