خبراء: خطاب العرش وضع خارطة الطريق لمواجهة الإجهاد المائي بالمغرب

أشاد خبراء مغاربة بمضامين الخطاب الذي وجهه الملك إلى الأمة بمناسبة الذكرى الـ25 لعيد العرش المجيد، مؤكدين أهمية التوجيهات الملكية لحل إشكالية الماء بالمغرب.
حلول التكنولوجية في مجال الماء
وأكد الخبير في العلوم والهندسة الزراعية، كمال أبركاني، أن تنزيل الحلول التكنولوجية في مجال الماء على أرض الواقع، والتي تحدث عنها الخطاب السامي الذي وجهه الملك محمد السادس إلى الأمة بمناسبة عيد العرش، يتطلب التعبئة على مستوى كافة المؤسسات المعنية في إطار برامج البحث والابتكار.
وشدد أبركاني، وهو أيضا أستاذ جامعي بالكلية المتعددة التخصصات – الناظور بجامعة محمد الأول بوجدة، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، على أهمية الرقمنة والفرز الجيني والتعديل الجيني والممارسات الزراعية الجيدة، مشيرا إلى أن المغرب يتوفر على مؤسسات في مجال البحث الزراعي وعلى معاهد مختصة في الهيدرولوجيا وفي الهيدروليك، قادرة على تسريع منظومة البحث العلمي الشامل في هذه المجالات.
وأشار إلى أنه آن الأوان لفرض استعمال البذور المقاومة للجفاف من خلال استصدار مشاريع قوانين تمنع بعض أصناف البذور والزراعات المستهلكة للماء بكثرة.
وأكد أن التكنولوجيا الرقمية التي انخرط فيها المغرب، أبرزت أن هناك نوعا من النجاعة من شأنها أن تساعد في تسريع تنزيل هذه المشاريع التي برمجتها الدولة من تحلية لمياه البحر وبناء سدود وغيرها والتي يتطلب إنجازها بعضا من الوقت.
وسجل في هذا الصدد، أهمية هذه المشاريع في المستقبل فيما يخص تحقيق الأمن المائي، وبالتالي توفير الأمن الغذائي، وضمان تحقيق سيادة مائية وغذائية على المستوى الوطني.
الماء في قلب الأولويات
بدوره، أكد رئيس جمعية أساتذة علوم الحياة والأرض للمغرب بجهة فاس مكناس، عمر الودادي، أن الخطاب الذي وجهه الملك محمد السادس إلى الأمة بمناسبة الذكرى ال 25 لعيد العرش المجيد، وضع قضية الماء في قلب الأولويات الوطنية.
وقال الودادي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، “إن الخطاب الملكي، وهو خارطة طريق حقيقية لتدبير بالمغرب، يعكس التزام الملك الثابت نحو هذه المادة الحيوية مما يضمن التنمية المستدامة للمملكة”. وأبرز الأهمية التاريخية لهذا الخطاب الملكي، مذكرا بالجهود المبذولة تحت قيادة الملك محمد السادس من أجل مواجهة ندرة التساقطات المطرية والتدبير الجيد للموارد المائية للبلاد.
وأشار الودادي إلى أن من بين التوجيهات الملكية تلك التي تولى أهمية لبناء السدود لاسيما في المناطق التي تعرف تساقطات مطرية مهمة، وكذا تسريع إنجاز محطات تحلية مياه البحر على غرار محطة الدارالبيضاء لتحلية الماء التي ستكون الأكبر بإفريقيا.
وأبرز أن خطاب الملك سلط الضوء على الرابط الحيوي بين هذه المشاريع الهيدروليكية وتطوير الطاقات المتجددة، مضيفا أن مساءلة كافة الفاعلين والمؤسسات والمواطنين بشأن ترشيد وعقلنة استعمال الماء، تشكل أيضا مساهمة مهمة للحفاظ على الماء.
وأضاف “إن الملك ذكر بأهمية الترسانة القانونية لاسيما شرطة المياه من أجل ضمان حكامة أفضل للموارد المائية”.
وأشاد الودادي بالرؤية الملكية التي تدعو إلى التضامن الوطني حول قضية الماء لاسيما عبر الربط بين الأحواض المائية. وخلص الخبير إلى أن “هذه الرؤية الملكية المتبصرة تمكن المغرب من مواجهة تحديات التغيرات المناخية مع الاستمرار في ضمان التزويد بالماء الصالح للشرب والأمن الغذائي للبلاد”.
خارطة الطريق لمواجهة الإجهاد المائي
من جانبه، أكد الباحث والخبير في مجال البيئة والتنمية، محمد فتوحي، أن الخطاب السامي الذي وجهه الملك محمد السادس إلى الأمة، بمناسبة عيد العرش المجيد، يشكل خارطة طريق لمواجهة تحديات الإجهاد المائي بالمغرب.
وأوضح فتوحي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن خطاب الملك أعطى تشخيصا واقعيا وعلميا للوضعية المائية بالمملكة، مسجلا أن المغرب انتقل إلى مرحلة تفرض تدبير الندرة والخصاص المائي، لاسيما مع استفحال إشكالية التغيرات المناخية.
وأبرز الخبير أن الخطاب السامي للملك ربط الوضعية المائية الحالية بعوامل خارجية كالجفاف والتغيرات المناخية، ولكن ربطه أيضا ب”أنماط استهلاكنا وأنماط حكامتنا لاستهلاك المياه”، مشيرا إلى أن الملك ركز على موضوع نمط الحكامة وضرورة تبني رؤية تكاملية مندمجة ما بين كافة القطاعات تقوم على التكامل والتنسيق بما يضمن توفير الماء الشروب، ولكن أيضا الماء للأمن الغذائي.
وذكر الخطاب الملكي، حسب الخبير، بأن المملكة تبنت في السابق استراتيجيات مهمة في مجال توفير المياه، من قبيل سياسة تشييد السدود التي آتت أكلها، مبرزا أن الملك شدد، في هذا الصدد، على ضرورة الاستمرار في سلك نفس النهج ولكن برؤية متجددة تعتمد، على الخصوص، على توفير الماء بكلفة أقل عبر تحلية مياه البحر باستخدام الطاقات المتجددة.
وسلط فتوحي الضوء، أيضا، على موضوع التضامن المجالي من خلال ضرورة الربط بين الأحواض المائية ذات الوفرة المائية إلى الأحواض التي تعرف ندرة في المياه، مشيدا، في هذا الصدد، بدعوة الملك في خطابه السامي، إلى تسريع إنجاز هذه المشاريع الكبرى لنقل المياه بين الأحواض المائية.