دولي

أوروبا تختار الاستقرار بإعادة انتخاب فون دير لاين على رأس الموفضية الأوروبية

أوروبا تختار الاستقرار بإعادة انتخاب فون دير لاين على رأس الموفضية الأوروبية

كانت هي الخيار الأول لقادة الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، دون أي خيار آخر مطروح على الطاولة. وقد وافق عليها نواب البرلمان الأوروبي أول أمس الخميس. وبإعادة انتخاب رئيسة المفوضية الأوروبية المنتهية ولايتها، أورسولا فون دير لاين، لولاية جديدة مدتها خمس سنوات، تجنح أوروبا بذلك نحو الاستمرارية والاستقرار، في سياق لا يسمح بمزيد من عدم اليقين والاضطرابات.

وحتى قبل جلسة التصويت، التي منحتها أغلبية مريحة بـ 401 من أصل 719، حظي خطاب فون دير لاين أمام نواب البرلمان الأوروبي بترحيب مطول، على النقيض من خطابها قبل خمس سنوات، حيث فازت بفارق تسع أصوات فقط.

وتضمن خطابها العديد من إشارات الاطمئنان تجاه معسكرها، الحزب الشعبي الأوروبي، والشريكان في التحالف الأوروبي التقليدي (الاشتراكيون الديمقراطيون والليبرالييون “رينيو”) وكذلك الخضر، مع تأكيد قطيعة واضحة مع كتلة أقصى اليمين. وقالت فون دير لاين في هذا الصدد: “لن أقبل أبدا أن يدمر الديماغوجيون والمتطرفون أسلوبنا الأوروبي في الحياة”.

ومع اختيار “الاستمرارية والعقلانية”، ستعمل الرئيسة الجديدة للسلطة التنفيذية الأوروبية الآن، حسب قولها، من أجل”أوروبا أقوى، تضمن الازدهار، تحمي الناس، وتدافع عن الديمقراطية، تضمن العدالة الاجتماعية وتساعد الأشخاص، تنفذ ما اتفقت بشأنه بطريقة عادلة، وتلتزم بأهداف الصفقة الخضراء لأوروبا بطريقة واقعية، مع احترام الحياد التكنولوجي وتعزيز الابتكار”.

ولا تنطلق الألمانية البالغة من العمر 65 عاما، والتي ستسير على خطى الفرنسي جاك ديلور والبرتغالي جوزيه مانويل باروسو، الوحيدان اللذان قضيا ولايتين على رأس السلطة التنفيذية الأوروبية، من نقطة الصفر. فأنصارها يعتقدون أن إدارتها الفعالة للأزمات المتعددة، من البريكست إلى جائحة كورونا، مرورا بالحرب في أوكرانيا وأزمة الطاقة، منحتها مكانة قوية يجب استغلالها على نحو جيد.

ولتبديد بعض الشكوك حول أن ولايتها الثانية لن تكون بنفس طموح الأولى، كشفت فون دير لاين عن مقترحات جديدة وقدمت وعودا تتوافق إلى حد كبير مع المطالب التي عبرت عنها العائلات السياسية الرئيسية في البرلمان.

ويبدو أن اختيارات فون دير لاين محددة بشكل واضح. فخلال السنوات الخمس المقبلة، سيكون الاقتصاد على رأس أولويات الولاية الثانية لرئيسة المفوضية، التي تعد بتعزيز الازدهار والتنافسية المستدامة للاتحاد الأوروبي.

وتوضح المفوضية في “توجهاتها السياسية لفترة 2024-2029” أن هذا الوعد سيتم الوفاء به من خلال تسهيل حياة الشركات. وسيتعين على كل مفوض أوروبي دراسة سبل تخفيف العبء الإداري، لا سيما على المقاولات الصغيرة والمتوسطة. وسيكون من ضمن أولوياتها أيضا وضع “ميثاق للصناعة النظيفة” الذي تلتزم بتقديمه خلال المائة يوم الأولى من فترة ولايتها.

وأضافت أن “الأمر يتعلق بتبسيط وضمان الحصول على إمدادات الطاقة والمواد الأولية بأقل تكلفة ومستدامة وآمنة والاستثمار لهذا الغرض، وبالتالي تمهيد الطريق لتحقيق هدف خفض الانبعاثات بنسبة 90 بالمائة بحلول عام 2040، والذي سنقترح تكريسه في قانون المناخ الأوروبي”. وستكون إحدى الرافعات المالية لتحقيق ذلك هي تعبئة المدخرات الخاصة، والتي تريد أن يتم استثمارها أكثر في الفلاحة والصناعة والتقنيات الرقمية أو الاستراتيجية، بمساعدة بنك الاستثمار الأوروبي.

وتابعت قائلة”سنقترح إنشاء اتحاد أوروبي للادخار والاستثمارات. ولا ينبغي للشركات الأوروبية الناشئة اللجوء إلى الولايات المتحدة أو آسيا لتمويل توسعها”.

بالإضافة إلى ذلك، “سيدعم صندوق التنافسية الأوروبي الجديد مشاريع الابتكار المشتركة والعابرة للحدود بهدف “ضمان تطوير تكنولوجيا استراتيجية وتصنيعها هنا في أوروبا”.

كما سيكون القطاع الفلاحي، الذي يعيش على ايقاع المظاهرات الغاضبة للمزارعين في بروكسيل وفي جميع أنحاء أوروبا، ضمن أولوياتها، تبرز المسؤولة الأوروبية التي أكدت على “ضرورة حصول المزارعين على دخل عادل وكاف، ولكن أيضا أن تتم مكافأة المزارعين الذين يعملون في انسجام مع الطبيعة”.

ولمواجهة التهديدات العسكرية، تسعى الزعيمة الألمانية المحافظة لجعل الاتحاد الأوروبي للدفاع حقيقة واقعة. طموح سيتم تحقيقه من خلال تعيين مفوض مسؤول عن الدفاع وإنشاء سوق موحدة حقيقية للمنتجات والخدمات الدفاعية. “نحن بحاجة إلى زيادة الاستثمار في القدرات الدفاعية المتطورة. ليس فقط لحماية مجالنا الجوي، ولكن أيضا كرمز قوي لوحدة أوروبا في مجال الدفاع”.

أما بالنسبة للحدود الخارجية، فهي تعتزم تعزيزها من خلال “إدارة رقمية أوروبية تعمل بكامل طاقتها” وتقترح مضاعفة عدد حرس الحدود وخفر السواحل الأوروبية في وكالة فرونتكس ثلاثة مرات ليصل إلى 30 ألف فرد، مع الدعوة إلى “ميثاق جديد من أجل البحر الأبيض المتوسط” يعطي الأولوية “للشراكات الاستراتيجية”. وسيتولى مفوض أوروبي المسؤولية الحصرية عن منطقة البحر الأبيض المتوسط.

وضمن مجموعة التدابير الأخرى، تدعو رئيسة الجهاز التنفيذي للاتحاد الأوروبي إلى خطة أوروبية للإسكان تهدف إلى دراسة “جميع العوامل” الكامنة وراء أزمة السكن، وإصلاح شامل لميزانية الاتحاد الأوروبي، وتكييفها بشكل أفضل مع احتياجات كل دولة عضو، إلى جانب بلورة خارطة طريق لحقوق المرأة.

وبعد انتخاب فون دير لاين، ستكون الخطوة الموالية هي تشكيل أجهزة المفوضية. وسترسل الرئيسة المنتخبة للمفوضية الأوروبية رسائل رسمية إلى رؤساء دول وحكومات الدول الأعضاء لدعوتهم إلى اقتراح مرشحيهم لمناصب المفوضين الأوروبيين (ويفضل أن يكون رجلا وامرأة، لتحقيق المناصفة داخل السلطة التنفيذية الجديدة).

بعد ذلك سيشرع البرلمان الأوروبي في الاستماع إلى المرشحين في اللجان المختصة بعد الصيف. من المقرر أن تعقد جلسات الاستماع للمفوضين في أواخر شتنبر، أوائل أكتوبر، وهو ما سيسمح للسلطة التنفيذية الجديدة بتولي مهامها في 1 نونبر ما لم تحدث أي مفاجآت.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News