دولي

“وثائق باندورا”.. قادة العالم ينفون تورطهم في فضيحة الملاذات الضريبية

“وثائق باندورا”.. قادة العالم ينفون تورطهم في فضيحة الملاذات الضريبية

رفض الكثير من الدول والقادة، أمس الإثنين، المعلومات التي كشفها تحقيق واسع أجراه الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين واتهم مئات السياسيين وأقاربهم بإخفاء أصول في شركات “أوفشور” بهدف التهرب الضريبي خصوصا.

وكشف التحقيق الذي نشرت نتائجه، أمس الأحد، أن عددا من القادة السياسيين بينهم رئيس الوزراء التشيكي وملك الأردن عبد الله الثاني ورئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي ورئيسا كينيا أوهورو كينياتا والإكوادور غييرمو لاسو، أخفوا أصولا في شركات “أوفشور” بهدف التهرب من الضرائب خصوصا.

وسُمي التحقيق الذي شارك فيه نحو 600 صحافي بـ”وثائق باندورا” في إشارة إلى أسطورة صندوق باندورا الذي يحوي كل الشرور. وهو يستند إلى نحو 11.9 مليون وثيقة من 14 شركة خدمات مالية كشفت وجود أكثر من 29 ألف شركة أوفشور.

وحسب هذه الوثائق، أنشأ العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني ما لا يقل عن ثلاثين شركة أوفشور في بلدان أو أقاليم ذات أنظمة ضريبية متساهلة، واشترى عبرها 14 عقارا فاخرا في الولايات المتحدة وبريطانيا بأكثر من 106 ملايين دولار.

لكن الديوان الملكي في عمان أكد في بيان أن هذه المعلومات “غير دقيقة” و”مغلوطة” معتبرا أن نشر عناوينها يشكّل “تهديدا لسلامة الملك وأسرته”، موضحا أن الملك تحمّل شخصيا كلفة عقاراته في الخارج.

كذلك، رفض الكرملين الذي طالته الاتهامات “مزاعم لا أساس لها”. وحسب تحقيق الاتحاد الدولي حصلت سفيتلانا كريفونوجيخ، التي قدمتها وسائل الإعلام الروسية على أنها عشيقة سابقة للرئيس، فلاديمير بوتين، في 2003 على شقة في مقابل أربعة ملايين دولار في موناكو عبر حسابات أوفشور. كما ورد ذكر مقربين آخرين من الرئيس الروسي في التقرير.

ونفى رئيس وزراء ساحل العاج باتريك أتشي أيضا، الذي كان يدير شركة في جزر الباهاماس حتى 2006 على الأقل وفقا للتحقيقات، أمس الإثنين أن يكون قام بأي “عمل غير قانوني”.

وكان رئيس الوزراء التشيكي أندريه بابيش نفى أمس الأحد أن يكون أودع 22 مليون دولار في شركات وهمية لتمويل شراء قصر في موجان بجنوب فرنسا، وكتب على تويتر: “لم أفعل على الإطلاق أي شيء غير قانوني أو خاطئ، لكن هذا لا يمنعهم من محاولة تشويه سمعتي والتأثير على الانتخابات البرلمانية التشيكية” المقرر إجراؤها الجمعة والسبت المقبلين.

ووضع الرئيس الإكوادوري، غييرمو لاسو، أموالا في صندوقين ائتمانيين مقرهما الرئيسي في الولايات المتحدة في ولاية داكوتا الجنوبية، حسب الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين الذي تحدث عن رئيسي تشيلي وجمهورية الدومينيكان أيضا.

وقال لاسو، وهو مصرفي سابق، في بيان “صرحت عن كل مداخيلي ودفعت الضرائب المترتبة في الإكوادور، مما جعلني أحد دافعي الضرائب الرئيسيين في البلاد شخصيا”، وأضاف أن “جميع الاستثمارات في الإكوادور والخارج جرت في إطار القانون”.

ويمتلك الرئيس الكونغولي دينيس ساسو نغيسو منذ حوالى عشرين عاما شركة أوفشور في جزر فيرجين البريطانية، بينما كان الرئيس الغابوني علي بونغو يمتلك شركتين هناك في نهاية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، حسب صحيفة “لوموند” الفرنسية اليومية.

في المجموع، ربط الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين بين الأصول الخارجية و336 من كبار المسؤولين التنفيذيين والسياسيين الذين أنشأوا نحو ألف شركة أكثر من ثلثيها في جزر فيرجين البريطانية.

وتتعلق حوالى مليوني وثيقة من أصل 11.9 مليون حصل عليها الصحافيون في إطار “وثائق باندورا” بـ”ألكوغال”، حسب الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين الذي أكد أن مكتب المحاماة البنمي هذا لعب “دورا رئيسيا في التهرب الضريبي” وشارك في إنشاء حسابات لإخفاء أموال أكثر من 160 شخصية.

ورأت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أن هذه الممارسة “غير مقبولة إطلاقا” وعلى الاتحاد الأوروبي “العمل أكثر” على هذه المسالة.

ووردت في التحقيق أيضا أسماء المغنية شاكيرا وعارضة الأزياء كلوديا شيفر وكذلك رئيس الوزراء البريطاني السابق، توني بلير، لشرائه عقارات في لندن، والوزير الفرنسي السابق دومينيك ستروس كان.

وقال التحقيق إن المدير العام السابق لصندوق النقد الدولي قام بتحويل ملايين من الدولارات من أتعاب نشاطاته الاستشارية، عبر شركة مغربية معفاة من الضرائب.

وكتب ستروس كان على تويتر “إنني مقيم ضريبيا في المغرب منذ 2013.. وأدفع ضرائبي هناك بحدود 23.8 بالمئة من أرباحي، ما عادل 812 ألف يورو للسنوات 2018 و2019 و2020”.

وفي معظم البلدان، لا يعاقب القانون على هذه الأفعال. لكنها محرجة بالنسبة لبعض القادة، إذ يقارن الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين بين خطاب مكافحة الفساد لدى البعض واستثماراتهم في الملاذات الضريبية.

وعلى هذا الصعيد، أكد الرئيس الكيني، أوهورو كينياتا، مرارا تصميمه على محاربة الفساد وإلزام المسؤولين الكينيين بالشفافية بشأن ثرواتهم، في حين كشفت “وثائق باندورا” أنه يملك مؤسسة في بنما والعديد من أفراد عائلته المباشرين أكثر من 30 مليون دولار في حسابات خارجية.

وعلّق كينياتا على التقرير مرحبا بتحقيق “سيساهم في تحسين الشفافية المالية”، بدون أن يرد على الاتهامات.

وكشف التقرير أن الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلنسكي، الذي بنى صورته على مكافحة الفساد، أقام اعتبارا من 2012 شبكة من الشركات “أوفشور” استخدمها بصورة خاصة لشراء ثلاثة أملاك باهظة في لندن، غير أن الرئاسة الأوكرانية برّرت ذلك بضرور “حماية نفسه” من “الأنشطة العدوانية” لنظام الرئيس السابق فيكتور يانوكوفيتش الموالي لروسيا.

وورد اسم وزير الاقتصاد البرازيلي باولو غيديس في هذه الوثائق لإخفائه أصولا خلف شركات أوفشور، إلا أن الوزير أكد أن كافة نشاطاتها كانت قانونية ومصرّح بها للسلطات الضريبية.

من جانبه، طلب الرئيس المكسيكي أندريس مانويل لوبيز أوبرادور فتح تحقيق يستهدف نحو ثلاثة آلاف مكسيكي يُشتبه في أنهم أخفوا ممتلكات في ملاذات ضريبية للتهرب من الضرائب، بينهم أحد وزرائه، وقد وردت أسماء جميعا في “وثائق باندورا”.

وكان المركز الأمريكي للنزاهة العامة أنشأ في 1997 الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين الذي أصبح كيانا مستقلا في 2017. وتضم شبكة الاتحاد 280 صحافيا استقصائيا في أكثر من مئة دولة ومنطقة فضلا عن حوالى مئة وسيلة إعلام شريكة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News