دولي

بمدرسة متنقلة.. معلمة تمنح الأمل لأطفال نازحين وسط قطاع غزة

بمدرسة متنقلة.. معلمة تمنح الأمل لأطفال نازحين وسط قطاع غزة

وسط ظروف قاسية خلفتها 9 أشهر من حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة، تحاول المعلمة المتطوعة نور نصار (24 عاما) منح الأطفال حقهم بالتعليم الذي سلبته منهم الحرب الإسرائيلية المتواصلة منذ السابع من أكتوبر الماضي، بعد تدميرها للمدارس والمباني التعليمية إضافة لما فرضته من ظروف معيشية قاسية.

نصار، التي أجبرت على ترك منزلها في رفح (جنوب) بسبب العملية الإسرائيلية والنزوح لمدينة دير البلح (وسط)، وجدت نفسها أمام مهمة إعادة الحق بالتعليم لبعض الأطفال النازحين.

وبإصرار كبير، تجوب نصار مخيمات النازحين والمناطق المدمرة برفقة مدرستها المتنقلة والتي تحملها داخل حقيبة قماشية كبيرة.

وتدمج نصار الأنشطة التعليمية مع الترفيهية لخلق أجواء من التفاعل بين الأطفال وللتخفيف من حدة التوتر التي خلفتها الحرب وتداعياتها.

ودمرت إسرائيل منذ بدء حربها على قطاع غزة، حوالي 110 مدارس وجامعات بشكل كلي، و321 مدرسة وجامعة بشكل جزئي، وفق آخر إحصائية نشرها المكتب الإعلامي الحكومي بغزة.

وخلال الشهور الـتسعة الماضية، حرم جميع الأطفال من حقهم في التعليم جراء الحرب، فيما نزل الآلاف منهم إلى الشارع من أجل مساندة عائلاتهم في توفير لقمة العيش أو لجلب المساعدات الغذائية والمياه.

“مدرسة على الطريق”

بعد وصولها لأحد مخيمات النزوح وسط القطاع، بدأت المعلمة نصار بتجهيز فصلها الدراسي عبر تثبيت السبورة الصغيرة التي أخرجتها من حقيبتها القماشية، داخل إحدى الخيام.

علقت فوق السبورة لافتة كُتب عليها جملتين: “مدرسة على الطريق” و”ما دام الأمل طريقا فسنحياه”.

وبدأت نصار عمليتها التعليمية، بتنفيذ مجموعة من الأنشطة البدنية، التي تساعد الطلاب في تنشيط أذهانهم وتخفيف حدة التوتر.

تقول المعلمة نصار للأناضول، إن الهدف من مبادرتها التي أطلقت عليها اسم “مدرسة على الطريق”، هو “مقاومة الاحتلال بتعليم الأطفال”.

وتابعت: “الاحتلال دمر المدارس والمباني التعليمية في مسعى منه لتجهيل الأطفال والطلاب، اليوم ومن خلال هذه المبادرة نقاوم هذا الهدف ونزرع حب التعليم داخل الأطفال”.

 تحديات كبيرة

واجهت المتطوعة “نصار”، مجموعة من التحديات لتنفيذ هذه الفكرة المبادِرة تمثلت أبرزها في عدم تقبل الأطفال لفكرة العودة للتعليم بعد أن التحقوا بأعمال من شأنها أن تساهم في توفير لقمة العيش لعائلاتهم.

وقالت عن ذلك: “حينما طلبت من طفل الالتحاق بالصف قال لي أفضل أن أذهب لأجمع النقود، الدراسة لن تفيدني بشيء في هذه الظروف”.

رد هذا الطفل كان يتسق مع تفكير بعض الأهالي الذين وجدوا في أطفالهم معيلا لهم، بعد أن فقدوا المعيل الأساسي لهم سواء بالقتل أو الاعتقال أو الإصابة.

حاولت “نصار” تجاوز هذا التحدي من خلال تنفيذ حملات توعوية تشمل أهالي الأطفال والأطفال ذاتهم، لحثهم على أهمية العودة للتعليم.

وبعد فترة، نجحت نصار في تخطي هذا التحدي حيث وجدت مجموعة من الأطفال الذين انضموا للعمالة، يتركون أعمالهم ويلتحقون بدروسها، كما قالت.

وتابعت: “حولت من خلال حملات التوعية، عزوف الأطفال والعائلات عن الالتحاق بالدروس التعليمية، إلى رغبة ملحة”.

واستكملت قائلة: “بعد قترة ترك مجموعة من الأطفال أعمال البيع في الشارع والتحقوا بالدراسة”.

 لماذا مدرسة متنقلة؟

تقول المعلمة “نصار”، إن فكرة إنشاء المدرسة المتنقلة جاءت من أجل طمأنة الأهالي على أطفالهم الذين يلتحقون بالعملية التعليمية.

وتتابع: “فكرة وجود مدرسة بالقرب من مكان نزوح الأطفال أو إقامتهم تبعث بالطمأنينة في نفوس الأهالي، خاصة في ظل التوتر والقصف المستمر الذي يتعرض له قطاع غزة”.

وتشير إلى أنها تجوب بهذه المدرسة مخيمات النزوح ومناطق تضم منازل مهدمة عاد إليها سكانها.

ولفتت إلى أن مدرستها المتنقلة تستهدف الأطفال من عمر 6-11 عاما، قائلة: “إنها تسعى لتوسيع النقاط التعليمية واستهداف أطفال بفئات عمرية أكبر”.

الأطفال: حقوق وأمانٍ

الطفل فواز الغلايني (10 أعوام)، الذي التحق بالمدرسة المتنقلة، يقول للأناضول إنه “كان بحاجة لذلك من أجل تنشيط ذاكرته واسترجاع معلوماته بعد تغيب دام 9 شهور عن المدرسة”.

وأعرب عن آماله في العودة إلى منزله الواقع في المحافظة الشمالية من القطاع.

فيما عبر الطفل محمد شهاب، النازح من مدينة غزة، عن “فرحته إزاء التحاقه بالمدرسة المتنقلة”.

وتابع للأناضول: “كنا محتاجين لهذه الفسحة من التعليم”، معربا عن آماله في استمرار عمل هذه المدرسة.

وفي 4 يونيو الجاري، قالت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، في منشور على منصة “إكس”، إن الأطفال في غزة “يمرون بكابوس لا نهاية له”.

وتابعت: “القصف والتهجير القسري ونقص الغذاء والماء وعدم الحصول على التعليم تسبب صدمة لجيل بأكمله”.

ومنذ 7 أكتوبر 2023، تشن إسرائيل حربا مدمرة على غزة بدعم أمريكي مطلق، أسفرت عن نحو 124 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وأكثر من 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال.

وتواصل إسرائيل هذه الحرب متجاهلة قراري مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية بإنهاء اجتياح رفح، واتخاذ تدابير لمنع وقوع أعمال إبادة جماعية، وتحسين الوضع الإنساني المزري بغزة.

كما تتحدى تل أبيب طلب مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية كريم خان إصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعها يوآف غالانت؛ لمسؤوليتهما عن “جرائم حرب” و”جرائم ضد الإنسانية” في غزة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News