رياضة

يونس المشرفي.. راعي القمار الأول بالمملكة وسبب مشاكل الشباب المغربي الحالم

يونس المشرفي.. راعي القمار الأول بالمملكة وسبب مشاكل الشباب المغربي الحالم

أحدث اقتحام شركة “1XBET” سوق “القِمار” المغربي رجة قوية داخل المغربية للألعاب والرياضة “MDJS”، التي عجز مديرها العام، يونس المشرفي، حتى الآن عن الالتزام بشعارات حماية المقامرين من الاحتيال والمُراهنات غير القانونية التي تعصف بمستقبل شباب مغربي هش أغوته أوهام الانتقال السريع من مستنقع الفقر إلى أبراج الثراء بجرة قلم أو ضغطة زر.

ويعد “القمار الرياضي” في المغرب من القطاعات المُبعدة عن الأضواء لـ”غاية في نفس يعقوب”، إذ تعد التقارير السنوية الصادرة عن المغربية للألعاب والرياضة، أكبر مستحوذ على سوق ألعاب القمار بالمغرب، شحيحة إن لم تكن منعدمة في السنوات الأخيرة، سواء ما تعلق بعدد الممارسين للمراهنات أو رقم المعاملات والتقارير المالية المفصلة.

لكن المُثير للاستغراب أكثر أن يقف، يونس المشرفي، ومعه المغربية للألعاب والرياضية، موقف المشاهد أمام استشراء “سرطان” المراهنات غير القانونية بالمغرب واستبداده بالعقول الصغيرة لشباب حالم في مقتبل العمر، الذي يركض خلف أوهام الربح السريع والمضمون.

تواري المشرفي ومعه “MDJS” فسح المجال دون أدنى شك أمام أباطرة المقامرة الإلكترونية بـ”اللعب غير النظيف” بأجيال تصرف عليها الملايين لتكون مستقبل المملكة.

1XBET”.. سوق القمار المغربي خارج السيطرة

ورغم إعادة انتخابه عضوا باللجنة التنفيذية لاتحاد اليانصيب من أجل النزاهة في الرياضة “ULIS”، في يونيو الماضي، ممثلا وحيدا لإفريقيا ضمن الأعضاء السبعة لهذه اللجنة، والذين يمثلون بلدان أوروبا وآسيا وأمريكا الشمالية، يبدو أن هذه المسؤولية أضحت أثقل من كتفي المشرفي، الذي يرأس “MDJS” منذ عقد ونيف.
المشرفي، الذي يفترض أن يكون أحد “دركيي العالم” لمراقبة الرهانات الرياضية ونزاهة الرياضة وحمايتها من الغش والتلاعب في نتائج المباريات الرياضية التي تدعم المراهنات، لم نسمع له رِكزا في كل القضايا التي ثبت التلاعب بنتائجها أو التي فُتح فيها تحقيق لم تُعرف نتائجه إلى الآن، كما لم نسمع يوما عن “مُراهني المناسبات” الذين قد يكونوا جنوا الملايير جرّاء هذه التلاعبات، لتظل أرباح المراهنين بهذا القطاع “بلا حسيب أو رقيب”.

حرب خاسرة.. شركات المراهنة تتناسل

الإقرار بالفشل جاء من “MDJS” نفسها، عندما كشف خالد النايلي، المكلف بمهمة بالمغربية للألعاب والرياضة، الجانب المعتم من المراهنات الرياضية بالمغرب، مؤكدا في تصريحات صحفية أنه “لا توجد وسيلة حقيقية لقياس السوق غير القانونية للمراهنات بالمغرب بسبب انعدام الشفافية”.

لكنه اعترف، في تصريحات العام الماضي، أن التقديرات تشير إلى أن المغرب “بخسر 50 بالمئة من حجم السوق، الأمر الذي يُضَخُّ في جيوب الفاعلين غير القانونيين بالمملكة”، ما يؤكد فشل سياسات “MDJS” تحت قيادة المشرفي لمكافحة “القمار غير القانوني”، وبالتالي ذهاب كل شعارات حماية الشباب من الإدمان والاحتيال والخداع أدراج الرياح.

الشاهد على ذلك أن النايلي أوضح في تصريح آخر أن شركات المراهنة غير القانونية مثل “1XBET”، التي تغلغلت بالسوق المغربي دون الحصول على ترخيص، “تقدم احتمالات ربح جذابة للغاية مع معدل عائد يصل إلى 95 بالمئة (المعدل الطبيعي هو حوالي 66 بالمئة)”، لافتا إلى أن ذلك “يمكن أن يؤدي إلى سلوك إدماني”، مشددا أيضا على أن هذه “المعدلات المرتفعة تجذب القاصرين بشكل خاص ويمكن أن ترفع خطر الأنشطة الاحتيالية أو حتى الإجرامية، بما في ذلك تمويل الإرهاب”.

“MDJS”.. مستقبل الشباب في مهب وهم الربح السريع

وتعد المغربية للألعاب المستحوذ الأول على سوق المراهنات في المغرب. ففي أبريل 2022، كشف المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، خلاصات مقلقة عن واقع السلوكات الإدمانية، بينها المراهنات.

وأوضح الرأي، الذي أجراه “مجلس الشامي” تحت عنوان “مواجهة السلوكات الإدمانية: واقع الحال والتوصيات”، أن المعطيات والبحوث التي أنجزها الفاعلون في مجال الألعاب، تشير إلى أن 3.3 ملايين شخص في المغرب يمارسون ألعاب الرهان.

وذكر التقرير أن معطيات “اليانصيب الوطني” المتعلقة بسنة 2020، توضح أن عدد عمليات الرهان اليومية قد بلغ 224.166 ألف مراهنة، بمتوسط مبلغ مراهنة قدره حوالي 10 دراهم (9.34 دراهم)، كما تشير التقديرات إلى أن كل مراهن يراهن 2.1 مرة في الشهر، أي ما يمثل حوالي 3.3 ملايين مراهن، بما يعادل نحو 12.7 في المئة من الساكنة البالغة من العمر 15 سنة فما فوق، رغم أن القانون يمنع المراهنة على القاصرين (دون 18 عاما).

وتحظى المغربية للألعاب بالجزء الأكبر من “كعكة المراهنين” بالمغرب، إذ كشف المجلس الاقتصادي والاجتماعي أن التقديرات تشير إلى أن مغربيا واحدا من بين كل 10 مغاربة (10.6 في المئة) ممن يتجاوز سنهم 15 سنة يشارك في ألعاب الرهان التي تنظمها “MDJS”، أي ما يقدر في المجموع بنحو 2.8 مليون مراهن.

وتقدر نسبة المراهنين الذكور الذين تزيد أعمارهم عن 15 سنة بـ 19.4 في المئة، مقابل 1.5 في المئة من النساء، كما أن هذه النسبة تسجل بشكل أكبر في المناطق الحضرية مقارنة بالمناطق القروية (13.4 في المئة مقابل 6.1 في المئة).

الإدمان..  فشل ذريع لسياسات عرجاء

ويشكل خطر الإدمان على المراهنات من بين التحديات التي تقاس بها نجاعة عمل شركات المراهنة، الأمر الذي لا ينطبق على المغربية للألعاب، التي أقرت بأن خطر الإدمان على المراهنات التي تشرف عليها مرتفع للغاية، ما يؤشر على غياب حماية حقيقية للشباب من الوقوع في براثن الإدمان المرضي للمراهنات، وما يتبع ذلك من خطر البحث عن مصادر أخرى غير قانونية لإشباع رغبتهم المرضية.

ووفق دراسة أجرتها المغربية للألعاب حول انتشار الممارسات الإدمانية والمفرطة لألعاب الرهان في المغرب سنة 2020، تضمنها رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، فإن 40 في المئة من المراهنين معرضون لخطر محدق جدا للإدمان، و60 في المئة يعتبرون معرضين لخطر مرتفع أو متوسط، بينما يعتبر 35 في المئة فقط من المراهنين معرضين بدرجة ضعيفة لخطر الإدمان.

وكشفت الدراسة أن احتمالية تعرض المتزوجين لمخاطر عالية للإدمان تصل نسبة 21.4 في المئة مقارنة بالعازبين، كما أن المطلقين أكثر عرضة بنسبة 43 في المئة من العازبين.

وأظهرت الدراسة أن الاستهلاك اليومي للمواد المسببة للإدمان غالبا ما يكون مصحوبا بالإدمان على ألعاب الرهان، لا سيما السجائر بـ64 في المئة من المراهنين المدمنين والقنب الهندي بـ25.8 في المئة من المراهنين المدمنين.

اللعب المسؤول.. سياسات الشتات

وكشف “مجلس الشامي” أن الفاعلين الوطنيين في هذا الميدان لا يقومون بمهمة مكافحة ألعاب الرهان السرية على أكمل وجه، مبرزا أن وسائل الإعلام تتحدث بشكل متكرر عن وجود فضاءات لعب غير نظامية، كما تسلط الضوء عن عدم احترام موزعي الفاعلين الوطنيين للقوانين الجاري بها العمل خاصة السماح للقاصرين باللعب.

ونبّه إلى أن سياسات اللعب المسؤول تم وضعها من طرف الفاعلين الثلاثة كل واحدة على حدة، دون أن تكون هناك التقائية أو تنسيق بينها، وفي غياب هيئة للإشراف والتقنين التقني وللأخلاقيات، ملاحظا في رأيه أن الوقاية من الإدمان والتكفل بالأشخاص في وضعية إدمان لا تندرج بكيفية ملموسة ضمن الالتزامات التي تقع على عاتق الفاعلين في مجال ألعاب الرهان

ما يفاقم هذا الخلل، الميزانية الضئيلة التي تخصصها المغربية للألعاب والرياضة للعب المسؤول، إذ أكد المجلس الاقتصادي والاجتماعي أنها لا تتجاوز 5 ملايين درهم، مقابل رقم معاملات ضخم يبلغ 3.3 ملايير درهم.

“غول المراهنات”.. شكايات على طاولة السلطات

خالد النايلي، المكلف بمهمة بالمغربية للألعاب والرياضة، أكد في تصريحات سابقة أن شركة “1XBET” توهم اللاعبين المغاربة “عن طريق استعمال العملة المغربية في المراهنات بأن نشاطها قانوني”، مشيرا إلى أن انخراطها في عمليات الرعاية الرياضية “يزيد من مصداقيتهم بين اللاعبين”.

ونبّه خالد النايلي إلى أن “1XBET” ليست الوحيدة التي اقتحمت سوق المراهنات المغربية، فقد سجلت أنشطة لشركات أخرى مثل “Cwinz” و”Betobet”، ما يؤكد أن سوق المراهنة بالمغرب أضحى خارج سيطرة المشرفي.

وأمام هذا الاستشراء، تقدمت الشركة المغربية للألعاب والرياضة، بشكوى رسمية لدى النيابة العامة ضد شركة “1XBET”، كما أن وزارتي الداخلية والاقتصاد والمالية وضعتا شكاية لدى الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بالرباط من أجل فتح تحقيق في نشاط الشركة في نونبر الماضي.

وأكدت تقارير متطابقة أن الوكيل العام للملك أمر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالإشراف على التحقيق في أنشطة الشركة التي لم تحصل على ترخيص قانوني لتقديم خدماتها على الإنترنت للمغاربة، بل وأضحت المستشهر الرسمي لفريق الرجاء الرياضي، إضافة إلى كونها أحد رعاة مسابقات الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم.

وتعد “1XBET” الروسية من الشركات المشبوهة في عالم المراهنات، وتم حظرها في مجموعة من الدولة الأوربية على غرار روسيا وإسبانيا، وفرنسا، وإيطاليا، وسويسرا، والبرتغال، التشيك، بولندا، هولندا، بلجيكا، إضافة إلى مصر، بسبب تورطها في أنشطة غير قانونية تتعلق بتبييض الأموال والاحتيال على المراهنين، زيادة على تشجيعها على القمار والمراهنة بطريقة غير أخلاقية تتنافى مع القوانين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News