خدمات

خبراء اقتصاديون وقانونيون يكشفون لـ”مدار21″ تناقضات قرار محكمة العدل الأوروبية

خبراء اقتصاديون وقانونيون يكشفون لـ”مدار21″ تناقضات قرار محكمة العدل الأوروبية

بالرغم من مضي ساعات معدودة على صدور قرار محكمة العدل الأوروبية في لوكسمبورغ يقضي بإيقاف سريان الاتفاقيات التجارية المبرمة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب بدعوى أنها تشمل منتجات فلاحية وسمكية قادمة من الصحراء المغربية، إلا أن “الضبابية” تبقى سيدة الموقف حول مدى تأثير هذا القرار على الاتفاقية التي تجمع المملكة بالاتحاد الأوروبي من عدمه، خاصة وأنها صادرة عن سلطة ليست تنفيذيةً لكن لها وزنها القاري الذي جعل من القرار “مزلزلا” بالنسبة للمملكة ومن المؤكد سيكون له ما بعده على الشراكة الأورو- مغربية للازدهار المشترك التي انطلقت في يونيو 2019.

المغرب والاتحاد الأوروبي، من جانبهما أعلنا في تصريح مشترك، اليوم الأربعاء، التزامهما بمواصلة شراكتهما التجارية واتخاذ “الإجراءات الضرورية من أجل تأمين الإطار القانوني الذي يضمن استمرارية واستقرار العلاقات بينهما”.

وأورد وزير الخارجية ناصر بوريطة، والممثل السامي للاتحاد الأوروبي المكلف بالسياسة الخارجية، جوزيف بوريل، في بلاغهما المشترك: “سنظل على أتمّ الاستعداد من أجل مواصلة التعاون في مناخ من الهدوء والالتزام لتوطيد الشراكة الأوروبية -المغربية”، مضيفا: “سنتخذ الإجراءات الضرورية من أجل تأمين الإطار القانوني الذي يضمن استمرارية واستقرار العلاقات” بين الطرفين.

وقد نصّ الحكم الصادر عن المحكمة الأوروبية، بناء على الطعن الذي تقدمت بها جبهة “البوليساريو”، على “إلغاء قرارات مجلس الاتحاد الأوروبي المتعلقة باتفاقيتين مبرمتين مع المغرب حول المنتجات المغربية من جهة، والصيد البحري من جهة ثانية “، مشيرة إلى أن هذا القرار “لن يدخل حيز النفاذ إلا في غضون شهرين، حيث سيستمر العمل بالاتفاقيتين التجاريتين خلال هذه المدة”.

الحو: قرار فاقد للشرعية ومتنصل من الضوابط القضائية

وهذه النقطة بالذات، يعتبرها الخبير في القانون الدولي والهجرة ونزاع الصحراء، صبري الحو “منسلخة عن القاعدة القانونية، وفاقدة للشرعية ولا يمكن بتاتا التحجج بها من طرف القضاء الأوروبي من أجل استصدار هكذا قرار غير ملزم”.

الحو وفي تصريحه لـ”مدار21″، اعتبر إصدار القضاء الأوروبي لقرار إلغاء اتفاق الصيد البحري والزراعي بين المغرب والاتحاد الأوروبي، جعل القضاء يتجاوز كل الضوابط القضائية المتعلقة بالصفة والأهلية، مشيرا إلى أن “جبهة البوليساريو لا تتمتع بالصفة في اللجوء إلى القضاء وفقا لقرار نفس المحكمة سنة 2016، فهي لا تستمد أوراق وجودها القانوني من إحدى الدول المعترف بها دوليا ذلك أن الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة ومنظمة دول عدم الانحياز وغيرها، لا تعترف بالجبهة كدولة”.

ولفت الخبير القانوني إلى أن “استغلال الثروات الطبيعية في الصحراء محكوم بقواعد القانون الدولي وبالرأي الاستشاري لهانس كوريل في فبراير 2002، الذي يشترط فقط أن تنفق في تنمية الإقليم ولصالح الساكنة” مضيفا: “اشتراط موافقة البوليساريو لصحة الاتفاقات هو فرض لأمر غير موجود واقعا وقانونا”.

وأكد المتحدث أن القرار القضائي “يمنح التمثيلية البوليساريو على حساب ساكنة الصحراء وممثليهم في البرلمان والجهة والمجلس الترابية الأخرى، وهو بمثابة اتخاذ لموقف سياسي واضح ومسبق متحيز وغير حيادي لصالح البوليساريو، واتخاذ نظير هذا الموقف يعني أن هنالك قصور في الفهم والتنسيق بين أجهزة وآليات الاتحاد الأوروبي، مجلس أوروبا المفوضية والبرلمان”.

وأبرز الحو أن البرلمان الأوروبي بصفته الجهة التي تعكس إرادة الأمة الأوروبية صادق على الاتفاقيات، ويشرع القوانين، فكيف لجهة قضائية (المحكمة الأوروبية) تسهر على احترام هذه الإرادة أن تلغي اتفاقا صادق عليه البرلمان الأوروبي، مشيرا إلى أن “اتفاقية لشبونة المحددة ليسر عمل الأجهزة هو الفيصل في اختصاص المحكمة الأوروبية، وإصدارها لقرار إلغاء اتفاق تم وصادق عليه برلمانها في غياب قواعد قانونية أوروبية تحرم اللجوء إلى ذلك الاتفاق؛ يعتبر اعتداء على اختصاص البرلمان الأوروبي”.

جينيفيرا فوروود: قرار لن يغير شيء على أرض الواقع

من جانبها، قالت المحامية جينيفرا فوروود، اليوم الأربعاء، إن الحكم الابتدائي الصادر عن محكمة الاتحاد الأوروبي “لن يغير أي شيء على أرض الواقع بالنسبة للفاعلين الاقتصاديين”.

وأوضحت فوروود، في تصريح صحافي، أن الحكم الابتدائي الصادر عن محكمة الاتحاد الأوروبي بخصوص الاستئناف لإلغاء قرارات المجلس الأوروبي بشأن موضوع اتفاقيتي الفلاحة والصيد البحري مع المغرب “ليس نهائيا، ولن يغير أي شيء على أرض الواقع بالنسبة للفاعلين الاقتصاديين في قطاعي الفلاحة والصيد”.

وأوردت المتحدثة في تصريحها أنه “ليس هناك أي أثر قانوني على اتفاقيتي الفلاحة والصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي”، مبرزة أنه “سيكون هناك طلب استئناف أمام محكمة العدل الأوروبية ضد هذا الحكم”.

مصدر في الخارجية لـ”مدار21″: المغرب سيستأنف ضد هذا القرار المغلف بالسياسة

ولا يتنافى تصريح الخبيرين في المجال القانوني، مع ما تفضل به مصدر مسؤول في وزارة الخارجية لـ”مدار21″ أكد أن للقرار القضائي فعلا “مفعول سلبي في غياب أي تأثير اقتصادي أو تجاري على مسار الاتفاقية المبرمة بين المملكة والتكتل الأوروبي”.

مصدرنا المسؤول في وزارة الخارجية، الذي فضل عدم كشف هوية، رفض بالمطلق التقليل من شأن القرار الذي خرجت به المحكمة الأوروبية، مشددا على أن لهذا “القرار غير المنصف وذو صبغة سياسية، خاصة وأن المغرب في موقف سليم قانونيا على اعتبار أن إبرام الاتفاقية المشتركة لا يتنافى وقواعد القانون الدولي”.

وحول ما إذا كان المغرب سيستأنف قضائيا، قال المتحدث: “طبعا، فحقه مشروع والباطل قانونيا ودوليا هو ما تضمنه هذا القرار”.

وتابع المتحدث في تصريحه الخاص لـ”مدار21″: “ما يؤكد ما سبق أيضا هو أن المغرب في 2019 حصد غالبية أصوات البرلمان الأوروبي من أجل المصادقة على الاتفاقية التي تؤكد بما لا يقبل الشك أن المغرب هو المخول له قانونيا، في إطار ممارسة سيادته، التفاوض وتوقيع اتفاقيات تشمل الصحراء المغربية، وهو ما تحقق أيضا في هذه الاتفاقية”.

وشدّد مصدرنا في ختام تصريحه، على أن المغرب والاتحاد الأوروبي متمسكان بمبدإ تعزيز شراكتهما الاستراتيجية، بنفس روح التعبئة والتماسك والتضامن والاحترام المتبادل، في احترام تام للقواعد القانونية الذي يضمن استقرار واستمرار العلاقات بين التكثل الدولي والمملكة من جهة أخرى”.

المهدي الفقير: قرار “مهزوز” ولا يضر المغرب في شيء

وخلافا، لما سبق المهدي الفقير، الخبير الاقتصادي والمالي، من شأن قرار محكمة العدل الأوروبية، واصفا إياه بـ “الرأي وليس الحكم الذي لا يسعنا تحميله أكثر من حجمه”.

الفقير وفي تصريح خص به “مدار21″، قال إن “الأهم اليوم هو التصريح المشترك للمغرب والاتحاد الأوروبي، أطراف الاتفاقية المبرمة ممن أكدوا ألا شيء سيتغير وأن العلاقات أعمق وأوثق وأسمى من هذا القرار الذي خرجت بمحكمة لوكسومبورغ”.

وتابع الخبير الاقتصادي والمالي بالقول “هو قرار قضائي لكن غير ملزم للجهة التنفيذية وبالتالي يمكن اعتباره رأيا وليس حكما” مضيفا: “الأكيد سيبقى من الناحية القانونية يحمل تفسيرا واحدا ولا يجب أن نحمّله أكبر من حجمه”.

ويعتبر المتحدث أن القرار هو لجهة معينة ذات صبغة قضائية غير أنه “معزول في الوقت والمجال، وبالتالي لن يغير شيئا، ذلك أن المحكمة الأوربية ليس تنفيذية”.

ووصف الفقير قرار المحكمة الأوروبية بـ “المهزوز”، على اعتبار أنه “يلغي حقا أصيلا للمغرب وينفي سيادته على صحرائه، وكأن اللجنة الأوروبية لم تأخد بعين الاعتبار التفسيرات القضائية والتأويلات السياسية وكأن اللجنة الأوربية خبط عشواء”، يقول المتحدث، مشددا في ختام تصريحه على أن اللجنة الأوروبية غير ملزَمة  بالقرار السالف الذكر”.

أوراز: قرار مؤلم وذو تأثير على المصالح الاقتصادية والسياسية للمملكة

ويختلف الباحث في الاقتصاد السياسي، رشيد أوراز، في قراءته عمن سبقه من الخبراء، إذ يعتبر قرار المحكمة الأوروبية من الناحية الرمزية “مؤلما”.

أوراز، وفي تصريحه لـ”مدار21″، قال إن القرار لم يأخذ بعين الاعتبار التزامات المغرب في الاتفاق والخاصة بتوجيه جزء من موارد الاتفاق لتنمية الأقاليم الجنوبية للمملكة، ولا انخراط الجزء الأكبر من سكان الصحراء في المؤسسات المغربية سواء المنتخبة أو غير المنتخبة.

وشدّد أوراز في تصريحه على أن “المحكمة الأوروبية وبتجاهلها كل هذا فقد جعلت من جبهة البوليساريو التي ليست إلا أقلية صاحبة شرعية أيضا”.

ولفت المتحدث إلى أن “الحكم القضائي يتجاهل حقيقة الوضع على الأرض، لكنه في نهاية المطاف حكم قضائي له قوة قانونية”.

وبخصوص مدى تأثيره على المصالح الاقتصادية للمملكة يقول أوراز “من الناحية الاقتصادية أيضا قرار مضر لمصالح المغرب، فما يقال أنه لن يتم تنفيذه إلا بعد شهرين والتي يتم الحديث على أنها مدة كبيرة تبدو لي قصيرة ولن تمنح للمغرب فرصة للتفكير في آليات أخرى لمواجهة هذا القرار الكارثي على مصالحه السياسية والاقتصادية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News