اتحاد آخر كائن.. وممكن
![اتحاد آخر كائن.. وممكن](https://madar21.com/wp-content/uploads/2024/05/66539e47182e8.jpg)
كأي اتحادي غيور على حزبه، و على صورة الأخير، تاريخه، قيمه، مبادئه، أدواره و مساره في بناء المغرب اليوم ، أتابع كل صغيرة و كبيرة مرتبطة به في حياتنا السياسية الوطنية ، و طبيعة حضوره و تفاعله مع مختلف المتغيرات الاقتصادية الاجتماعية و السياسية التي تشهدها بلادنا .. أتابع ذلك بحرقة، بكثير من الغضب والتحسر على فرص انبعاث ضائعة، وبسيل من الأسئلة المرتبطة بالكائن و الممكن، من باب الأمل الدائم في عودة الإتحاد لمناضلاته و مناضليه، و لقواته الشعبية.
ولأن المناسبة شرط كما يقال، سيكون من المفيد، من حين لآخر، أن يضع المرء، وضمنهم العبد الضعيف، بعض النقط على حروف مواقف وخيارات ملتبسة لا تعني بالضرورة الاتحاديات و الاتحاديين، و إن صدرت عن قيادة الحزب، خصوصا في ظل ما تثيره هذه الاخيرة من قراءات وتحليلات تضرب صورة ومصداقية الحزب في الصميم، وتضعه في موقف لا ذنب له فيه ، هو ومناضلاته و مناضليه.
و حتى لا يحاول البعض، من هواة التسلق النافع، أو داخل جوقة المصالح ، ربط ما نعبر عنه بحسابات، لا توجد إلا في مخيلتهم، مع الكاتب الاول للحزب أو المكتب السياسي المعين من قبله، سيكون من المهم التذكير بمحطات اختلاف سابقة، و من موقع المسؤولية كرئيس للفريق الاشتراكي ، مع ما سبق و عبر عنه الكاتب الاول بخصوص الفصل 47 من الدستور ، أو أرضيته المتعلقة بجائحة كورونا أو غير ذلك مما عبرت بشأنه ، و في حينه ، عن كونه مواقف شخصية لم تتطرق إليها أجهزة الحزب التقريرية حتى يقال عنها بأنها مواقف الاتحاد …
هو الأمر ، نفسه ، اليوم إذن ، سواء ما يتعلق بالرغبة ، غير المفهومة ، في الوقوف على عتبة الحكومة بحثا عن موقع لا يخدم بالضرورة مصلحة الوطن ، أو ما يهم الحديث عن ضرورة العودة لنمط الاقتراع الفردي ، و المبررات المصاحبة لذلك ، دون أي نقاش قبلي بين المناضلات و المناضلين ، أو دراسة مؤسسة على قواعد و شروط موضوعية تضع المتتبع أمام جدوى الطرح أو الاقتراح المتحدث عنه ، فيما يشكل استمرارا لما سبق التعبير عنه في البلاغات الصادرة قبل أيام حول استفراد الكاتب الاول بالقرار ، و إصراره على تعطيل دور أجهزة الحزب ، و إن في بعدها الشكلي ، بعدم الدعوة للاجتماعات المكتب السياسي ، و عدم انتظامية عقد المجلس الوطني ، و التمعن في التعاطي بميزاجية مع مختلف القضايا التي تعرفها بلادنا ، بمنطق الصمت المطبق اتجاه قضايا أساسية تستدعي صدور بلاغات واضحة بشأنها للتعبير عن موقف الحزب منها ، كما هو حال الزيادة في الاسعار، المحروقات و قنينة الغاز ، مشكل طلبة الطب ، حرية التعبير ، عودة خطابات التكفير و ترهيب المواطنات و المواطنين و تخوينهم ، و غير ذلك من القضايا التي لم يكن الاتحاد يوما يقف موقف المتفرج بشأنها ، سواء بالوقوف في مواجهة كل ما يراه من قرارات ضد القوات الشعبية و قدراتها الشرائية ، أو بتعبيره الواضح عن دعم عدد من الاصلاحات متى كانت في صالح الوطن و المواطن و إن ساد بشأنها الخلط و عدم الوضوح ، و كل ذلك بروح المسؤولية المستمدة من روح الاتحاد ، قيمه و مبادئه .
و لأن الضرورة تحتم كسر واقع الصمت الذي بات يمسك برقبة الاتحاد في مقتل ، خصوصا من قبل أخوات و إخوة ، من داخل الاجهزة و خارجها ، سيكون من المهم ، في علاقة بالرأي العام الوطني ، المتأمل ، بدهشة و بواعث قلق كبيرة ، في حال الاتحاد اليوم ، الذي للأسف تعكسه فقط مرآة قيادته دون باقي المناضلات و المناضلين ممن لهم رأي مخالف – سيكون من المهم ـ إيضاح أن ثمة نقاش داخلي ، بحمولة إصلاحية هامة ، بين أجيال من أبناء و بنات الاتحاد عبر مختلف فروع الحزب ، أو ما تبقى منها ، مؤطر بإرادة واضحة في التغيير .
ففي نقاش دائم ، و متواصل ، مع عدد من الأخوات و الاخوة الاتحاديات و الاتحاديين ، يظل سؤال الوضع الذي يعيشه الحزب الذي نعتز بالانتماء إليه ، و إلى قيمه و مبادئه ، مفتاح المستقبل في قراءة ما يجب من منطلق الواجب اتجاه الوطن و المواطن ، و الوفاء لمناضلات و مناضلين قدموا الغالي و النفيس من أجل مغرب الحرية و الكرامة و الديمقراطية .. سؤال الوضع المقلق للإتحاد ، المستفز ، و المحفز على ضرورة المبادرة لخلخلة ما يجب ، سواء من قبل بعض من يتحمل المسؤولية من داخل أجهزته الوطنية أو الجهوية ، الاقليمية و المحلية ، أو من كانت لهم مواقف من المؤتمر الأخير و ما قبله ، و بالتالي فضلوا عدم الانخراط في مسار يتضح اليوم بأنه في غير الحاجة لمحطة تقييم للقول بأنه بعيد كل البعد عن روح الاتحاد و قيمه و مبادئه … إتحاد آخر كائن ، داخل ذات الاتحاد ، و إن لم يكن محاطا ، بالضرورة ، بمواقع مسؤولية في أجهزة حزبية تطرح بشأنها هي الاخرى العديد من الملاحظات في علاقة بأنظمة الحزب و قوانينه . و اتحاد آخر ممكن انطلاقا من ذات المعطى ، في علاقة بإرادة السواد الاعظم من الاتحاديات و الاتحاديين ، و إرادتهم ، الصامتة أحيانا ، في المساهمة في خلق شروط واقع جديد لحزب يستحق الأفضل … نقاش خلاصته اليوم ، و غدا ، أن ما يصدر عن قيادة الحزب لا يعبر عن إرادة الاتحاديات و الاتحاديين ، بل هو تعبير عن اختيارات ، إن لم تكن رغبات ، شخصية أو مرتبطة بمجموعة ، ضيقة ، لا تضع بالضرورة مكانة الحزب و أدواره ، بل و حتى قيمه و مبادئه ، في عين الاعتبار . بل و أكثر من ذلك ، لم تعد تربط ما بين الاختيار و مصلحة الوطن و المواطن ، و إن من باب أهمية الوضوح في الممارسة السياسية ، و تناغم الخطاب مع الممارسة … نقاش خلاصته : إتحاد آخر كائن … و ممكن .