حوارات

السويني: مرصد الطلبيات العمومية سيحول المغرب لدولة جاذبة للاستثمارات

السويني: مرصد الطلبيات العمومية سيحول المغرب لدولة جاذبة للاستثمارات

اعتبر الباحث في المالية العامة والسياسات العمومية، المنتصر السويني، أن إحداث المرصد المغربي للطلبيات العمومية، بعد صدور المرسوم رقم 2.22.078 بالجريدة الرسمية نهاية أبريل الفارط، يجسد رغبة المشرع التنظيمي في نقل ميدان الطلبيات العمومية من المجال المغلق الخاص إلى المجال المفتوح وبالتالي المجال العام.

وأوضح السويني، في حوار أجراه مع جريدة “مدار21″، أن تعميم المعطيات المرتبطة بالطلبيات أو الصفقات العمومية على العموم من شأنه تعزيز ثقة المستثمرين، سواء على المستوى الوطني أو الدولي، لافتا إلى أن إحداث هذا المرصد هو بمثابة “مصالحة” بين الدولة والمستثمر والرأي العام.

وعلى مستوى تركيبة المرصد، انتقد السويني اقتصار تمثيلية المؤسسات على السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية والتجهيز التجارة والصحة، داعيا إلى فتح المرصد أمام العقل المحايد وعقل الحكامة.

وفي ما يلي نص الحوار:

بداية، في أي سياق يأتي إحداث المرصد المغربي للطلبيات العمومية؟

في البداية وجب التأكيد أن إحداث المرصد المغربي للطلبيات العمومية يندرج في إطار تنزيل الدستور الجديد بالمغرب، خصوصا ما يطلق عليه بالدستور التدبيري. وأذكر هنا أنه من خاصيات تنزيل الدستور التدبيري كونه يهتم أكثر بتعزيز العلاقة ما بين “مغرب المؤسسات” و”مغرب المواطنين”.

وهنا وجب التأكيد أيضا أن تعزيز العلاقة بين مغرب المؤسسات ومغرب المواطنين يعتمد بالأساس على التنزيل الفعلي للسياسات العمومية ولأثر السياسات العمومية على المواطنين والعمل على التنزيل الفعلي لفعالية السياسات العمومية من خلال الاهتمام بنجاعتها، عبر التركيز على مدى ترسيخها للمصلحة العامة، من خلال دراسة الأثر الذي تتركه هذه السياسات العمومية على المواطن والمرتفق ودافع الضرائب.

أي أثر لإحداث هذا المرصد على مستوى تخليق وتعزيز الشفافية في مجال الصفقات العمومية؟

في ما يخص الأثر الذي يمكن أن يحدثه المرصد على شفافية وتخليق الصفقات العمومية، وبالعودة إلى المادة الثالثة من المرسوم والتي تحدد المهام الموكلة للمرصد والمحددة في “جمع المعطيات المتعلقة بالطلبيات العمومية ومعالجتها، وتحليلها، ونشرها وإنشاء قاعدة بيانات وطنية للطلبيات العمومية والسهر على تحيينها وتشجيع التشاور وتبادل المعلومات ما بين الفاعلين المعنيين بالطلبيات العمومية ووضع مؤشرات لتتبع نجاعة أداء الطلبيات العمومية وإنتاج المعلومة المحاسباتية والمالية والاقتصادية المتعلقة بالطلبيات العمومية والسهر على نشرها بجميع الوسائل المتاحة والاسهام في تحليل الأثر الاقتصادي للطلبيات العمومية والمصادقة على التقرير السنوي حول حصيلة انشطته الذي تعده كتابة المرصد والقيام بدراسات في مجال اختصاصه واعداد بيانات دورية حول الطلبيات العمومية ويسهر على نشرها بجميع الوسائل”، يتضح أن المشرع التنظيمي من خلال شرعنة إنشاء المرصد الوطني للطلبيات العمومية، عمل أولا على نقل ميدان الطلبيات العمومية؛ الصفقات العمومية وسندات الطلب والعقود أو الاتفاقات الخاضعة للقانون العادي المبرمة من لدن الدولة أو الجماعات الترابية أو مجموعاتها أو المؤسسات العمومية أو كل شخص اعتباري آخر من أشخاص القانون العام، من المجال المغلق الخاص بمن ينجزون الطلبيات العمومية إلى المجال المفتوح وبالتالي المجال العام.

في نظركم، أي رسالة يريد المشرع التنظيمي إيصالها بنقله ميدان الطلبيات العمومية من المجال المغلق إلى المجال العام؟

هنا لا بد أن نؤكد أن نقل المعطيات والمعلومات المتعلقة بالطلبيات العمومية من المجال المغلق إلى المجال المفتوح يحمل في طياته رغبة أكيدة من المشرع التنظيمي على العمل من أجل تعزيز الديمقراطية والشفافية، ورغبة كذلك في  تخليق مجال الصفقات العمومية، وفي الأخير رغبة في تنزيل دولة الفعالية، خصوصا أن مجال الطلبيات العمومية يخص التصرف في أموال عمومية، وبالتالي يحق للمواطن دافع الضرائب أن يعرف كيفية التصرف في أمواله وكذلك مدى نجاعة هذا التصرف، وفي النهاية الأثر الذي يتركه هذا التصرف على حياة المواطنين.

على مستوى الاستثمار، هل ستساهم خطوة إحداث مرصد خاص بالطلبيات العمومية في بناء ثقة بين المستثمر، الذي كان يتردد في الاستثمار في هذا المجال بسبب “شيوع الفساد” و”المحسوبية”، وبين السلطات المكلفة بمنح هذه الصفقات العمومية؟

أكيد، خصوصا أن إنشاء المرصد المغربي للطلبيات العمومية يعمل كذلك على تشجيع مغرب الانفتاح، لأن تعزيز الشفافية وتخليق مجال الطلبيات العمومية لا يعمل فقط على تعزيز الثقة ما بين الدولة وقوى العمل وقوى الرأسمال، بل وكذلك يعمل على بناء الجسور القوية ما بين هذا الثلاثي والرأي العام الوطني من خلال نشر المعطيات المتعلقة بالطلبيات العمومية، وبالتالي يعمل كذلك على عقد مصالحة وطنية ما بين الطلبيات العمومية والرأي العام الوطني وكذلك عقد مصالحة مهمة بالنسبة للمغرب وهي المصالحة بين الرأي العام وعالم المقاولة وعالم الرأسمال بشكل عام.

هذه المصالحة إن تمت ستنقلنا كذلك من المصالحة ما بين “الرأي العام -المقاولة” إلى مصالحة مع الرأسمال الدولي، الذي تعتبر أخلاقيات وشفافية الطلبيات العمومية في دولة معينة شروطا أساسية ومحددة بالنسبة له من أجل الاستثمار.

وبالتالي، سيعمل المرصد المغربي للطلبيات العمومية على تعزيز دور المغرب في استقطاب الرأسمال الدولي  من خلال تعزيز معطى الشفافية ومعطى التخليق المرتبط بالطلبيات العمومية، وفي الأخير سيعزز موقع المغرب كدولة تجذب الاستثمارات الأجنبية وتفعل عمليا قانون نيوتن أو قانون الجاذبية “الدولة الجاذبة للاستثمارات”.

أي ملاحظات تسجلونها بخصوص المرسوم المحدِث للـ”مرصد المغربي للطلبيات العمومية”؟

في البداية، كنا نتمنى أن يعمل المشرع التنظيمي المغربي من خلال النص المتعلق بإحداث المرصد المغربي للطلبيات العمومية على الانفتاح بشكل أوسع على الفاعلين الحقيقيين في مجال الطلبيات العمومية، وأعني بهم من يملكون سلطة التعاقد وسلطة الصرف وسلطة المراقبة، وذلك حتى نمنح للمرصد قوة حقيقية مستمدة من أصحاب الاختصاص الفعليين على أرض الواقع، لأن قوة المرصد وقوة المعلومة المقدمة من طرف المرصد مرتبطة أكثر بقوة ونوعية وخبرة والاختصاص المرتبط بنوعية تأليف وتكوين المرصد.

ما هي اقتراحاتكم لتجاوز أوجه قصور هذا المرسوم؟

في هذا السياق، كان من الممكن بدل التركيز على تمثيلية المؤسسات؛ السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية وممثل عن السلطة الحكومية المكلفة بالتجهيز وممثل عن السلطة الحكومية المكلفة بالتجارة وممثل عن السلطة الحكومية المكلفة بالصحة، أن يعمل المشرع التنظيمي على فتح المرصد أمام العقل المحايد وعقل الحكامة، وخصوصا وليس حصرا الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، وأن يفتح كذلك المرصد أمام تمثيلية معينة  للعقل الأكاديمي المختص بالطلبيات العمومية، وكذلك أمام تمثيلية معينة لعقل المجتمع المدني المهتم بالشفافية والتخليق وحماية المال العام، وذلك حتى نرسخ انفتاح المرصد.

وكان من الأفضل كذلك العمل على تثبيت تنوعه وتقويته من خلال تبادل المعلومة الذي من الممكن أن يحدث بين أصحاب الرأي والاختصاص من جهة، ومن جهة أخرى أصحاب الرأي المضاد والمعطى المضاد، وذلك لإعطاء المعلومة الصادرة عن المرصد صفة المعلومة القوية والمتأكد منها بدل المعلومة الرسمية فقط، خصوصا أن الأمر يتعلق بمرصد، وحسب المفهوم اللغوي لكلمة مرصد فإن الأمر يتعلق بمكان أو موقع للمراقبة، أما كلمة مغربي فتعني أن المرصد من المفروض أن يكون جامعا ومتنوعا ليرسخ فعليا صفة “المرصد المغربي”، حتى يستطيع فعليا تعميم التجارب والممارسات الجيدة والشفافة والتي تعمل على التخليق وتعزيز الثقة داخل المتعاملين المهتمين بالطلبية العمومية، وكذلك بينهم وبين الرأي العام والمواطنين دافعي الضرائب، من أجل تعزيز ثقة المستثمر الأجنبي في مناخ الطلبيات العمومية بالمغرب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News