أهمها الزيادة بـ”السميك”.. خبراء يفككون تأثير الاتفاق الاجتماعي على المقاولات

ما تزال الآراء والمواقف مستمرة بخصوص الاتفاق الاجتماعي الأخير الذي وقعته الحكومة مع المركزيات النقابية والاتحاد العام لمقاولات المغرب وباقي الشركاء الاجتماعيين في الـ29 من أبريل المنصرم، والذي جاء بمضامين أهمها الزيادة في الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص بـ10 في المئة على سنتين.
وأثارت الزيادة في الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص في القطاعات الفلاحية وغير الفلاحية “SMIG” و”SMAG” نقاشا حول التأثيرات المرتقبة منها في أوساط المقاولات الصغيرة والمتوسطة التي “تعاني من مخلفات الأزمات الاقتصادية المتتالية” وقدرة هذه المقاولات على “تحمل هذه الزيادات خلال هذه الظرفية الاقتصادية الصعبة والتي أفلست فيه أكثر من 33 ألف مقاولة”.
واعتبر خبراء في مجال المقاولة أن هذه الزيادات “تأتي على ما تبقى من أمل في استمرار المقاولات الصغيرة والصغيرة جدا والمتوسطة”، في حين قلَّل آخرون من انعكاسات هذه الزيادات على اقتصاد المقاولات الصغيرة والمتوسطة، داعين إلى “ابتكار أفكار جديدة لتسير أكثر جدية وشفافية و حداثة عوض الاعتماد على الأجور كوسيلة وحيدة لتحسين دخل هذه المقاولات”.
اتهام بـ”خدمة” مصالح الشركات الكبرى
وفي تعليقه على الاتفاق الاجتماعي الأخير الموقع يوم 29 أبريل المنصرم، قال رئيس الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، عبد الله الفركي، إنه “بما أننا لم نوقع عليه ولم نستفد منه، فإن هذا الاتفاق لا يهمنا لأنه لا يشمل الأطراف المعنية به بشكل أكبر ومنها المقاولات الصغيرة والمتوسطة والتي تمثل أكثر من 98% من إجمالي المقاولات في المغرب”.
وأضاف الفركي “نحن نعلم بالتأكيد أن الحكومة قد منحت المزايا والتسهيلات والتعويضات لأصحاب الشركات الكبيرة مقابل الموافقة على رفع الحد الأدنى للأجور”، مبرزا أن “الجميع يعلم أننا قد رفعنا الحد الأدنى للأجور بنسبة 10% مؤخرًا، ولكننا لم نحصل على أي تعويض أو تجاوب مع مطالبنا كمقاولات تقاوم الإفلاس”.
واتهم المتحدث ذاته أن “الحكومة تتعاون مع أصحاب الشركات الكبيرة أي الباطرونا”، مسجلا أن “عددا من أعضاء الحزب الذي يقود الحكومة هم الذين يسيطرون على هذه الشركات، وهي الحالة التي ينطبق فيها المثل الشعبي ‘ ديالنا في ديالنا’ على طبيعة العلاقة بين الحكومة والباطرونا”.
واستحضر المتحدث ذاته تحذيرات الكونفدرالية للحكومة قائلا: “جددنا التحذير للحكومة والباطرونا والنقابات في بياناتنا المتتالية بأننا لن نلتزم بما لم نوقع عليه وأننا لن نطبق أي قرار إذا لم نكن طرفًا فيه وموافقين عليه”.
وعن التأثيرات المرتقبة من مضامين الاتفاق الاجتماعي الأخير، خاصة ما يتصل بالزيادة في الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص، سجل الفركي أن “كل المراقبين والمختصين والاقتصاديين يرون أن أي زيادة في الأحد الأدنى للأجور أو في تكاليف التسيير بشكل عام سيكون له عواقب خطيرة على المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة” مشددا على أن “الحكومة بإقرارها لهذه الزيادات فهي تقامر بمصير آلاف المقاولات الصغرى التي ما زالت ترزح تحت وطأة تداعيات جائحة كورونا قبل أن تنضاف إليها تأثيرات التضخم وارتفاع أسعار المواد الأولية والمحروقات ورفع سعر الفائدة”.
واستدرك المصرح نفسه أن الكونفدرالية “لا ترفض الزيادة في الأجور أو تعترض على تحسين الظروف المالية للأجراء، بل بالعكس نطالب بتحسين ظروفهم وفي هذا تحسين لمردوديتهم في العمل”، لافتا إلى “أننا نرفض هذه الزيادة في هذه الظرفية الخطيرة التي تعيشها المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة حيت تم الإعلان عن إفلاس أكثر من 33 ألف مقاولة خلال سنة 2023 ومن المنتظر أن يرتفع هدا الرقم إلى أكثر من 40 ألف مقاولة التي ستغلق أبوابها في سنة 2024”.
الحاجة إلى تغيير العقلية
من جهته، لم ينف الخبير في مجال المقاولة، عبد الإله عتيد، أن الزيادة التي أقرها الاتفاق الاجتماعي في الحد الأدنى للأجور بـ10 في المئة على دفعتين “ستؤثر على تكلفة الإنتاج بالنسبة لشريحة عريضة من المقاولات الهشة”، مبرزا من جانب آخر أن “الوجه الإيجابي لهذه الزيادة هو دفع أصحابها إلى إعادة هيكلة مقاولاتهم وإيجاد أفكار جديدة لتسير أكثر جدية وشفافية وحداثة عوض الاعتماد على الأجور كوسيلة وحيدة لتحسين النتيجة الصافية”.
وتابع المتحدث ذاته أن “هذه المقاولات مطالبة بخلق الثروة عوض سحق الرأسمال الإنساني لمراكمة رأسمال مادي وذلك بتحديث المنتجات والخدمات وأنسنة التسيير والحكامة”، معتبرا أن “مستوى الأجور لا يسمح بزيادة أقل من 10%، في حين أن حدة الأزمة الاقتصادية لا تسمح بنسبة أعلى من 10 في المئة”.
وأجاب الخبير في المجال المقاولاتي أن “إدعاء تدمير وإفلاس المقاولات الصغيرة والمتوسطة بسبب هذه الزيادة في الحد الأدنى لأجور الشغيلة توظفه الشركات التي يعتبر فيها الأجير هو الحلقة الأضعف، وطريقة تسييرها والحكامة داخلها ترفض التغيير وتطوير القدرات الإنتاجية والتسويقية، وأيضا في الشركات التي تعتمد في استمرارها على سحق العمال المستضعفين في حين أن أصحاب هذه الشركات يزدادون غنى سنة تلوا الاخرى”.