مصدر: التوفيق تحدث عن واقع جار ولم يقل بتحليل ولا تحريم للفوائد البنكية
كشف مصدر مطلع أن اللغط الذي رافق الدرس الحسني الرمضاني الذي ألقاه وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق، حول الفوائد البنكية “ليس من الغيرة على الدين” مؤكدا أن وزير الأوقاف “تحدث عن عناصر واقع جار ولم يقل بتحليل ولا بتحريم”.
وأثار ما جاء في درس وزير الأوقاف، أحمد التوفيق، جدلا كبيرا بعدما قال إن “بعض المتكلمين في الدين قد أحرجوا ضمير المسلمين بالقول إن الربا هو الفائدة على القرض بأي قدر كانت، مع العلم بأن حكمة القرآن جاءت للقطيعة مع ممارسة كانت شائعة في بعض الحضارات القديمة وهي استعباد العاجز عن رد الدين بفوائد مضاعفة، وكان بعض فلاسفة اليونان قد استنكروا ذلك. أما الاقتراض في هذا العصر فمعظمه للضرورة أو الاستثمار”.
وأوضح المصدر المطلع أن كلام التوفيق عن المعاملات البنكية “جاء عرضا في الكلام عن التجديد، فمن بين النقط العشرين التي تلمس فيها الوزير ملامح التجديد في عهد الملك محمد السادس ذكر “المالية التشاركية”، وهي النوع من المالية التي لا يخلو من فوائد مقنَّعة من جهة ولا يجوز أن تشعر الناس بأن المعاملات البنكية العادية خارجة عن الإسلام ما دامت في إطار التعاقد وما لم تكن بالأضعاف المضاعفة”.
وأبرز أن “ما لمح إليه الوزير من إحراج الضمير الإسلامي بالقول إن الفوائد بقطع النظر عن مقدارها تدخل في الربا إشارة إلى ما خطه القرضاوي في موضوع: فوائد البنوك هي الربا الحرام”، مردفا “إن الوزير يقصد بالإحراج الأسئلة التي ترد من بسطاء الناس على الفقهاء في البرامج الدينية الإعلامية والتي يغلب في الأجوبة عنها التنفير أو التحريم، وكذا الانفصام بين الفهم الفقهي الجامد وبين واقع المسلمين في حياتهم ضمن العيش في هذا العالم”.
وشدد المصدر ذاته على أن “فهم الوزير لمسألة الربا متأثر بالفتوى التي قدمها للحكومة الباكستانية العالم الكبير فضل الرحمان؛ وهو أستاذ متضلع في الفقه شديد التدين، وقال فيها إن الحل ليس هو منع أبناك الفوائد تحت الضغط الشعبوي الذي يغذيه فقه متهرئ ملوث بالسياسة، بل الحل في تنمية الاقتصاد حتى تضعف الفجوة بين العرض والطلب”.
وأشار مصدرنا إلى أن “مسألة المعاملات البنكية بفوائد في هذا العصر، عصر الائتمان والتضخم والتعاقد وأنواع الاستثمار، نظام لا علاقة له في نظر فضل الرحمان بسياق النهي القرآني عن الربا وأن هذا النهي هو عند طائفة من العلماء مرتبط بالفوائد الفاحشة”.
وأكد المصدر ذاته أن “ما ذكره الوزير ليس ابتكارا من عنده؛ ولكنه رأي الكثيرين من المنتسبين للعلماء والمفتين، ولكنهم لا يستطيعون إظهاره خوفا من أمثال هذه الحملات بل ومن الإرهاب”.
وذكر بأن الإسلامويين، الذين يقفون وراء الحملة ضد وزير الأوقاف، “حتى لو انعزلوا جميعهم في جزيرة لا علاقة لها بالعالم وأعادوا فيها التعامل بالذهب والفضة لن يستطيعوا ضمان نظام مالي بلا قروض تترتب عليها فوائد”، مضيفا “يحق للناس جميعا لا للإسلامويين وحدهم استنكار نظام الفوائد الفاحشة ونظام الاستغلال المالي والاقتصادي في آلاف من الأمور الأخرى غير فوائد الأبناك؛ ولكن الناس مع الاستنكار مطالبون باقتراح الحلول الممكنة”.
ونبه المصدر إلى أن موضوع الربا “حتى ولو وقع فيه التوسع ليشمل كل الفوائد، ليس موضوعا تعبديا في الدين بل هو موضوع يتعلق بمصالح الناس وبما ينبغي أن يسود فيها من العدل”.
وندد المصدر بالحملة التي تعرض لها وزير الأوقاف المغربي بعد الدرس الحسني الذي ألقاه بين يدي الملك، وقال “إن من استسهلوا الحملة على الوزير لا يُستبعد منهم إذا تمكنوا من الناس “غدا” أن يفرضوا العودة إلى بيع الرقيق؛ لأن نوعا من الفقه قد كرسه، ولأن المصالح التي خدمها هذا الفقه تجاهلت ما جاء في القرآن وفي السنة من الحث بوجوه عديدة على تحرير الناس من العبودية”، مستطردا “ولا يستبعد منهم أيضا إذا تمكنوا من الناس أن يضعوا في نصوص القوانين ضرب الأزواج للزوجات؛ لأن ذلك مذكور في القرآن متجاهلين بذلك روح الكتاب في هذا الموضوع، وهي المودة والرحمة التي ينبغي أن تتخذ أساسا للتشريع ضد العنف ولاسيما ضد النساء”.
واسترسل “إن خلفيات هذه الحملة ليست من الغيرة على الدين أن درس الوزير ومع ما سبقه من الدروس في نفس الاتجاه البناء لا يُثير تعليق المشاركين في الحملة، كما لو أنهم وكما يقال هم من الذهول في البحث عن الدبيبة الصغيرة بحيث لا يستطيعون أن يروا الجمل وهو واقف أمامهم”.
وشدد المصدر على أن “المفارقة النظرية الكبرى بين المتحاملين وبين الوزير تكمن في الفرق بين سياسة وهمية لا تعترف بالتاريخ وبين فكرة ترى أن التاريخ هو زمن تجلي الله تعالى في هذا الكون؛ وهو ما يستحق أن تقرأ في ضوئه نصوص رسائل الدين وهديه”.
