مجتمع

مجلس الشامي يجرد أسباب التسول ويقترح إلغاء تجريمه ويقدم وصفة محاربته

مجلس الشامي يجرد أسباب التسول ويقترح إلغاء تجريمه ويقدم وصفة محاربته

جرد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في إطار إحالة ذاتية، أسباب ظاهرة التسول وانتشارها في الشوارع والفضاءات العمومية بالمغرب، داعيا إلى إلغاء تجريمها بسبب فشل المقاربة الزجرية في القضاء عليها، وعدم نجاعة المقاربة الوطنية المعتمدة في محاربة الظاهرة.

واقترح المجلس، في رأيه الذي تتوفر جريدة “مدار21” على نسخة منه، جملة من مداخل العمل من أجل احتواء هذه الظاهرة في أفق القضاء عليها في مجتمعنا، داعيا إلى الحرص على “ضمان التوفيق بين احترام مقتضيات الدستور، لاسيما ما يتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية للأشخاص في وضعية تسول، دون أي تمييز أو وصم، من جهة، واحترام النظام والأمن العام من جهة ثانية”.

وأورد الرأي أنه حسب آخر بحث وطني حول هذا الموضوع، والذي يعود إلى سنة 2007، فإن عدد المتسولين “قُدِر بنحو 200.000 شخص”، مفيدا أن غياب دراسات ومعطيات إحصائية محينة حول التسول بالمغرب يعد “عائقاً كبيراً أمام إرساء فعل عمومي قادر على محاربة هذه الظاهرة بشكل فعال”.

ويرى المجلس أن التسول “ظاهرة اجتماعية شديدة التعقيد، تنجم عن التعرض لعدة عوامل اختطار مرتبطة بالمسارات الشخصية للأفراد المعنيين، وعلى نطاق أوسع بالسياقات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية”.

وتساهم هذه العوامل التي غالبا ما تكون مترابطة، وفق المجلس، “في تعريض الأشخاص للهشاشة بدرجات متفاوتة، وهو ما يفسر عدم تجانس “بروفايل” المتسولات والمتسولين”.

وتتمثل هذه العوامل، حسب المجلس، في الغالب “في الفقر، وصعوبة الولوج إلى سوق الشغل، والترمل لاسيما بالنسبة للنساء، والطلاق، والتخلي الأسري، وتدني المستوى الدراسي والتكويني، وتراجع قيم التضامن العائلي، والوضعية الصحية الصحة البدنية والعقلية، والإعاقة، فضلا عن الاستعداد القبلي لدى المواطن (ة) لمد يد العون للمتسولين”.

وشدد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي على أن المقاربة المعتمدة حاليا على الصعيد الوطني في مجال محاربة التسول “غير ناجعة بالقدر الكافي”.

وأوضح أنه على مستوى المقاربة الوقائية، “لا تتيح البرامج الاجتماعية لمحاربة الفقر والهشاشة، بسبب طبيعتها المجزأة ومعايير الاستهداف المعتمدة وكيفيات التنفيذ التصدي بشكل كاف ومستدام للانعكاسات السلبية للفقر والهشاشة على الفئات المعوزة، التي تظل في الغالب خارج نطاق تدخل هذه البرامج”.

وتابع المجلس أنه “لهذه الأسباب على وجه الخصوص، وتنفيذا للتوجيهات الملكية السامية، انطلق ورش إصلاح منظومة الحماية الاجتماعية وهو الإصلاح الذي يجري تنزيله حاليا”.

وعلى مستوى التكفل الاجتماعي، سجل مجلس الشامي أن “الموارد البشرية والمادية المخصصة للمراكز الاجتماعية التابعة لمؤسسة التعاون الوطني، وكذا لخطة العمل الوطنية لحماية الأطفال من الاستغلال في التسول تم إطلاقها سنة (2019)، لا تزال، حسب الفاعلين الذين تم الإنصات إليهم، محدودة للغاية بالنظر إلى حجم الظاهرة”.

أما على صعيد المقاربة الزجرية، أكد المجلس أن “تجريم المشرع المغربي للتسول والتشرد على مستوى الفرع الخامس من مجموعة القانون الجنائي يتسم بمحدودية فعليته وبكونه يتناقض مع مقتضيات أخرى من هذا القانون ويتنافى مع المعايير الدولية ذات الصلة الجاري بها العمل”.

ويرى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أن الحد من ظاهرة التسول “يقتضي التنزيل المتجانس والمنسق لجملة من الإجراءات الرامية إلى تحقيق هدفين، هما ضمان احترام مقتضيات الدستور، لاسيما في ما يتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية للأشخاص في وضعية تسول دون أي تمييز أو وصم، وضمان احترام النظام والأمن العام”.

وتنتظم هذه الإجراءات ضمن أربعة محاور متكاملة، يتعلق أولها “بالقضاء على جميع أشكال تسول الأطفال، من خلال تعزيز آليات حماية الطفولة على صعيد المجالات الترابية (وحدات حماية الطفولة على مستوى الهيكلة والتنظيم وتوفير الموارد البشرية والمادية الضرورية، وكذا عبر تشديد العقوبات في حق مستغلي الأطفال والمتاجرين بهم سواء كان هؤلاء من أسرة الطفل أو غرباء عنه”.

ويهدف المحور الثاني إلى “حماية الأشخاص في وضعية هشاشة من الاستغلال في التسول، من خلال تشديد العقوبات على الجنح والأفعال الجنائية التي يتم ارتكابها تحت غطاء التسول طبقا لمقتضيات القانون الجنائي، لاسيما ضد مستغلي النساء والمسنين والأشخاص في وضعية إعاقة، والنهوض بالسياسات المتعلقة بحماية ومساعدة الأشخاص في وضعية إعاقة والأشخاص المسنين، وتعزيز تدابير المواكبة والإدماج الاجتماعي والاقتصادي للمهاجرين المعرضين لممارسة التسول إما احتياجاً أو في إطار عصابات منظمة”.

ويهم المحور الثالث، وفق رأي المجلس، إعادة تأهيل وإعادة إدماج الأشخاص في وضعية تسول، وذلك عبر مراجعة الإطار القانوني الحالي، لاسيما من خلال إلغاء تجريم التسول، بالنظر إلى صعوبة تحديد دافع الحاجة ولأن الجرائم الفردية أو الجماعية المرتبطة بهذه الممارسة معاقب عليها في العديد من أحكام القانون الجنائي”، مشددا على أنه بالموازاة مع ذلك، “ينبغي اقتراح بدائل دائمة للتسول من خلال تعزيز السياسات المتعلقة بالمساعدة الاجتماعية وتطوير الأنشطة المدرة للدخل وتحسين التكفل بالأشخاص الذين يعانون من اضطرابات عقلية”.

أما المحور الرابع، يضيف المجلس، “فيتعلق بالوقاية من التسول، من خلال تعزيز قدرة الأسر على الصمود اجتماعياً واقتصادياً، وذلك عبر محاربة الفقر والفوارق الاجتماعية والمجالية وتحسين الولوج إلى الخدمات الصحية والتعليم والتكوين والشغل”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News