سياسة

“تقرير أسود” على طاولة مجلس النواب..بركة يغرق في وحْل المقالع

“تقرير أسود” على طاولة مجلس النواب..بركة يغرق في وحْل المقالع

أحالت لجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن والبيئة بمجلس النواب، تقرير المهمة الاستطلاعية المؤقتة حول مقالع الرمال والرخام، التي يترأسها البرلماني عن الفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية، سعيد بعزيز، على أنظار مكتب مجلس النواب في انتظار تحديد موعد مناقشته أمام اللجنة النيابية بحضور الحكومة.

وكشفت مصادر جيدة الاطلاع لـ”مدار21″، أن المهمة الاستطلاعية التي استهلت عملها بلقاء وزراء ومسؤولين عن مؤسسات ومقاولات عمومية، وزيارات ميدانية لعدد من المقالع، والتي تجاوز عددها 26 اجتماعا، أنهت صياغة النسخة النهائية من التقرير وأحالته على لجنة البنيات الأساسية بمجلس النواب، في أفق عرضه على أنظار المناقشة، وذلك بعد المصادقة على خلاصات التقرير من طرف أعضاء المهمة البرلمانية.

وحسب مصادر برلمانية تحدثت لـ”مدار21″، فإنه مكتب مجلس النواب أحال بدوره التقرير الذي وصف بـ”الأسود” على أنظار وزير التجهيز والماء نزار بركة، من أجل الاتفاق على تاريخ مناقشته لجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن والبيئة، مشيرة إلى أنه من المنتظر أن تتم مناقشة تقرير المهمة الاستطلاعية خلال شهر رمضان قبل افتتاح الدورة الربيعية للبرلمان.

وتبحث المهمة الاستطلاعية البرلمانية، عن إجابات لمجموعة من الأسئلة التي تثار بخصوص مقالع الرمال والرخام المنتشرة بالمغرب، خصوصا تأثيرها على المجال البيئي، وعائداتها المالية على الجماعات الترابية، وتقييم الأثر الاقتصادي والاجتماعي والبيئي لهذه المقالع على محيطها، فضلا عن دراسة مدى تأثيرات هذه المقالع على البنية التحتية والطرقية للمناطق التي تحتضنها.

وأوضحت المصادر ذاتها، أن التقرير البرلماني الذي يحيطه مجلس النواب بسرية تامة، يقر بـ”فشل” وزير التجهيز والماء، نزار بركة، في وضع حد لوقف “نهْب” رمال الشواطئ والمقالع الذي يضيّع على المغرب 5 ملايير درهم سنويا، مع فضح جملة من الاختلالات والنقائص التي يغرق فيها قطاع المقالع بالمغرب والتي تحتاج إلى حلول جذرية.

ونبه المصادر غير الراغبة في الكشف عن هويتها إلى انتشار المقالع “العشوائية” التي تعد من بين الإشكاليات التي يعاني منها القطاع، وتساهم عدة عوامل في استمرارية هذا النوع من المقالع كعدم فعالية إجراءات المراقبة، والاستخراج غير المرخص لمواد المقالع لتنفيذ المشاريع، إلى جانب التذرع بالظروف الاجتماعية للساكنة المحيطة، في بعض الحالات.

وحذرت المصادر، من أن الخطر يحدق برمال الشواطئ في المغرب ويهدد بتحولها إلى شواطئ صخرية، بعد سرقة ونهب 10 مليارات متر مكعب من الرمال المستعملة، وأن “مافيا” الرمال تفوت على خزينة الدولة الملايير، بفعل الجرائم الخطيرة التي تقترف في حق البيئة، من خلال نهب وتشويه الموروث الطبيعي للمملكة والمتمثل في الكثبان الرملية الشاطئية.

ويبلغ العدد الإجمالي للمقالع بالمغرب، 2920 منها 1682 مقلعا نشيطا بإنتاج يصل 258 مليون طن من المواد سنة 2020. وأوضح  الأعلى للحسابات، أنه بالرغم من اعتماد عدة آليات لتجويد تدبير القطاع إثر صدور القانون المتعلق بالمقالع في سنة 2015، إلا أن المجلس يسجل افتقار تدبير المقالع إلى مقاربة تهدف إلى تدبير أمثل ومستدام لمواردها وتثمين المواد المستخرجة وتعزيز الطابع المهني لمستغلي المقالع.

وفي وقت يُحيط فيه أعضاء المهمة الاستطلاعية خلاصات التقرير بتكتم شديد، توقعت مصادر الجريدة، أن يفجر تقرير المهمة البرلمانية المرتقب “حقائق صادمة” أكثر مما ورد في تقرير المجلس الأعلى للحسابات، لاسيما أنه ظهر من خلال الزيارات الميدانية لأعضاء المهمة أن هناك كثيرا من جوانب الظل التي لم يثرها “مجلس العدوي” المعروض مؤخرا على أنظار البرلمان.

وحول ما إذا كان التقرير البرلماني المنتظر، سيقطع مع الاختلالات التي يشهدها قطاع المقالع أكدت المصادر البرلمانية، أن دور المؤسسة التشريعية هي أن تنبه إلى جوانب القصور التي تعتري التدبير العمومي، مع الحرص على تتبع تنفيذ الخلاصات والتوصيات التي ستتمخض عن تقرير المهمة الاستطلاعية حول المقالع.

وأوضحت المصادر، أنه من المتوقع أن يعزز التقرير ما سبق أن كشف عنه المجلس الأعلى للحسابات من اختلالات في المقالع، مشددة على مراجعة الترسانة القانونية المنظمة لهذا القطاع وإعادة النظر في اللجنة الوطنية لاستغلال المقالع أصبحت ضرورة ملحة، في ظل ما يعرفه القطاع من اختلالات خطيرة.

هذا، وقف المجلس على عدم فعالية نظام تتبع الكميات المستخرجة، حيث تبين من خلال مقارنة كميات الرمال المصرح بها والكمية التقديرية للرمال المستهلكة، الموافقة للإنتاج الوطني من الإسمنت حسب بيانات الجمعية المهنية لشركات الإسمنت، أن المعدل السنوي لكميات الرمال غير المصرح بها يقدر بنحو 9,5 مليون متر مكعب، أي ما يعادل 79 بالمئة من كميات الرمال المستهلكة.

وسجل المجلس الأعلى للحسابات أن هذه “النقائص” تفوت على خزينة الدولة، سنويا ما يقارب 166 مليون درهم من مداخيل الرسم الخاص المفروض على الرمال، أي ما يناهز أربعة أضعاف معدل الإيرادات السنوية الفعلية لهذا الرسم الذي يبلغ 44 مليون درهم.

وبشأن التتبع البيئي لاستغلال المقالع، سجل المجلس أن 10 بالمئة من المقالع المستغلة لا تتوفر على الدراسة المتعلقة بالتأثير على البيئة، مما يحول دون تتبع هذه المقالع واحتواء آثارها البيئية، وذلك في غياب أي تقييم مسبق وتحديد للتدابير الكفيلة بإزالة التأثيرات السلبية أو التخفيف منها أو تعويضها.

وسجل المجلس الأعلى للحسابات، أن الإطار الاستراتيجي لتدبير قطاع المقالع، يفتقر إلى مقاربة شمولية، في غياب استراتيجية وطنية متكاملة تهدف إلى تدبير أمثل ومستدام للموارد، وتثمين المواد المستخرجة، وتعزيز الطابع المهني لمستغلي المقالع.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News