مجتمع

مطالب بتشديد أحكام “مغتصبي الطفولة” وتتبع بعدي لضحايا “البيدوفيليا”

مطالب بتشديد أحكام “مغتصبي الطفولة” وتتبع بعدي لضحايا “البيدوفيليا”

أعاد الحكم الذي أصدرته غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، الخميس الماضي، 29 فبراير 2024، في حق أستاذ الفرنسية، المتهم في قضية هتك عرض تلميذات بإحدى المؤسسات الخصوصية، إلى الأذهان وقائع “البيدوفيليا” التي مرت على المغرب السنوات الماضية، خاصة بعدما حكمت المحكمة على الجاني بـ30 سنة سجنا نافذا وغرامة مالية قدرها حوالي 200 ألف درهم.

ورحبت فعاليات حقوقية مغربية بالحكم الصادر في حق الجاني، منها منظمة “ماتقيش ولدي” بالدار البيضاء، التي اعتبرته انتصارا للطفولة، وأكدت في بلاغ تتوفر “مدار21” على نسخة منه، أن الحكم يعد ”إعلانا قويا من القضاء على محاربة ظاهرة الاعتداءات الجنسية على الأطفال، وعلى الحماية الفعلية المتميزة بالشدة والقسوة اتجاه جناة يغتصبون طفلات قاصرات”.

من جانبه، أكد محمد الطيب بوشيبة، المختص في مجال الطفولة، أن تشديد العقاب هو الحل الأنسب لكل من اغتصب أو هتك عرضا أو تحرش أو اعتدى جسديا على الطفل، معتبرا أن الطفل هو المستقبل والنواة بالمجتمع.

وأضاف المنسق بمنظمة “متقيش ولدي” في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، أن المنظمة تؤمن بحقوق الطفل، وتشدد على إصدار أحكام قضائية رادعة ضد مرتكبي جرائم الاغتصاب وهتك أعراض الأطفال قائلا؛ ”المجتمع لا يلتفت إلى الضحايا بعد إصدار الأحكام سواء كانت تخفيفية أو قاسية على الجاني”.

وأوضح الفاعل في مجال الطفولة في هذا الصدد، أن المحكمة يجب أن تنظر إلى حالة الأطفال بعد المحاكمة خاصة من جانب إصدار قرار التتبع المجاني للطفل والمواكبة في مجال الطب النفسي، وعرضهم على الخبرة النفسية وتتبع حالاتهم إلى حين تسويتها، قائلا؛ ”كل من تعرض لهتك عرض في الطفولة فهو جرح لا يندمل، إذ يتحول المعتدى عليه فيما بعد إلى وحش كاسر”.

وتابع المختص في مجال الطفولة، أن “البيدوفيليا” المنتشرة حاليا بالمغرب وبالدول الأخرى ناتجة عن تعرض ذلك الشخص في صغره إلى مشاكل نفسية واعتداءات جنسية كانت السبب في قيامه في وقت متأخر من العمر بالميول للأطفال، معتبرا أنه ”ولو تم تشديد الأحكام ضد “البيدوفيليين” إلا أن المجتمع يهتم بكثرة إلى الجاني وليس الضحية، سيما أن الأطفال، الحلقة الأضعف”.

وأكد المتحدث ذاته على ضرورة الاهتمام بالضحية، وإصدار أحكام مشددة وموحدة في مواجهة الجاني في مختلف المحاكم المغربية، مردفا؛ ”لا ينبغي أن نسمع 30 سنة حكما في حادثة معينة، وفي قضية مشابهة، سراح أو أحكام مخففة”، متسائلا:” من منا تساءل اليوم أين وصلت قضية عدنان، الطفل ضحية الاغتصاب، وكيف تعيش عائلته وحالة زملائه وأصدقائه بعد مرور سنين طويلة”.

وطالب بضرورة إحالة المغتصب أو “البيدوفيلي” إلى التشخيص والتتبع النفسي داخل السجن، حتى تستفيد الهيئات الحقوقية من أسباب ودواعي ارتكابه لهذه الأعمال الجرمية، بالإضافة إلى تحرك المختصين في علم الاجتماع وعلم النفس من أجل متابعة هذه القضايا وتتبعها والعمل على إصدار بحوث ودراسات نفسية أو اجتماعية دقيقة من إنجاز مغاربة وليس الأجانب، مشيرا في هذا الصدد إلى اختلاف الظروف والمجتمعات.

من جانب آخر، شدد على أن العقوبة الصادرة في حق مغتصبي الأطفال، يجب أن تساوي الجرم المرتكب أو تضاهي ثقله، وأكد على اعتماد بعد الدول الأخرى لعقوبات الإعدام والخصي وعرض المتهم في السجن على علاج نفسي قاسي، بينما المغرب لا يجب أن يتسامح مع جرائم الاغتصاب.

ودعا الطيب إلى ضرورة معالجة الطفل والاهتمام به من خلال حجب الأغاني والصور والرسوم التي تشمل إيحاءات إباحية، خاصة عبر تطبيق”تيك توك” بشكل نهائي، واعتبر أن هذه المحتويات تسلب عقول الأطفال وتزج بهم في مستنقعات هاوية، عبر تعلم سلوكات مشينة ولا أخلاقية حسبه، متسائلا؛” ماذا سنستفيد من الأطفال مستقبلا إذا تمت تربيتهم على هذا الإنحراف، من المؤكد أنهم لن يكونوا أسوياء”.

وخلص إلى أن الدولة والأسرة وكافة الفاعلين في المجتمع المدني مطالبون بالاستثمار في مجال الطفولة، باعتبارها أقرب طريق لتحقيق التنمية المستدامة المنشودة، وشدد على ضرورة اهتمام المختصين في علم الاجتماع وعلم النفس بمجال الطفولة والبحث فيه لإنقاذ المجتمع من “البيدوفيليا”، مؤكدا على ضرورة قيام الدولة والسلطات الأمنية بحظر مرتكبي جرائم الاغتصاب من الدخول للمغرب سواء بالنسبة للمغاربة أو الأجانب التي صدرت في حقهم إدانات بجرائم الاغتصاب.

وتجدر الإشارة إلى أن قضية مغتصب التلميذات  بمدينة الدار البيضاء، تفجرت بعد إصابة إحدى الفتيات القاصرات بوعكة صحية، فتم نقلها من طرف أسرتها إلى أحد الأطباء، الذي اكتشف أن الابنة فاقدة للعذرية لتنطلق عملية الاستفسار والبحث عن الجاني المرتكب لهذا الفعل.

ووعد الأستاذ البالغ من العمر 40 سنة، عددا من ضحاياه، واللواتي لم يعرف عددهن الحقيقي لحد الساعة، بالزواج مقابل عدم الإفصاح عن ما وقع بينهما، “بل إنه تقدم لخطبة إحداهن وإلتقى بعائلتها”، يؤكد مصدر مقرب من الملف.

وكان الأستاذ، الذي وجهت له تهم اغتصاب قاصرات وهتك عرضهن وإعداد وكر للدعارة، يستدرج التلميذات في شقة كان يستأجرها قريبة من المؤسسة التعليمية الخاصة، بمساعدة سمسار، “وهناك شكوك على أنه يعمد لتصويرهن في أوضاع حميمية”.

وأودع قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء الأستاذ المتهم، الذي يعمل بمؤسسة للتعليم الخصوصي توجد بشارع ابن سينا بالمدينة ذاتها السجن المحلي بعين السبع في شتنبر من 2022.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News