سياسة | منوعات

قاطرة للإقلاع الاقتصادي.. إشادة دولية بمبادرة الأطلسي المغربية بجنيف

قاطرة للإقلاع الاقتصادي.. إشادة دولية بمبادرة الأطلسي المغربية بجنيف

شدد المشاركون في الندوة المنظمة على هامش الدورة الـ55 لمجلس حقوق الإنسان بجنيف، حول الحق في التنمية وقضايا الأمن والاستقرار ببلدان المغرب وشريط الساحل، على ضرورة جعل الإنسان الإفريقي في صلب السياسات العمومية المعنية بالتنمية، للخروج من دوامة المشاكل التي تعاني منها المنطقة، والتي تتزاوج فيها الإكراهات الأمنية بالاقتصادية، لتعصف بحق نسبة كبيرة من الشعوب في التنمية.

كما أشاد المتحدثون في هذه الندوة، بالمبادرة الملكية الاستراتيجية لمنح دول الساحل فضاء جديدا على المحيط الأطلسي، باعتباره قاطرة للإقلاع الاقتصادي لدول المنطقة.

وأكدت عائشة الدويهي، مسيرة الندوة ورئيسة مرصد جنيف الدولي لحقوق الإنسان، أن حماية حقوق الإنسان تتطلب “ضمان العيش الكريم، من خلال ضمان الحق في التنمية، في ظل ظرفية عصيبة تتنامى فيها الحروب ويغيب فيها الحوار”.

وبحسب الورقة المؤطرة للندوة، فالحق في التنمية كمبدأ معترف به دوليا، يؤكد حق الأفراد والشعوب في المشاركة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية لبلدانهم، ويعتبر هذا الحق جزءًا من الحقوق الإنسانية التي تم التأكيد عليها في العديد من المواثيق والاتفاقيات الدولية، مثل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

وتؤدي الأوضاع الحالية بالمنطقة، بحسب آوي ندييايي، ممثلة الشتات الإفريقي في أوروبا التابع للاتحاد الإفريقي، إلى “العجز عن بلوغ أهداف التنمية، في ظل انتشار كل أشكال الجريمة المنظمة بمنطقة الساحل، المكونة من ست دول، تعيش أغلبها اضطرابات سياسية ومشاكل اقتصادية واجتماعية وأمنية”.

ويرتقب أن تعرف هذه الدول انفجارا ديمغرافيا ببلوغ 350 مليون نسمة في أفق العام 2050، بعدما لم يكن الرقم يتجاوز 135 مليون نسمة في العام 2015. وتعيش الساكنة أوضاعا اجتماعية صعبة بأقل من دولارين في اليوم وهو مؤشر على شدة الفقر تعرفه 47 دولة عبر العالم، جلها في القارة الإفريقية، تضيف المتحدثة نفسها.

وأشادت آوي ندييايي، ممثلة الشتات الإفريقي في أوروبا التابع للاتحاد الإفريقي، بالمبادرة الملكية الاستراتيجية لمنح دول الساحل فضاء جديدا على المحيط الأطلسي، باعتباره قاطرة للإقلاع الاقتصادي لدول المنطقة.

من جانبه، رسم الحبيب بلكوش، رئيس مركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية، صورة عن الحق في التنمية بالمنطقة المغاربية، التي لم تصل بعد إلى المستوى المنشود من قبل الشعوب برغم إمكانياتها الاقتصادية الضخمة، وفرص التكامل الكبيرة، إلا أنها مازالت تعيش “أوضاعا كارثية تهدد بنسف المجتمعات”.

ولم يفلح التغيير السياسي الذي حملته رياح “ثورة الياسمين” في تغيير الصورة نحو الأفضل، بحسب الخبير الحقوقي، بل حولت الأوضاع إلى “كابوس يخيم على مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في عدد من دول المنطقة المغاربية”.

وأشاد الحبيب بلكوش بالتجربة المغربية في المنطقة، والتي استطاعت “تحقيق تراكم كمي ونوعي في ظل استمرار النظام”، مع الحرص على “إدخال التحسينات اللازمة وإجراء المصالحة مع الفرقاء السياسيين، والعمل على النهوض بأوضاع النساء والفئات المهمشة”.

ومكنت المجهودات المبذولة على مستوى المملكة المغربية، بحسب رئيس مركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية، من “ضمان تطور النسيج الاقتصادي والاجتماعي عبر التراكم”، غير أن ذلك لا يمكن أن يغفل عن النقائص التي مازالت منتشرة، والتي أجملها بلكوش في “ضعف الفاعل السياسي، والجوار الصعب الذي تتواجد فيه المملكة، في إشارة إلى الجارة الجزائر، التي عملت على عرقلة مشروع الاندماج، من خلال إغلاق الحدود ووقف أنبوب الغاز المار من المملكة صوب إسبانيا”.

وبرغم كل الصعوبات التي تعاني منها المنطقة، يشدد بلكوش على ضرورة مواصلة العمل من أجل “حكامة ديمقراطية تعطي الأمل للأجيال القادمة”.

أكد سهيل الحادج كلاز، الباحث والمحاضر بمعهد جنيف، أن “قضايا السياسة والأمن تخيم على منطقة الساحل وتلقي بظلالها على أفق التنمية وحقوق الإنسان بالمنطقة”. جاء ذلك في سياق مداخلته ضمن الندوة المنظمة حول الحق في التنمية وقضايا الأمن والاستقرار ببلدان المغرب وشريط الساحل، والتي تأتي على هامش الدورة 55 لمجلس حقوق الإنسان بجنيف.

ووضع سهيل الحادج كلاز، التعاون الدولي في قفص الاتهام، كونه “لم يعط النتائج المرجوة في تحقيق الاستقرار بالمنطقة”، مشيرا إلى تجربة التعاون مع الاتحاد الأوروبي، الذي وقع عدة اتفاقيات مع دول من الساحل وشمال إفريقيا، لكنها “لم تنجح لا في تحسين أوضاع تلك الدول ولا في الحد من موجات الهجرة غير النظامية”.

وأرجع الأستاذ المحاضر بمعهد جنيف، الأوضاع الحالية غير المستقرة في دول الساحل، إلى “الخطط الموضوعة والتي تتسم دائما بردة الفعل ولا تعتمد الاستراتيجيات الاستباقية، كما لا تأخذ بعين الاعتبار القضايا الاستراتيجية التي تهدد المنطقة على المستوى البعيد”.

وأشار الحادج كلاز، إلى “الانتقائية في الاهتمام ببعض القضايا، حيث يتم ترجيح كفة القضايا الأمنية، ويتم التغافل عن قضايا التربية والتكوين”، وهو ما يكرس بحسبه “الأوضاع المضطربة في المستقبل بمنطقة شمال إفريقيا والساحل”، حيث يؤدي انتشار الأمية إلى “تكريس نزعة التوترات الداخلية في ظل نسب نمو ديمغرافية مرتفعة”.

وتعرف دول الساحل بحسب الأستاذ المحاضر، هيمنة الفئات الشابة ما دون سن الخامسة والعشرين على الهرم السكاني، إذ تشكل أزيد من 64 في المئة من الساكنة أغلبها بدون مستوى دراسي، وهو ما يكرس الأوضاع الحالية المتسمة بالاضطراب.

ويشكل الاهتمام بالتربية والتعليم، بحسب الحادج كلاز، “أحد أدوات التغيير، عبر محاربة الأمية، التي تعد مدخلا للإقلاع الاقتصادي، وبداية إعمال للحق في التنمية”.

وختم المحاضر مداخلته بالتأكيد على أن “ما تعانيه دول الساحل جراء موجات النزوح والهجرات الداخلية، يعادل أضعاف ما تشهده القارة الأوروبية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News