دولي

إسرائيل.. أزمة تجنيد المتدينين وتأثيرها على حكومة نتنياهو

إسرائيل.. أزمة تجنيد المتدينين وتأثيرها على حكومة نتنياهو

عادت مسألة تجنيد اليهود المتدينين أو “الحريديم” إلى الواجهة مجددا في إسرائيل، وباتت تهدد بقاء حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وهو الائتلاف الأكثر تشددا بتاريخ إسرائيل.

وكانت حكومة نتنياهو مررت قرارا في يونيو 2023 يأمر الجيش الإسرائيلي بعدم تجنيد طلاب المعاهد الدينية الحريدية لتسعة أشهر، حتى تقوم بصياغة قانون جديد، وتنتهي فاعلية القرار نهاية مارس الجاري.

وقال موقع “واينت” الإخباري، الجمعة، إن الأمر المؤقت الصادر عن الحكومة ينتهي في 31 مارس، وإذا لم يتم طرح قانون ينظم القضية في الكنيست بحلول ذلك الوقت، فسيتعين على الجيش تجنيد الحريديم في وقت مبكر من الأول من أبريل المقبل.

وأفاد الموقع أنه بموجب قرار المحكمة العليا الإثنين الماضي فإن على الحكومة بحلول 24 إلى 31 مارس أن تقدم ردها على سبب عدم إلغاء قرارها إعفاء المتدينين الإسرائيليين من الخدمة العسكرية الإلزامية.

وكانت المحكمة العليا الإسرائيلية نظرت في التماسات دعت الى إلزام الحكومة بتجنيد طلاب المدارس الدينية اليهودية في الجيش.

وفي عام 2017 اعتبرت المحكمة إن الإعفاءات الشاملة من الخدمة العسكرية لطلاب المدارس الدينية الحريدية “تمييزية وغير قانونية”.

وحتى اليوم، فشلت محاولات عديدة لصياغة تشريع يرضي الأحزاب على اختلاف توجهاتها، فالأحزاب الدينية تضغط على نتنياهو من أجل تمرير قانون يعفي الطلاب المتدينين من الخدمة العسكرية.

وتعد مشاركة “الحريدم” بالجيش من أكثر المواضيع حساسية وإثارة للتوتر بإسرائيل، إذ يعارض العلمانيون إعفاء اليهود المتدينين من التجنيد.

ومؤخرا كشف الجيش عن خطط لإضافة وقت إلى شروط الخدمة الإلزامية للمجندين وتأخير تقاعد بعض جنود الاحتياط مع زيادة عدد أيام الخدمة الإلزامية التي سيكون عليهم القيام بها سنويا، الأمر الذي أثار جدلا سياسيا واسعا وصل صداه إلى الشارع.

وشارك مئات الإسرائيليين الاثنين في مظاهرة احتجاجية أمام المحكمة العليا في القدس، تزامنا مع انطلاق جلسات استماع بشأن المبررات الملزمة لليهود “الحريدم” بأن يخدموا في الجيش الإسرائيلي.

جدل كبير
وللأحزاب الدينية اليهودية ثقل في الحكومة الإسرائيلية حيث من شأن انسحابها أن يسقط الحكومة حتما، لذلك يسعى نتنياهو في سياساته لإرضائها.

لكن تمسك هذه الأحزاب بشرطها التقليدي المتمثل في إعفاء أعضائها من التجنيد بالجيش مقابل دعمها للحكومة عاد للنقاش، لا سيما مع تواصل الحرب على غزة والخسائر البشرية الكبيرة الناجمة عنها.

وسجلت حصيلة الخسائر البشرية في صفوف الجيش الإسرائيلي حتى الخميس، مقتل 582 ضابطا وجنديا، بينهم 242 في التوغل البري المستمر منذ 27 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، بالإضافة إلى إصابة ألفين و988 ضابطا وجنديا.

ومنذ سنوات هناك محاولات متكررة لسن قانون لتجنيد المتدينين لكن يتم تأجيله، وأحد الشروط التي وضعها حزبا “شاس” و”يهودوت هتوراه” على نتنياهو للانضمام إلى الحكومة هو منع سن هكذا قانون.

ولحزبي “يهودوت هتوراه” و”شاس” 18 مقعدا بالكنيست من أصل 64 صوتا داعما للحكومة الحالية.

ويلزم الحصول على ثقة 61 عضو كنيست على الأقل من أجل ضمان بقاء الحكومة، ما يشير إلى التأثير المحتمل لمغادرة الأحزاب الدينية للحكومة.

واستنادا لمعطيات إسرائيلية رسمية فإن اليهود المتدينين يشكلون 13 بالمئة من السكان، وهم بتزايد مستمر نظرا لمعدلات الإنجاب الكبيرة بأوساطهم.

والتجنيد بالجيش إلزامي على كل إسرائيلي وإسرائيلية يبلغ من العمر 18 عاما، لكن المتدينين اليهود معفون “لتكريس وقتهم لدراسة التوراة”.

نتنياهو يناور
نتنياهو قال في مؤتمر صحفي الخميس: “يجب علينا الاستمرار في هذه الوحدة لتحقيق الانتصار المطلق. وبهذه الروح لدي قناعة بأننا قادرون على التغلب على قضية تقاسم العبء والتجنيد”.

وأضاف: “بشأن التجنيد، إنني أثمن عاليًا دراسة التوراة من قبل أشقائنا الحريدم، وأعترف وأثمن كذلك تجندهم لمنظمات الطوارئ والإغاثة الأهلية التي تؤدي عملاً مقدسًا”.

واستدرك: “لكن على هذا الجانب، يجب علي القول أيضًا إنه لا يمكن تجاهل الشعور السائد لدى الجمهور بوجود فجوة في تقاسم عبء الأمن”.

وتابع نتنياهو: “وأقول لكم شيئًا آخر، لقد بات جمهور اليهود الحريدم يعترف بهذه الحاجة أيضًا، وهو مستعد لتغيير الوضع”.

وأردف: “لذا نحدد أهدافًا لتجنيد الحريدم لصفوف الجيش وللخدمة المدنية، وسنحدد كذلك طرق ضمان تحقيق هذه الأهداف. ويمكن التوصل إلى هذه التسوية دون تقسيم الشعب ودون التحريض على أي جمهور”.

وبدا نتنياهو في تصريحاته وكأنه يرد على وزير الدفاع يوآف غالانت الذي دعا الأربعاء، في مؤتمر صحفي إلى “إنهاء الإعفاءات من الخدمة العسكرية لأفراد المجتمع الحريدي” وفق موقع “تايمز أوف إسرائيل”.

وقال غالانت: “نعتز ونقدّر أولئك الذين يكرسون حياتهم لتعلم التوراة، ومع ذلك بدون وجود مادي لا وجود روحي. تثبت التحديات الأمنية التي نواجهها أنه يجب على الجميع أن يتحملوا عبء الخدمة”.

وأضاف: “لتحقيق أهداف الحرب، وللتعامل مع التهديدات القادمة من غزة ولبنان والضفة الغربية، والاستعداد للتهديدات الناشئة من الشرق، نحتاج إلى الوحدة والشراكة في القرارات المتعلقة بمستقبلنا”.

دور غانتس وآزنكوت
غير أن غالانت استدرك في إشارة إلى ضرورة دعم الوزيرين بمجلس الحرب بيني غانتس وغادي آيزنكوت، بالقول إن “أي قانون تجنيد تتفق عليه جميع أحزاب ائتلاف الطوارئ سيكون مقبولا لي”.

ومضى يقول: “لكن دون موافقة جميع أطراف الائتلاف، فإن نظام الدفاع تحت قيادتي لن يقدم القانون”.

وقالت هيئة البث الإسرائيلية، الثلاثاء، إن الغضب قد ساد في أوساط حزبي “يهودوت هتوراه” و”شاس” من تصريحات غالانت.

كما نقل موقع “كيكر هشبات” الإخباري الحريدي عن مصدر رفيع داخل الأحزاب الحريدية لم يسمه قوله إن “إعلان غالانت يبدو مثل خطوة مخطط لهاء لإسقاط الحكومة لا يوجد تفسير آخر. من يريد مشروع قانون يحظى بالإجماع لا يتوجه إلى وسائل الإعلام”.

ويربط غانتس وآيزنكوت، وهما رئيسان سابقان لأركان الجيش، بين تقديم دعمهما لجهود الحكومة لتمديد فترة خدمة قوات الجيش وبين قبول خطتهما لتوسيع التجنيد ليشمل أيضا الحريدم.

من جانبه، رحب غانتس، زعيم حزب “الوحدة الوطنية” الوسطي، بتصريحات غالانت، الأربعاء، بقوله: “يجب على كافة شرائح المجتمع الإسرائيلي أن تشارك في الخدمة، هذه الحاجة هي حاجة أمنية ووطنية واجتماعية”.

وأضاف في منشور على منصة إكس: “سنعمل مع وزير الدفاع غالانت ومع كافة الأحزاب في الكنيست وجميع شرائح المجتمع من أجل تعزيز الخطوط العريضة للخدمة الإسرائيلية بموافقة واسعة وفي أسرع وقت ممكن”.

بدوره قال زعيم المعارضة رئيس حزب “هناك مستقبل” يائير لابيد، الثلاثاء: “السيد وزير الدفاع، سيتم طرح مخطط التجنيد في حزب هناك مستقبل على طاولة الكنيست الأسبوع المقبل: مساواة، كفاءة، وعادلة”.

وأضاف في منشور على منصة إكس: “كل ما على حزب الليكود (برئاسة نتنياهو) أن يفعله هو أن يتصرف كحزب صهيوني ويصوت له. لا يمكننا أن ننتصر معًا إذا لم نحشد جهودنا معًا”.

ونقلت هيئة البث الإسرائيلية، الأربعاء، عن مصدر في “يهودوت هتوراه”، لم تسمه: “إذا كان نتنياهو يريد أن يبقى في السلطة بحلول الصيف، عليه المصادقة على قانون الإعفاء من الخدمة العسكرية”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News