سياسة

الراشدي: جهود محاربة الفساد تفتقد للصرامة وهذا تصورنا لتجفيف منابعه

الراشدي: جهود محاربة الفساد تفتقد للصرامة وهذا تصورنا لتجفيف منابعه

جدّد محمد بشير الراشدي رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، التأكيد على أن وضعية المغرب بشأن محاربة الفساد لم تتحسن خلال العشرين سنة الأخيرة، مشيرا إلى أن الدراسات والأبحاث الميدانية التي أجرتها الهيئة كشفت عن وجود مفارقة فيما يخص المبادرات والمخططات الحكومية لمكافحة الفساد، مما يحول دون تمكين المغرب من تحقيق الأهداف وجعله يخرج من هذه الوضعية الغير مرضية في مؤشر إدراك الفساد.

وكشف تقرير منظمة الشفافية الدولية حول مؤشر إدراك الفساد برسم سنة 2023، تقهقر المغرب إلى الرتبة 97 عالميا، حاصلا على معدل 100/38. وهو ما يؤكد عدم فعالية استراتيجية مكافحة الفساد بالإدارة العمومية خاصة البرامج الأساسية كالحصول على المعلومة وتبسيط المساطر ومحاربة تضارب المصالح.

وأوضح الراشدي، ضمن حوار من ثلاثة أسئلة مع جريدة “مدار21” الالكترونية، أن الجهود الحكومية تفتقد للقيادة والتنسيق المحكم، وتنقصها الشمولية وتماسك المشاريع والبرامج، وضعف الالتقائية والنجاعة والنقص الملحوظ في التنفيذ الصارم للإجراءات والقوانين التي من شأنها الرفع من أداء الإدارة العمومية وأيضا جعل الفساد مكلفا لممارسيه.

1- كيف تفسرون أسباب تراجع المغرب في مؤشر إدراك الفساد؟

مؤشر إدراك الفساد، هو مؤشر مركب يتم حسابه انطلاقا من مجموعة من المؤشرات الفرعية، وقد سبق للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها أن أنجزت دراسة معمقة بناء على تحليل العوامل المؤثرة انطلاقا من المعطيات التفصيلية لمصادر هذا المؤشر الذي يظل المؤشر الأكثر تداولا على المستوى العالمي.

ويعتمد مؤشر إدراك الفساد الذي تصدره منظمة الشفافية الدولية على جمع البيانات من عدة مصادر يصل عددها ل 13 مصدرا ما بين منظمات دولية ومراكز تفكير، تقوم بجمعها عن طريق استبيانات لعينة من الخبراء.

هذه البنية المركبة للمؤشر هي التي وراء التصنيف والتنقيط المشار إليهما سالفا، ففي نتائج هذه السنة كان التراجع على التعرض لمخاطر الفساد، وفي مشروع أنماط الديموقراطية وهما من المؤشرات الفرعية المكونة لمؤشر إدراك الفساد، حيث يُعنيان أساسا بمخاطر ومظاهر الفساد في الحياة السياسية. وبالتالي فقد كان التراجع على مستوى هذين المؤشرين من الأسباب الأساسية لانتقال المغرب من الرتبة 94 إلى 97 بالرغم من الحفاظ على التنقيط.

2- هل تعتقدون أن تقصير الحكومة في مواجهة الفساد وراء هذا التراجع؟

أكدت الهيئة في مختلف تقاريرها أن مكافحة الفساد لم تتمكن من تحقيق كامل أهدافها، وأن وضعية المغرب لم تتحسن خلال العشرين سنة الأخيرة، وهذا يظهر جليا سواء من خلال تصنيفه في المؤشرات الدولية في هذا المجال أو من خلال الدراسات والأبحاث الميدانية التي قامت بها الهيئة لذا المواطنين القاطنين والمغاربة المقيمين بالخارج وممثلي المقاولات.

وهذا يمثل مفارقة بالنظر إلى ما تم القيام به في بلادنا من مبادرات ومخططات حكومية لمكافحة الفساد، على الخصوص بعد تبني الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد (2015-2025) وتعزيز الإطار القانوني للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها من خلال القانون 46.19 بالإضافة إلى إجراءات أخرى لتحسين أداء الإدارة وتطوير الترسانة القانونية.

وأمام هذه المفارقة دققت الهيئة التقييم الذي تقوم به سواء فيما يخص الاستراتيجية الوطنية سالفة الذكر أو مختلف السياسات العمومية الموجهة للحد من ظاهرة الفساد، حيث تبين أن هذه الجهود تفتقد للقيادة والتنسيق المحكم، وتنقصها الشمولية وتماسك المشاريع والبرامج، وضعف الالتقائية والنجاعة والنقص الملحوظ في التنفيذ الصارم للإجراءات والقوانين التي من شأنها الرفع من أداء الإدارة العمومية وأيضا جعل الفساد مكلفا لممارسيه، مما يعزز الأثر الردعي للنصوص القانونية ويضع حدا للإفلات من العقاب.

كل هذه العوامل تجعل السياسات المتبعة في هذا المجال تفتقد للفعالية مما يحول دون تمكين بلادنا من تحقيق الأهداف وجعله يخرج من هذه الوضعية الغير مرضية المتمثل على الخصوص في تراجعه في التصنيف وحرمانه من الاستفادة من فرص التنمية المتينة والمستدامة.

3- ما هو تصور الهيئة لتحسين موقع المغرب في مؤشر إدراك الفساد؟

لتحسين وضع المغرب في المؤشرات الدولية بصفة عامة ومؤشر إدراك الفساد بصفة خاصة، لا بد من تغيير المقاربة لضمان فعالية أكبر في تحجيم الممارسات الفاسدة، والعمل على مكافحة الإفلات من العقاب كمحور من المحاور للوقاية للردع وتغيير الممارسات. لقد ألحت الهيئة الوطنية بشكل متواصل على ضرورة الانتقال إلى حقبة جديدة في محاربة الفساد ببلادنا للإجابة عن انتظارات المواطنين ومواجهة مختلف التحديات المطروحة والاستفادة من جميع الطاقات في الأوراش المفتوحة.

ونعتبر في الهيئة من خلال العمل الذي نقوم به على مستوى التشخيص والتقييم وتقديم المقترحات والتوصيات في إطار رؤية واضحة ومتكاملة، أن مقومات هذا التحول مجتمعة، لذلك نعتقد أنه من الممكن أن تكون سنة 2024 هي سنة لتحقيق ذلك بشرط تبنّي توجهات استراتيجية واضحة من جيل جديد في إطار تملك جماعي وموحد من طرف مختلف المتدخلين، على أساس الالتقائية والتكامل المؤسساتي في ترابط مفصلي بين الأدوار والمسؤوليات.

لأجل هذا ستقوم الهيئة في الأسابيع والأشهر المقبلة، من خلال صلاحياتها ومهامها، بتقديم التوجهات الاستراتيجية لسياسة الدولة في مجال الوقاية ومحاربة الفساد والآليات الكفيلة بتنفيذها، من أجل التشاور والتدقيق والإغناء مع مختلف الفاعلين المعنيين، في أفق تبنيها كأساس للانتقال المستهدف.

وتشمل هذه التوجهات ثمانية ركائز من بينها ركيزة تهتم بالتشريعات الكفيلة بتجفيف بؤر الفساد توجد ضمنها الاقتراحات والتوصيات التي قدمتها الهيئة إلى السلطات المعنية، في ما يتعلق بالإثراء غير المشروع ومنظومة التصريح بالممتلكات وتنازع المصالح وكذلك تشجيع التبليغ وحماية المبلغين.

تعليقات الزوار ( 1 )

  1. إن المغرب بمؤسساته والحمد لله قطع أشواطا في إرساء الحكامة الجيدة بوسائل حديثة نظرا لتواجده الاستراتيجي في شمال إفريقيا والقرب من أوربا والتأثير الفكري والثقافي المتبادل في ذهنيات المغاربة وخاصة الجالية المقيمة بأوربا والمتوفرة على مشاريع استثمارية بمدن المغرب ، ولولا الجهود المبذولة من طرف الوزارات المختصة تحت تعليمات وتوجيهات صاحب الجلالة محمد السادس نصره الله لما تشجع هؤلاء المستثمرين وغيرهم من جنسيات مختلفة الدخول الى المغرب ولكن كما يقول المثل الدنيا فصول وأجواء وطبائع يختلف تدبير الادارات والمؤسسات من جهة إلى أخرى وحسب بعض العقليات التي لا ينفع معها لا موعظة اخلاقية ولا عقاب ولا حتى أقصاء بل بحكم تجربتي بالادارة المغربية الامر بيداغوجي تربوي وتعليمي فمن لم يتعلم في الصغر لن يتعلم في الكبر ولا وجب الانكباب على تعليم الاجيال الناشئة والصاعدة على القيم والاخلاق حتى تترسخ في أذهانهن سلوك ومعاملات مالية و فنية والله الموفق كما هو الحال في بعض الدول الناجحة والرائدة في عدة مجالات في العالم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News