بيئة

العطش يطرق الأبواب ومطالب بتشديد قيود مواجهة “الإجهاد المائي”

العطش يطرق الأبواب ومطالب بتشديد قيود مواجهة “الإجهاد المائي”

على الرغم من التساقطات التي شهدتها بعض مدن المملكة خلال الأسبوع الماضي، إلا أن ملامح الأزمة المائية لازالت  ترخي بظلالها على العديد من جهات وأقاليم المغرب، على رأسها الدار البيضاء. مما جعل عددا من الفعاليات البيئية تدق ناقوس الخطر، محذرة في السياق ذاته من أن المغرب قد يكون  أمام أزمة خطيرة تهدد بحدوث أزمة العطش.

ورفعت التساقطات المطرية التي شهدتها عدة جهات بالمغرب خلال اليومين الماضيين، حقينة السدود بنسبة طفيفة تراوحت بين 0.37 و6,41 في المئة. وبالرغم من هذا الارتفاع الطفيفة جراء التساقطات المطرية التي وصلت إلى 96 مليمتر في الشمال، إلا أن حقينة السدود مازالت أقل من النسبة المحققة في نفس الفترة من السنة الماضية التي سجلت فيها نسبة 31,87 في المائة بمجموع 5138,24 مليون متر مربع.

المهندس الزراعي، محمد بنعطا، يرى أنه رغم قلة التساقطات المطرية التي شهدتها عدد من مناطق المملكة خلال الأيام الماضية، إلا أنها طمأنت الفلاحين وبعتث في نفوسهم الراحة.وأوضح في تصريح لجريدة “مدار21″ الإلكترونية، أن هذه التساقطات التي وصفها بـ”المحتشمة”، لا يجب أن تنسينا الوضعية الصعبة التي يعيشها المغرب حاليا نتيجة أزمة المياه بسبب التراكمات التي راكمها لسنين طويلة.

وقال الخبير الزراعي، أن المغرب سار في مسار استنزاف الموارد المائية الجوفية لتقوية الإنتاج وتصدير الخضر والفواكه إلى الخارج، لكن نجاح هذه السياسة التي كانت لصالح المزارعين الكبار،  جعله يعيش أزمة مائية صعبة.وأشار إلى أن اعتماد المزارعين على الآبار ومضخات الماء ساهم في استنزاف المخزون الاستراتيجي للمغرب الذي يحتاج لسنوات ليتكون من جديد، مما يستدعي إعادة النظر في النموذج الفلاحي الذي يعتمده المغرب منذ 20 سنة.

وسجل الخبير في المجال الزراعي، أنه رغم هذه التساقطات التي شهدتها الدار البيضاء والمدن الأخرى إلا أن السدود التي تزود العاصمة الاقتصادية لازالت مستنزفة، وأن وضعية المياه الجوفية”جد مقلقة”.ووصف آيت عطا، الأزمة التي يعيشها الماء حاليا بالمغرب، بـ”الخطيرة جدا”، وشدد على  أن” المخزون الاستراتيجي الذي تم استنزافه ينذر بدخول المغرب في أزمة عطش صعبة”.

ودعا الخبير ذاته، المسؤولين إلى ضرورة التعامل بحزم مع هذه الأزمة، والاعتماد على خبراء متخصصين مغاربة دون فتح المجال لمراكز الدراسات الأجنبية، لاسيما أن المغرب له كفاءات وخبراء في مجالات الزراعية و الفلاحية والمناخية، مبرزا أن المغرب كان يحقق نتائج لابأس بها من حيث  الاكتفاء الذاتي على مستوى اللحوم الحمراء والدواجن إضافة إلى الخضر والفواكه، والمنتوجات الفلاحية الأخرى.

ويرى محمد بنعطا، أن المغرب عندما غيّر سياسته عبر توجيه منتوجاته الفلاحية نحو التصدير، وفتح الباب أمام المزارعين من أجل الاعتماد على  مياه الآبار بصفة غير معقلنة، هدد الموارد المائية بالتراجع، وهو ما يتطلب من الجهات الوصية اتخاد سياسات أكثر عقلانية، لموجهة استنزاف الفرشة المائية، بدل الرفع من الإنتاج والزراعات والاعتماد على التصدير في وقت يستبد فيه الجفاف  بالمغرب للسنة السادسة على التوالي.

من جانبه دعا الخبير البيئي، المصطفى العيسات، إلى تكثيف إجراءات اعتمادا على  بعض الحلول المتسعجلة لترشيد استهلاك المياه، خاصة في المجالات الصناعية وقطاعات الحمامات وسقي المساحات الخضراء وغسل السيارات، في انتظار أن تعمم تجربة معالجة محطات المياه العادمة على عموم مناطق المملكة.

وأضاف في تصريح لجريدة “مدار 21” الإلكترونية، أن الإجراءات السالفة الذكر، من شأنها المحافظة على المياه السطحية وتخصيصها لتزويد الساكنة بالمياه الصالحة للشرب، وتأمين العرض والطلب للمدن التي تعرف خصاصا كبيرا على مستوى المياه.

وأشار إلى  أن المغرب بات يعتمد اليوم على  تقنية الربط المائي بين الأحواض المائية، حيث تم ربط حوض سبو بحوض أبي رقراق، في انتظار ربط الأحواض المائية الأخرى التي تعرف نوعا من الوفرة وتصدر الفائض خارج البحر، مشيرا إلى أن هذه الأنهار لن تحتاج لتصدير الفائض نحو البحر نظرا للخصاص الداخلي بالمدن.

وأبرز الخبير في مجال البيئة والتنمية المستدامة، أن الحكومة، تشتغل على ورش تسريع تقنيات “طرق السيارة المائية”، وذلك في إطار العدالة في توزيع المياه على المستوى الوطني.ودعا في المقابل إلى  التسريع بإنجاز مشاريع محطات تحلية مياه البحر لتحقيق جزء كبير من المياه الصالحة للشرب، على طول الشريط الساحلي الذي يمكنه أن يزود الدار البيضاء ومدن أخرى، معتبرا  أن “هذه المشاريع الاستراتيجية هي الحل الوحيد لتأمين السياسة المائية على المستوى الوطني”.

وخلص المصطفى العيسات إلى أن المغرب تأخر في تنزيل هذه الأوراش والاستراتيجيات، معتبرا أن بوادر الأزمة المائية كانت تبدو منذ سنوات، منها ارتفاع درجة حرارة الأرض، مضيفا أن مؤشرات قمم المناخ التي كانت تتحدث عن إشكالات أزمة الماء في الـ10 سنوات الماضية، لم تدق تاقوس الخطر بالمغرب إلا في وقت متأخر.

في غضون ذلك، كشف وزير التجهيز والماء نزار بركة،  أنه في ظل الوضعية الراهنة تم اتخاذ مجموعة من الإجراءات العملية لتدبير الموارد المائية منذ السنة الماضية منها تفعيل لجان اليقظة في مختلف العمالات أو الأقاليم التي توجد بها مناطق تعاني خصاصا من الماء، والاقتصاد في استعمال الماء والحد من الهدر، خصوصا بقنوات الجر والتوزيع.

وأشار بركة إلى إصدار قرارات السادة العمال والتي تهم إجراءات لترشيد استهلاك المياه، ومباشرة حملات تحسيس واسعة النطاق لإقرار التعامل العقلاني مع الموارد المائية، مؤكدا أنه تم إيقاف سقي المساحات الخضراء بواسطة الماء الشروب واستعمال المياه العادمة المعالجة في حال توفرها، إلى جانب تعزيز مراقبة عمليات أخذ المياه غير المصرح بها من الأودية والقنوات متعددة الاستعمالات.

وضمن إجراءات مواجهة ندرة الموارد المياه التي تعاني منها المملكة، تحدث الوزير بركة عن تحسين شبكة توزيع المياه داخل بعض المدن، تنويع مصادر المياه وتقوية بعض الشبكات عن طريق ربطها بالسدود الكبرى وكذا ربط الشبكات فيما بينها، إضافة إلى اتخاد تدابير استعجالية لسد الحاجيات من مياه الشرب بالوسط القروي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News