دين وحياة

“كريسماس” أم “رأس السنة”؟ احتفالات نهاية العام تثير الجدل بالمغرب

“كريسماس” أم “رأس السنة”؟ احتفالات نهاية العام تثير الجدل بالمغرب

مع اقتراب كل سنة ميلادية جديدة، يثار الجدل حول الاحتفال بـ”الكريسماس” مقسما المجتمع المغربي إلى مؤيد ومعارض.

ويتخذ المعارضون للاحتفالات بالسنة الميلادية مواقع التواصل الاجتماعي للتحذير منها وإبراز “حكم الشرع” حولها، وهو موقف يدعمه المفكر الإسلامي إدريس الكنبوري، الذي عدّ “السنة الميلادية ليس فيها ما يبعث على التفاؤل، لأنها ليلة كباقي الليالي”.

في المقابل، يدافع المؤيدون لاحتفالات “الكريسماس” عن موقفهم بحسن نواياهم، حيث “يعبرون في ليلة نهاية عام واستقبال آخر جديد عن تفاؤلهم بالسنة الجديدة واقتناص لحظة فرح مع عائلاتهم”، وهو الأمر الذي حاول الكاتب والباحث المغربي محمد عبد الوهاب رفيقي، المعروف بلقب “أبو حفص” تفسيره من خلال تمييزه بين الاحتفال برأس السنة واحتفالات الكريسماس التي لها بعد ديني، معتبرا تحريم الاحتفالا برأس السنة الميلاد “تشددا دينيا”.

ويشارك بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي مجموعة من الفتاوى والفيديوهات لشيوخ وفقهاء يحذرون من لاحتفال برأس السنة الميلادية، خاصة في ظل ما يحدث في غزة بفعل العدوان الإسرائيلي على فلسطين، عكس البعض منهم الذين لا يجدون مانعا للاحتفال واستغلال المناسبة لإدخال الفرحة على عائلتهم وتبادل الهدايا.

شجرة الكريسماس وشجرة الزقوم!

لجأ بعض رواد العالم الافتراضي إلى فتاوى العديد من الشيوخ، بينهم الشيخ ابن عثيمين، ليستدلوا على تحريم الاحتفال برأس السنة الميلادية، والتي تستند في مجملها على قول النبي صلى الله عليه وسلم: “من تشبه بقوم فهو منهم”، إذ يرى معارضوا “الكريسماس” أنه “تقليد أعمى للغرب”، فيما ربطه البعض الآخر بـ”بالاحتفال بأن عيسى عليه السلام هو ابن الله، ما يخالف الدين الإسلامي المدعو إلى التوحيد”.

وفي هذا الإطار، قال إدريس الكنبوري، الباحث في الفكر الإسلامي، في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، إن الحديث عن الاحتفالات برأس السنة الميلادية في ظل العدوان الصهيوني على غزة “خارج عن السياق”، حيث إن المسيحيين في غزة وبيت لحم قلصوا من احتفالاتهم هذه السنة بسبب ظروف العدوان، متسائلا “فكيف بنا نحن المسلمين المغاربة؟”.

ويرى الكنبوري أن الاحتفالات برأس السنة “ليس لها أي أساس منطقي أو شرعي، حيث يقيمها المسيحيون انطلاقا من دينهم ولا علاقة لها بالمسلمين والإسلام”، مستنكرا ربط ما يحصل فيها “من انحرافات وممارسات” بالدين المسيحي والمسيح عيسى عليه السلام.

وأشار الباحث في الفكر الإسلامي إلى أن الغرب لا يحتفل مع المسلمين بالسنة الهجرية الجديدة، ما يظهر أن لكل أمة مناسباتها الدينية التي تحتفل بها ولا تلزم غيرها.

وردا على اعتماد المسلمين التقويم الميلادي، يرى الباحث أن ذلك “لا يعكس إيمانهم بالقيم الغربية المسيحية بقدر ما يعني أن هذا التقويم انعكاس للهيمنة الحضارية الغربية على العالم”.

بدوره، أكد الشيخ حسن الكتاني في تصريح لـ”مدار21″، أن علماء الإسلام اتفقوا على عدم جواز الاحتفال برأس السنة الميلادية، مشيرا إلى أن الاحتفال برأس السنة الميلادية متعلق بالنصارى ولا يجوز للمسلمين الاحتفال بأعيادهم، كما لا يجوز الاحتفال بالتي شرعها الله لهم ونسخت بما نسخ في شرائعهم”، معتبرا “عيد السنة وعيد الميلاد أعيادا مخترعة لا وجود لها في الإنجيل والتوراة”.
وبخصوص النصوص الشرعية المحرمة لأعياد النصارى، ذكر الشيخ حديثي الرسول “من تشبه بقوم فهو منهم” بالإضافة إلى قوله “خالفو المشركين”، مردفا أن “الناس يقلدون دون فهم ما يقلدون من خلال شراء الشجرة المعروفة وتعليقها مع الاحتفال بالغناء والرقص وشرب الخمور وشراء الحلويات”.

“الكريسماس” أم “رأس السنة الميلادية”؟

ويرى عبد الوهاب رفيقي في تصريح للجريدة أن “المشكل الذي يقع أن الناس لا تفرق بين أعياد الكريسماس واحتفالات رأس السنة”، مؤكدا أن أعياد “الكريسماس” لها أبعاد دينية ممثلة في الأعياد المسيحية بخلاف الاحتفال برأس السنة كاحتفال كوني يحتفل بـ”المسلمون والمسيحيون واليهود واللا دينيون وغيرهم”، حيث يعد مبنيا على التفاؤل بالسنة الجديدة واستغلال المناسبة لإشاعة الفرحة والبهجة داخل الأسر.

وأضاف الكاتب والباحث المغربي أن الاحتفال برأس السنة “لا حرج فيه ولا إشكال فيه”، مستنكرا أن يكون له أي بعد ديني يشكل مانعا للاحتفال به، ومعتبرا الامتناع فيه “تشددا دينيا غير مرغوب فيه”، داعيا إلى عدم منع الناس من الاحتفال واستغلال المناسبات لتجميع أسرهم والاحتفال معهم.

وبخصوص الاحتفال برأس السنة في ظل ما يعيشه الفلسطينيون في غزة، أكد أبو حفص أنه “لا يمكن أن نمنع الناس من الاحتفال بسبب وجود أزمة إنسانية أو بوجود توتر في منطقة معينة، وإلا توقفنا عن الاحتفال مطلقا”، مشددا على حق الجميع في عيش لحظات من البهجة والفرح وسط الأزمات والمآسي.

وأشار عبد الوهاب رفيقي إلى أن الفلسطينيين بأنفسهم “سيستغلون الفرصة لاغتنام لحظات ولو مؤقتة من السعادة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News