رأي

الشركات الرياضية بين هشاشة النص القانوني وضعف استجابة الأندية

الشركات الرياضية بين هشاشة النص القانوني وضعف استجابة الأندية

وجدت الرياضة كنشاط بدني منذ ظهور أولى الحضارات مستندة على حاجة الإنسان إلى التحرك في الوسط الذي ينتمي له والتفاعل مع محيطه ووجد القانون كمجموعة من القواعد المؤطرة لسلوك الإنسان بحكم طبيعته الاجتماعية.

وحيث أن الرياضة لم تعد مرتبطة بالترفيه وتحقيق الفرجة بل انتقلت إلى ناقل اقتصادي لتحقيق التنمية وقوة ناعمة تؤثر في مسار العلاقات بين الدول  فقد كان لزاما على المغرب أن ينخرط في مسلسل تطوير الرياضة وإعطائها المكانة التي تتناسب والاهتمام الذي تحظى به دوليا، حيث تم التنصيص عليها في دستور 2011 على اعتبارها  حقا أساسيا يعنى به جميع المواطنين على حد السواء وأن على السلطات العمومية النهوض بها وتطويرها وتنظيمها بكيفية مستقلة وعلى ديمقراطية ومهنية مضبوطة.

إن دسترة الرياضة تعكس إرادة سياسية قوية في الانتقال بها من نشاط مرتبط بالنخبة المنخرطة بالجامعات الرياضية إلى نشاط معمم على مختلف الفئات ويبدو ذلك جليا عبر التنصيص على الاهتمام بالرياضة المدرسية على سبيل المثال ، هذه الإرادة السياسة ليست وليدة لحظة تعديل الوثيقة الدستورية بل إنها امتداد لسلسلة من المحطات التي آخرها المناظرة الوطنية حول الرياضة بالصخيرات والتي تشكل لحظة مفصلية في تاريخ الرياضة  الوطنية.

وجه جلالة الملك بهذه المناسبة كونه المؤطر الأول للسياسات العمومية بالمملكة ،  رسالة للمشاركين يمكن اعتبارها بمثابة خارطة طريق لتحسين وضع الرياضة ركز فيها جلالته على ضرورة إعادة النظر في نظام الحكامة المعمول به في تسيير الجامعات و الأندية وملاءمة الإطار القانوني مع التطورات التي يعرفها القطاع.

انسجاما مع إشارة جلالته إلى ضرورة تقوية الإطار القانوني المرتبط بالأنشطة الرياضية بالمملكة وحيث أن اللحظة كانت تستدعي تفاعلا إيجابيا مع هذه الإشارات الملكية ، فقد تعزز التشريع الرياضي المغربي بالقانون رقم 30.09 المتعلق بالتربية البدنية والرياضة  الذي قعد لأسس الاحتراف الرياضي عبر التنصيص على إضفاء الصفة التجارية للأنشطة الرياضية عبر الانتقال من نظام الجمعيات الرياضية إلى الشركات الرياضية.

لم يكن ينتظر عدد من المسيرين بالأندية الرياضية أن يوجد إطار قانوني خاص ينظم علاقاتهم مع اللاعبين وباقي الفاعلين الرياضيين من قبيل الوسطاء والمستشهرين .. وبالتالي يؤطر معاملاتهم المالية خارج إطار قانون الجمعيات ، الذي كان ولا يزال مجالا واسعا للتسيب والتلاعب المالي.

لقد شكل هذا المستجد التشريعي المتعلق بضرورة إنشاء شركات رياضية حدثا جوهريا ، تفرعت عنه إشكاليات عديدة مرتبطة بهشاشة النص القانوني من جهة وبضعف استجابة الأندية له من جهة أخرى ، الشيء الذي جعل من استكمال مسلسل الاحتراف الرياضي بالمغرب أمرا معقدا.

سنحاول في مقالتنا بسط مكامن هشاشة النص القانوني المؤطر لتأسيس الشركات الرياضية وأسباب مقاومة الأندية لتغيير الإطار القانوني الخاص بها.

هشاشة النص القانوني المؤطر للشركات الرياضية:

قراءة في الفصول المؤطرة لتأسيس وتسيير الشركات الرياضية:

اعتبر الظهير الصادر بتاريخ 1958 المتعلق بتنظيم حق تأسيس الجمعيات ، القانون المؤطر لإنشاء وتسيير اندية كرة القدم منذ فجر الاستقلال ، إلى حيت صدور القانون 30.09 والذي ينص على فرض نظام جديد لتسيير الأندية ويتعلق الأمر بإنشاء شركات  رياضية.

سنحاول في هذه الفقرة أن نقارب شروط الانتقال إلى نظام الشركات والمعيقات القانونية لتنفيذ أحكام هذا القانون عبر استقراء المواد المندرجة ضمن القسم الثاني ونفصل فيها الكلام تباعا.

نجد أن المادة 15 من القانون المتعلق بالتربية البدنية والرياضة ، جاءت بصيغة الوجوب حيث تنص على أنه يجب على كل جمعية رياضية تتوفر على فرع رياضي وعلى نسبة 50% من المحترفين المجازين البالغين سن الرشد أو تحقق خلال 3 مواسم رياضية متتالية معدل مداخيل يفوق المبلغ المحدد بنص تنظيمي أو يتجاوز معدل كتلة أجوره خلال تلاثة مواسم رياضية متتالية مبلغا يحدد بنص تنظيمي أن تتحول إلى شركة رياضية.

وعليه فإن الانتقال لنظام الشركة يستند على شروط لابد من توافر أحدها باعتبار أن المشرع قد وضعها على سبيل التخيير بينها لا الإلزام بها جميعها.

فيما يخص الشروط الموضوعية ؛ لابد من توفر الجمعية الرياضية على فرع رياضي يتحقق فيه شرط وجود 50% من المحترفين البالغين سن الرشد وقد عرفت المادة الأولى من الباب التمهيدي المخصص للتعاريف الرياضي أو الإطار الرياضي المحترف على أنه من يمارس أو يؤطر مقابل أجر بصفة رئيسية أو حصرية نشاطا رياضيا لأجل المشاركة في منافسات أو تظاهرات رياضية ، وهذا شرط محقق في جميع الفرق المشاركة بالبطولة الاحترافية ،  الجمعية الرياضية مطالبة أيضا بتحقيق معدل مداخيل أو معدل كتلة أجور خلال 3 مواسم رياضية متتالية تحدد قيمته بنص تنظيمي لم يصدر إلى حد كتابة هذه الأسطر وهو مايطرح تساؤلات حول مدى إلزام السلطة التنفيذية بإصدار نصوص تنظيمية تطبيقية لنص تشريعي وتأثيرها على دخول القانون حيز التنفيذ.

من جهة أخرى تشير الفقرة الأخيرة من المادة 15 إلى شكليات الانتقال إلى الشركة الرياضية عبر تحديد شكلها القانوني والذي حدده المشرع في شكل شركات مساهمة ، وتعتبر شركة المساهمة الخاضعة لأحكام القانون 17.95 أبرز شركات الأموال بفضل ماتتمتع به من حرية في تداول رأسمالها وهي شركة تجارية بحسب شكلها وكيفما كان غرضها .؛عمد المشرع إلى إضفاء الصفة التجارية على أنشطة الاندية الرياضية شأنها في ذلك شأن الشركات التجارية ، اعتبارا للتحول الذي تعرفه الأندية الكروية على وجه خاص والمرتبط حصرا بحجم الأموال المتداولة تحت غطاء التسيير وتأثرا بالمنظومة القانونية المقارنة في ذات المجال في ظل قصور ظهير الحريات الخاص بالجمعيات على تأطير المعاملات المالية لهذا النوع من الأنشطة التي تؤثر على مناخ الأعمال بالمملكة.

ارتباطا بشكليات التأسيس تخضع الأنظمة الأساسية للشركات التي تحدثها الجمعيات الرياضية إلى مصادقة الإدارة والمقصود بالإدارة حسب مرسوم تطبيق القانون 30.09 وزارة الشباب والرياضة سابقا أي وزارة التعليم الأولي ، التربية الوطنية والرياضة حاليا.

بالانتقال إلى  المادة 17 من نفس القانون نجد أنه :”تقصى من المنافسات والتظاهرات الرياضية التي تنظمها الجامعات الرياضية كل جمعية رياضية يتوفر فيها على الأقل أحد المعايير المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 15 أعلاه والتي لا تمتثل لأحكام المادتين 15 و 16 أعلاه داخل أجل سنة يحتسب من التاريخ الذي أصبحت فيه مستوفية للشرط المذكور ولا نتفق مع المشرع المغربي في هذا الصدد إذ أن مسطرة إنشاء الشركة الرياضية تعرف تعقيدات وعراقيل كثيرة يستحيل معها تنزيل مقتضيات المادة 15 داخل أجل سنة.

ربط المشرع المغربي  إذا استنادا على المادة 17 من القانون 30.09 استمرار مشاركة الجمعيات بالمنافسات والتظاهرات الوطنية بالخضوع لأحكام المادة 15 في فقرتها الأولى فالأصل إذا أن تقصى جميع فرق البطولة الاحترافية بعد سنة من صدور القانون نظرا  لتوفرها على شرط 50% من اللاعببن المحترفين.

على العكس من ذلك لم يطل الأندية المتوفرة على شرط الانتقال إلى شركة رياضية أي إجراء يمس بتواجدها داخل المنافسات الوطنية بالرغم من عدم انخراطها في مسلسل الانتقال من نظام الجمعيات إلى الشركات الرياضية مما يطرح تساؤلات حول جدوى النص القانوني ومدى احترام أحكامه.

انسجاما مع مقتضيات القانون 30.09 أصدرت الجامعة الملكية في إطار التأسيس لعالم الاحتراف الكروي ، دفتر تحملات يشترط خمسة معايير أساسية تهم الملاعب التي ينبغي توفرها على الحد الأقصى من المدرجات والإنارة تم مقر للمراقبة فضلا عن مركز تكوين يعكس بوضوح سياسة النادي المتبعة في هذا الشأت وأيضا مدير مالي وخبير محاسباتي وميزانية أولية بقيمة 900 مليون سنتيم لكن ذلك لم يمنع تواجد عدد من الأندية داخل القسم الأول من البطولة الاحترافية بالرغم من عدم توفرها على الشروط المذكورة المرتبطة على سبيل المثال بالتوفر على ملعب لاستقبال المباريات ونذكر على سبيل المثال فريق شباب السوالم الرياضي.

تقعيدا على ماسبق يبدو أن النص القانوني لا يكفي في عالم كرة القدم لتنظيم وتقييد رؤساء الأندية بنمط تسيير معين.

إشكالية عدم إصدار النصوص التنظيمية للقانون 30.09:

تشترك السلطتين الحكومية والتشريعية في مسؤولية إصدار القوانين وتنفيذها ، ولما كانت معظم القوانين تحتاج عند تنفيذها إلى نصوص تنظيمية تصدرها السلطة التنفيذية لتكمل بها تفصيلات النص القانوني وشروط تنفيذه فإن تنفيذ هذه القوانين رهين بمدى استجابة السلطة التنفيذية والتزامها بإخراج النصوص التنظيمية .

على غرار عدد من القوانين يطرح القانون 30.09 عدة إشكالات مرتبطة بصعوبة تطبيقه فقد جاء فب المادة 118: تدخل أحكام هذا القانون حيز التنفيذ ابتداءا من تاريخ تشر النصوص التنظيمية اللازمة لتطببقه الكامل في الجريدة الرسمية”.

حسب تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي فإنه من أصل 26 نص لازم لتنفيذ مقتضيات القانون 30.09 لم يصدر سوى 11 نصا.

بمارس البرلمان المغربي حسب الدستور السلطة التشريعية عبر صياغة واقتراح والتصويت على القوانين ، لكنه وبالرغم من كونه المعبر الأول عن الإرادة الشعبية إلا أنه لا يتجاوز الإطار العام للتشريع إلى التفصيل في جزئيات النص ، وذلك عبر استخدام آلية الإحالة على النص التنظيمي التي تعتبر طريقة يلزم المشرع من خلالها الحكومة بإصدار مراسيم تنظيمية للقوانين التي يشرعها.

وتحيل معظم المراسيم التنظيمية إلى القرارات الوزارية تجسيدا لعلاقة التدرج الهرمي التي تحكم النصوص القانونية.

ومرجع الإحالة على النصوص التنظيمية يكمن في وجود تفاصيل تتداخل في تحديدها جهات متعددة تستدعي تنسيقا مشتركا تحت رقابة الحكومة ومرد ذلك أيضا صعوبة إلمام النواب بما هو تقني محض أو مرتبط بمجالات دقيقة تستدعي خبرة معينة ، لهذا تكتفي السلطة التشريعية بوضع الإطار العام للنص ومنح السلطة التنفيذية على اعتبار أنها المسؤولة المباشرة عن القطاعات المعنية حرية تحديد تفاصيل تنظيمه وتطبيقه التي قد تكون عرضة للتغيير المستمر.

فهل تعتبر الإحالة على النصوص التنظيمية وربط صدورها بدخول القانون حيز التنفيذ إلزاما للسلطة التنفيذية أم أن ذلك يدخل في نطاق سلطتها التقديرية.

يجد اختصاص الحكومة بالمجال التنظيمي سنده القانوني في الدستور المغربي حيث يحدد على سبيل الحصر في الفصل 71 التي تدخل في مجال القانون ويمنح اختصاص ماتبقى من المواد للمجال التنظيمي الذي تشرع فيه الحكومة.

وعلى هدي ذلك يترك المشرع بعض الأحكام المكملة للقانون أو المقتضيات التطبيقية لتنظيمها بموجب نصوص تنظيمية وذلك للأسباب التي قدمنا.

بالرجوع إلى أحكام القانون 30.09 في مادته الأخيرة نجد أنها تعلق مسألة دخوله حيز التنفيذ على نشر النصوص التنظيمية اللازمة لتطبيقه الكامل في الجريدة الرسمية ، لكن مانعتقد أنه شرط قابل للتحقق بداهة يخفي إشكالات عديدة متعلقة بصعوبة تنفيذ أحكام هذا القانون بل وتعطيله بسبب وجود فراغ قانوني ليس على مستوى القانون نفسه بل على مستوى النصوص التنظيمية المتعلقة بتنفيذ مقتضياته التي ظل قسم كبير منها معلقا بعد مرور 13 سنة على صدوره.

ولأنه لايمكن لقطاع حيوي كالرياضة ان يتوقف على نصوص تنظيمية ، ولأن الإدارة -كما الطبيعة- لا تقبل الفراغ فقد كان لزاما على مختلف الفاعلين بالمجال ، من جمعيات ، جامعات رياضية … أن ينخرطو في تنزيل مقتضيات النص القانوني والتأسيس لعهد الاحتراف الرياضي والكروي تتجاوز فيه الرياضة حدود الترفيه إلى مجالات الاستثمار والتنمية لكنه ظل تنزيلا عليلا تعتريه مجموعة من النواقص ومايدفعنا للقول بهذا الرأي هو ضعف استجابة أندية كرة القدم لخطوة الانتقال إلى شركات رياضية.

أسباب ضعف استجابة الأندية لمقتضيات القانون وتوجيهات الجامعة:

عندما كان من المفترض حسب أحكام الفصل 17 من القانون 30.09 أن يسند تسيير الأندية الرياضية التي يتوفر فيها أحد الشروط المذكورة في الفصل 15 من نفس القانون إلى الشركات الرياضية سنة من صدور القانون تحت طائلة الإقصاء من المنافسات والتظاهرات الرياضية  التي تنظمها الجامعات الرياضية لم يباشر تطبيق أحكام الفصل أي ناد رياضي إلى حدود سنة 2018 باستثناء فريق الفتح الرباطي الذي انخرط في هذا الورش.

ترجع أسباب ضعف استجابة الأندية لأحكام القانون الجديد إلى أمرين مرتبطين بالوضعية المادية المتردية لعدد من الأندية التي يستحيل معها إنشاء شركة مساهمة ثم إلى امتيازات نظام الجمعيات بالنسبة للمسيرين وضعف التكوين في مجال التسيير والقانون الرياضي.

الشكل القانوني للشركة الرياضية:

تخضع شركة  المساهمة لأحكام القانون 95.17. ويشترط لإنشاءها حسب المادة 6 من نفس القانون أن لا يقل رأسمالها عن تلاثة ملايين درهم إذا  كانت تدعو الجمهور إلى الاكتتاب وعلى تلاثمئة ألف درهم  إذا كانت لا تدعو إلى ذلك.

تشترط الفقرة الأخيرة من القانون 30.09أن تمتلك الجمعية الرياضية وجوبا نسبة 30% على الأقل من أسهم الشركة الرياضية وإذ نتعارض مع المشرع في استعمال لفظ “على الأقل” حيث يبعد النص عن روح نشأة القانون الذي يقضي بتسليم تسيير الجمعية للشركة المنشأة ، فقد يذهب بعض المسيرين إلى جعل الجمعية تشكل نسبة 99% من رأسمال الشركة مما يجعل مسألة إنشاء الشركة بهدف تسيير النادي إلى جانب الجمعية دون دات جدوى.

وجب التذكير بداية بأن القائم على تأسيس الشركة الرياضبة هو الجمعية الرياضية نفسها ، وبالرغم من أن القانون المغربي لم يعرف المؤسس صراحة فإنه يمكن القول بالرجوع إلى أحكام المادة 17 من القانون 17-95 بأن المؤسس هو كل شخص أتى أحد الأفعال أو قام بأحد الإجراءات ذات صلة بتأسيس الشركة التي هي في طور التأسيس وقبل اكتسابها الشخصية المعنوية سواء كان شخصيا طبيعيا أو معنويا.

هكذا إذا تناط بالجمعية القيام بأعمال التأسيس من وضع مشروع النظام الأساسي والعمل على تقديم الحصص والبحث عنها ولعل الجزاءات الجنائية والمدنية التي قد تترتب على الإخلال بأحكام التأسيس تجسد واحدة من أسباب تخوف مسيري الأندية من إنشاء شركات مساهمة حيث أنه  طبقا للفقرة الأخيرة من المادة 12 من القانون 95/17 كما تم تعديلها وتتميمها : “بخول لكل ذي مصلحة تقديم طلب للقضاء لتوجيه أمر بتسوية بتسوية عملية التأسيس كما يمكن للنيابة العامة تقديم نفس الطلب”.

تقوم الجمعية بالاكتتاب في رأسمال الشركة بتحرير الحصة التي تتناغم والنسبة المحددة سلفا بمقتضى القانون والمتمثلة في نسبة 30% على الأقل من رأسمال الشركة.

ونلاحظ أن المشرع قد ترك مسؤولية تحديد طبيعة الحصة المحررة للمؤسسين حيث يمكن أن تكون حصة نقدية أو عينية ، ويصطدم عدد من الأندية بواقع هزالة ميزانية الفريق أو عجزها بسبب سوء التسيير والعقوبات المالية المتكررة بسبب المنازعات الرياضية  وبالتالي صعوبة تحرير الأسهم المطلوبة ، ويؤكد هذه الصعوبة كشف العصبة الوطنية لكرة القدم الاحترافية عن الوضعية المالية للنزاعات الخاصة بأندية القسمين الوطنيين الأول والثاني من البطولة الاحترافية إلى غاية 3` يوليوز المنقضي حيث بلغ حجم ديون الأندية المغرببة قرابة 28 مليارا و 985 مليون سنتيم (289.844.560 درهم)، 9 ملايير و717 مليون سنتيم منها ديون صدرت فيها أحكام نهائية ، بينما 19 مليارا و 268 مليون سنتيم ماتزال ديونا جارية.

أما فيما يخص إمكانية تحرير حصة عينية والتي أوجبت المادة 21 من القانون 17.95 قاعدة التحرير الفوري والكامل لها إذ تشمل كل مال مقوم قابل للتداول من عقارات ومنقولات مادية أو معنوية لا تقبل أن تحرر جزئيا نظرا لطابعها الشمولي ، فتظل هي الأخرى مسلكا تعترضه صعوبات عدة.

يبرر هذه الصعوبة افتقاد عدد كبير من الأندية لعقارت تعود لملكيتها ، بما فيها الملاعب ومراكز التكوين .. وأيضا تخوف المسيرين من انتقال ممتلكات النادي إلى تصرف الشركة وبالتالي إمكانية فقدانها في حال تعرض الشركة للتصفية.

إلى جانب العقارت والمنقولات التي يملكها النادي نعتقد أن قيمة لاعبيه تعتبر بمتابة رأسمال يمكن للجمعية أن تساهم به في الشركة إذ أنه بالعودة إلى القانون 30.09 نجد أنه قد أوجب تحويل العقود التي لها علاقة بالأنشطة المرتبطة بالرياضة الاحترافية التي أبرمتها الجمعية إلى الشركة ونشير إلى أن القيمة النقدية للاعبين تعرف ارتفاعا مستمرا موازاة مع تحسن أداءه لكن المشرع لم يفصل إذا ما كان يمكن اعتبار قيمة اللاعبين في سوق الانتقالات في نفس منزلة ممتلكات الجمعية المنقولة والغير منقولة.

على غرار باقي الشركات تلتزم الشركات الرياضية التي توكل لها إدارة الأندية الكروية بتأدية الضرائب وواجبات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الشيء الذي قد يثقل كاهلها أمام ضعف جذب النشاط الكروي بالمملكة للمستثمرين ، وقد كنا نتمنى أن ينتبه المشرع إلى هذه النقطة باقتراح نظام ضريبي خاص بالشركات الرياضية على الأقل في هذه المرحلة الانتقالية .

هشاشة تكوين المسيرين بالأندية:

إن مرحلة مابعد المناظرة الوطنية للرياضية بالصخيرات والرسالة الملكية التي دعت إلى نهج استراتيجية وطنية تعنى بهذا القطاع الحيوي وتخلصه من إشكالات سوء الحكامة وعدم ملائمة النصوص القانونية للمستجدات الدولية ، قد شكلت لبنة البناء الأولى في مسلسل إصلاح المجال الرياضي .

ومن خلال المقارنة بين الرؤية الملكية وواقع المهتمين بالحقل الرياضي يتبين أن التعامل مع قوانين جديدة مؤطرة للرياضة تتأسس وجوبا على اعتماد نهج متقدم من التسيير الرياضي ، يستدعي توفر موارد بشرية تزاوج بين التكوين الأكاديمي والخبرة العملية تقابل مع واقع غياب ثقافة التنزيل الدقيق لمضامين النصوص وضعف التكوين في مجالات التسيير والقانون الرياضي حيث يخضع  تسيير الأندية لمنطق “مول الشكارة” والعشوائية في اتخاذ القرارات حيث تفتقد أغلب النوادي لاستراتيجية واضحة يراعى فيها الحفاظ على هوية الفريق وسلامة نتائجه وتجويد المنتوج الكروي لجعله وجهة مناسبة للاستثمار فيه مما يجعلها بعيدة عن عوالم الاحتراف وأعين المستثمرين.

ونعتقد جازمين أن من بين الإجراءات التي قد تحد من هذا التسيب الحاصل على مستوى التسيير تحديد المستوى الأكاديمي للمدراء الإداريين والتقنيين  داخل الأندية  بمقتضى نص تنظيمي غير قابل للتجاوز .

خاتمة:

حدد المشرع المغربي شكل الشركات الرياضية في شكل شركة مساهمة فيما ذهب عدد من التشريعات المقارنة إلى ترك خيار الشكل القانوني للشركة إلى المسيرين كما في التشريع الألماني ، وإذا كان المشرع المغربي يرجو من خلال تحديد شركات المساهمة كإطار قانوني ان يوفر الأمن القانوني للمنتسبين لها فإن هذا التوجه يصطدم بإكراهات مرتبطة بضعف التكوين وجملة من التناقضات في تركيب النص القانوني.

هكذا فإن المشرع مطالب بتجويد هذا النص بتشاور مع مختلف الفاعلين بالمجال من جامعات ، وباحثين ، وأندية مع مراعاة خصوصية  كل نشاط رياضي والاستئناس بالتجارب المقارنة لتجنب الوقوع في نفس الأخطاء التي ستهدر الزمن الرياضي.

*باحثة في مجال القانون والتسيير الرياضي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News