بيئة

أزمة الماء بالمغرب.. إشكالية تدبير وحكامة أم تغيرات مناخية؟

أزمة الماء بالمغرب.. إشكالية تدبير وحكامة أم تغيرات مناخية؟

حذر وزير التجهيز والماء، نزار بركة، من خطورة الجفاف الذي يهدد الكثير من المدن المغربية، عقب تسجيل تراجع غير مسبوق في الثروة المائية متأثرة بانخفاض نسبة التساقطات المطرية، ما أضحى يهدد مدنا بانقطاع تزويدها بالمياه على غرار تازة، سطات، الشاوية، الحسيمة، ويبدو أن اتخاذ إجراءات جديدة ومشددة لترشيد استهلاك الماء من طرف الحكومة ما يزال غير كافيا لتخفيف وطأة سنوات الجفاف.

وفي هذا الإطار، تطرح للنقاش مسؤولية الدولة في تدبير هذه الأزمة قبل الوصول إلى مرحلة العجز المائي، ومسؤولية المواطنين والمواطنات المغاربة في المساهمة في عقلنة وترشيد استعمال الماء، لكن الخبراء يرجعون النصيب الأكبر من المسؤولية إلى المستثمرين الكبار في مجال الفلاحة والسياحة وغيرها من المجالات المهددة للفرشة المائية في استثماراتها.

وقال محمد بنعبو، خبير في البيئة والمناخ، إن “المواطنين مطالبون بتعبئة مجتمعية لخلق نوع من التضامن المائي على مستوى الوطني، إذ تسائل الظرفية المائية اليوم جميع المغاربة”، مستدركا “لكن في المقابل لا يجب التوجه مباشرة للمواطن في حملات ترشيد المياه من داخل المنازل والتي يؤدى عنها فاتورة شهرية، بل التفكير في الموارد المائية التي يتم استثمارها في العديد من القطاعات”.

وأشار بنعبو بهذ الصدد إلى أن المجال الفلاحي لوحده يستهلك 87 بالمئة من الموارد المائية للبلاد، مضيفا أن القطاع الصناعي يستهلك أيضا نسبة مهمة من الماء ويلوث عددا كبيرا من المياه السطحية والجوفية، ما يكلف ميزانية الدولة ملايين الدولارات لإعادة معالجتها واستعمالها من جديد.

وأضاف الخبير في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، أنه “يجب توجيه التحسيس والتوعية أيضا إلى المستثمرين الكبار في المجال الفلاحي والسياسي الذين يستهلكون هذه المادة الحيوية بشكل كثيف”، مؤكدا أنه لا يجب أن تقتصر الحملات على أصحاب الحمامات والمقاهي وأصحاب غسل السيارات…”.

وشدد الخبير البيئي على ضرورة إعطاء الأولوية لتزويد الساكنة بالماء الصالح للشرب لتحقيق الأمن المائي بالدرجة الأولى، قبل التفكير في سقي الأراضي الفلاحية وتحقيق الأمن الغذائي بالدرجة الثانية.

وبخصوص القرار الذي كشف عنه وزير التجهيز والماء نزار بركة، حول تخفيض تزويد ساكنة مجموعة من الحواضر بالماء، اعتبره المتحدث ذاته “قرارل يتزامن مع إصدار تقرير يسائل العديد من القطاعات في مقدمتها وزارة الداخلية والجماعات الترابية ثم وزارة الفلاحة والمكتب الوطني للماء والكهرباء..”، كما اعتبره قرارا تدبيريا يهدف إلى ترشيد وعقلنة استعمال الماء وسيكون له وقع إيجابي على المدن المعنية بالقرار.

ومن جانبه، أثار محمد سعيد قروق، أستاذ في علم المناخ بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، في حديثه لـ”مدار21″، مسألة تدبير الموارد المائية بالمغرب بقوله: “استقر الجفاف بالمغرب منذ سنة 2018، واستمر المسؤولون في استعمال الماء كأن شيئا لم يكن إلى أن وصلت حقينة سد المسيرة إلى 5% نهاية 2021، مما دفع الحكومة إلى إعلان الجفاف، وفي نفس الوقت، تعلن نفس الحكومة ان السنة الفلاحية لنفس السنة كانت استثنائية، ومثلت اكثر من 17 % من الناتج الداخلي الخام”.

مبرزا “هذا أمر غير صحيح، لأننا إما في حالة جفاف وغير ممكن استعمال المياه في ري الفلاحة، أو أن الماء متوفر والفلاحة جيدة، والنتيجة هي أن المغاربة استعملوا مياههم في الفلاحة، ولم يبق لديهم ما يغطي الاحتياجات الأخرى اليوم”.

وبالنسبة إلى تراجع الواردات المائية، يرجع المشكل حسب قروق إلى طريقة الاستعمال وغياب الحكامة في التدبير، معتبرا تراجع نسبة ملء السدود “أمرا عادٍ” في ظل الجفاف، مردفا “أما المورد بحد ذاته يبقى محدودا، حيث لا يتجاوز في المتوسط 22 مليار متر مكعب في السنة وتمت تعبئة أكثر من 18 مليار بواسطة السدود”، مستنكرا تهرب المسؤولين من سؤال “أين ذهبت المياه التي كانت بالسدود قبل 2018؟”.

ويشار إلى أن وزير التجهيز والماء، نزار بركة، دق ناقوس الخطر حول تراجع الموارد المائية بفعل قلة التساقطات المطرية، ما أثر بشكل سلبي على نسبة ملء السدود على الصعيد الوطني، حيث لا تتجاوز 23.5 بالمئة بمعدل 3 ملايير و750 مليون متر مكعب، وستعرف بعض المدن المغربية انقطاع تزويدها بالمياه بسبب التراجع غير المسبوق في الواردات المائية، معلنا عن إجراءات جديدة ومشددة لترشيد استهلاك الماء وضمان عقلنة استعماله لضمان التزود بالماء الصالح للشرب.

وسجل وزير التجهيز والماء أنه في الوقت الذي كانت نسبة الواردات السنوية بالنسبة حوض أم الربيع تصل إلى 694 مليون متر مكعب سجل فقط 195 مليون متر مكعب، لافتا في السياق ذاته إلى وضعية سد المسيرة الذي يعيش وضعية مزرية على حد قوله حيث تصل حقينته إلى أقل من 30 مليون متر مكعب في الوقت الذي تصل قدرته الاستيعابية إلى مليارين و700 مليون متر مكعب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News