رياضة

الرياضة ببرامج الأحزاب.. أي رهانات لقطاع معتل بلا سياسة واضحة المعالم؟

الرياضة ببرامج الأحزاب.. أي رهانات لقطاع معتل بلا سياسة واضحة المعالم؟

ركزت البرامج الانتخابية للعديد من الأحزاب السياسية، التي تخوض الاستحقاقات الانتخابية للثامن من شتنبر 2021، على إبراز المكانة المتميزة التي تحظى بها الرياضة باعتبارها رافعة أساسية للتنمية البشرية.

وخصصت معظم الأحزاب، خلال هذه المحطة الهامة، حيزا هاما للقضايا الرياضية، مع توضيح مكانة هذا القطاع الحيوي في برامجها، واستعراض الآليات الكفيلة لتصبح الرياضة رافعة حقيقة للاقتصاد الوطني ولتطور الشباب المغربي وتقوية صحة المواطن.

وتشكل الانتخابات التشريعية المقبلة فرصة مواتية للتداول وإبراز مكانة الرياضة خلال تواصل الأحزاب السياسية مع المواطنين وخاصة فئة الشباب، سيما وأنه في الوقت الحالي تعيش كل القطاعات الحيوية بالمغرب على وقع تطور ملحوظ وقفزة نوعية.

وتولي الأحزاب المشاركة في هذه الانتخابات، التي تجرى اليوم (الأربعاء)، أهمية خاصة للشأن الرياضي في أفق تدارك بعض الإكراهات التي تواجه القطاع؛ أهمها عدم التنزيل الفعلي للمقتضيات الدستورية الخاصة بالرياضة، وإقرار قوانين تُترجم وتحدّد الأهداف المتوخاة من الورش الرياضي، ودعم الجامعات الرياضية وتحفيز القطاع الخاص للانخراط في تشييد التجهيزات الرياضية بغية المساهمة الخلّاقة في إنجاح النموذج التنموي الجديد في بعده الرياضي.

ولتحقيق هذه الأهداف، اقترحت الأحزاب مجموعة من الآليات من بينها، أساسا، رفع الميزانية المخصصة للقطاع وتطويره وتجويد خدماته عبر بلورة قانون إطار يخصُّ الرياضة المغربية، ودعم الشراكات بين القطاع العام والخاص في المجال الرياضي، وإحداث وكالة رياضية ذات المستوى العالي تتولى تدبير الشؤون الرياضية.

وفي هذا السياق، أولى حزب الاستقلال، ضمن برنامجه، اهتماما خاصا للقضايا الرياضية معتبرا إياها من المحركات القادرة على كسب رهان المستقبل، وورشا هيكليا من أوراش التنمية الشاملة والمستدامة، ويتقاطع مع مختلف الأوراش على مستوى الإعداد وتحديد الأهداف ووسائل العمل، وتحقيق الأهداف والغايات.

وتتمثل أهداف مشروع “حزب الميزان”، بالأساس، في جعل الممارسة الرياضية أحد الدعائم الأساسية للمحافظة على الصحة، وتوسيع قاعدة الممارسة الرياضية، وتطوير رياضة النخبة، وتحقيق الإشعاع الدولي للمغرب، بفضل المشاركة الناجعة والفعالة في الملتقيات العالمية على الأصعدة العربية والإفريقية والدولية، وتشجيع الرياضة النسوية، والاهتمام برياضة المعاقين، وتحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية في الممارسة الرياضية، والبنيات التحتية والتجهيزات الرياضية.

من جانبه، جعل حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية من الشأن الرياضي إحدى المحاور الأساسية لبرنامجه الانتخابي، حيث اعتبر القطاع الرياضي مـن أهـم المجـالات الحيويـة داخـل المجتمـع، على اعتبار أن الرياضة تعد عاملا أساسيا في الحفـاظ علـى الصحـة ورعايتهـا، وتحقيــق التماســك الاجتماعــي ونشــر قيــم التســامح والتعايــش، وتعبئــة الشــباب علــى مواجهـة ظاهـرة التطـرف والعنـف والإدمـان.

وتضمن برنامج الحزب، الذي يدخل غمار الانتخابات تحت شعار ” المغرب أولا، تناوب جديد بأفق اجتماعي وديمقراطي”، العديد من الاقتراحات التي تصب، على الخصوص، في تجاوز مجموعة من النواقص التي تعـرفها الرياضـة المغربيـة عبر بلــورة سياســة عموميــة للنهــوض بهذا القطاع الحيوي، وإعــادة النظــر فــي الإطار التشــريعي والتنظيمــي للمنظومــة الرياضيــة، وتكييـف البرامـج التعليميـة بشـكل يسـمح للمتعلميـن خاصـة فـي المرحلـة الابتدائية والثانويـة بممارسـة التماريـن الرياضيـة مـع ربـط الرياضـة بالتنشـئة الاجتماعيـة.

بدوره، جعل الحزب الاشتراكي الموحد، الذي يخوض هذه الاستحقاقات تحت شعار “دائما مع قضايا الوطن والشعب”، من النهوض بالرياضة إحدى مرتكزات برنامجه الانتخابي انطلاقا من الأدوار الطلائعية التي تضطلع بها في إعداد الإنسان المتفتح والسليم البنية والفاعل بقوة مع حاجات المجتمع، معتبرا أن العناية بالمجال الرياضي يأتي من حرص الحزب على الاهتمام الكبير للشباب وميولاتهم، والتجاوب مع حاجياتهم الفعلية.

ولتجويد الفعل الرياضي، يقترح الحزب ضمن برنامجه الانتخابي مجموعة من الإجراءات، من بينها توفير البنيات والتجهيزات الرياضية الأساسية التي تتيح للشباب تفجير مواهبهم وطاقاتهم، وتوجيه هذه البنيات لخدمة مبدإ الرياضة للجميع، وتوفير فضاءات القرب الرياضية ووضعها رهن إشارة شباب الأحياء والقرى، ودمقرطة المجال الرياضي وتطهير الأندية من مظاهر سوء التسيير، وتشجيع الرياضة المدرسية والجامعية باعتبارها مشاتل أساسية لاكتشاف المواهب وتنميتها.

أما البرنامج الانتخابي لحزب العدالة والتنمية، فقد خصص محورا للنهوض بالشأن الرياضي على اعتبار أن الرياضة أضحت اليوم تقوم بأدوار وطنية إضافية، تزيد إلى تقوية الثروة البشرية وتثمينها وصقل مواهبها وتوجيهها، والانخراط الفعال في تنمية البلاد، معتبرا أن الرهانات الكبرى التي تجعل الرياضة في قلب التنمية وخدمة الوطن، تتطلب اعتماد سياسة تنهض بالرياضة وتضمنها للجميع وتسهل عملية الولوج إلى مؤسساتها والاستفادة من خدماتها التي ترقى عموما إلى المستوى المطلوب حاليا.

ويتضمن برنامج حزب “المصباح” العديد من الاقتراحات للنهوض بالرياضة من قبيل وضع ميثاق الرياضة للجميع وتعزيز سياسة القرب الرياضي، وذلك بهدف تنمية ممارسة الرياضة من قبل فئة عريضة من العموم على مستوى الأحياء والمؤسسات التعليمية والجامعية، والنهوض بالرياضة المدرسية، وتشجيع مشاتل تكوين الأبطال، واستغلال الفضاءات الرياضية الموجودة في المؤسسات التعليمية، وتطوير تغطية البنيات التحتية الرياضية، خاصة بالمدن المتوسطة والمراكز القروية، وتحسين وضبط المساعدات المقدمة للجامعات والجمعيات الرياضية، وإرساء شراكة بين القطاعين الخاص والعام لتنمية وتدبير البنيات التحتية الرياضية للقرب.

بدوره، يدعو حزب التقدم والاشتراكية، من خلال برنامجه الانتخابي، إلى نهج سياسة رياضية تتلاءم مع رهاناتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، واعتماد ميثاق “الرياضـة للجميـع” لتجسـيد الحــق فــي الرياضــة كحــق للمواطــن، وتنميــة وتطويــر الرياضــة الجماهيريــة الرياضة المدرسية والجامعية، وكذا تطوير الرياضـة التنافسـية، ومضاعفـة عـدد الممارسـين المنخرطيـن المعتمديـن مـن طـرف الأندية والجمعيـات (هـدف مليـون منخـرط).

كما يشدد حزب “الكتاب” على تطويـر رياضـة النخبـة الرفيعـة المسـتوى، عبر منظومـة تكوينية رياضة/دراسـة، وتجويـد ودمقرطـة حكامـة القطـاع الرياضـي، واحترام استقلالية الحركة الأولمبية، مع عصرنة وعقلنـة تدبير الجامعات والأندية، ومحاربة كل ظواهر الشغب والتخريب والعنف داخـل وخـارج الفضـاءات الرياضية.

ويبقى النهوض بالقطاع الرياضي، الورش المجتمعي الكبير، رهين بالتنزيل الفعلي والحقيقي لمختلف السياسات وتنفيذ البرامج الطموحة في أفق جعل الرياضة رافعة للتنمية المستدامة، وليس مجرد شعارات مناسباتية أو صعبة التنفيذ، سيما في ظل الوضع الحالي الذي تغيب فيه سياسة رياضة واضحة المعالم، وتبقى الإنجازات المحققة بعيدة عن ضمان الاستمرار في نسق تصاعدي.

وكان المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي قد قدم، السنة الفارطة، نتائج دراسة أعدها حول السياسية الرياضية، أبرز فيها أن تنزيل الرؤية السياسية للاستراتيجية الوطنية لم يمكن من بلوغ الأهداف المسطرة، كما أن الرياضة لا تحتل حتى الآن المكانة الجديرة بها في إطار السياسة التنموية للبلاد، مرجعا السبب في ذلك إلى عدم تنزيلها في شكل سياسة عمومية حقيقية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News