مجتمع

الفقر و الهشاشة يزحفان على أزيد من 3 ملايين مغربي والشامي يدّق ناقوس الخطر

الفقر و الهشاشة يزحفان على أزيد من 3 ملايين مغربي والشامي يدّق ناقوس الخطر

دق المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي ناقوس خطر تدحرج أكثر من 3 ملايين إضافية من المغاربة تحت عتبة الفقر والهشاشة، مؤكدا أنه بعد مضي أزيد من سنتين على اندلاع الأزمة الصحية الناجمة عن جائحة كوفيد 19، “ما زالت الأسر المغربية تعاني من تداعياتها التي تفاقمت بسبب موجة التضخم وما رافقها من تدهور للقدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين وتدني مستواهم المعيشي”.

وفي ظل هذه الظروف، كشف المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي ضمن تقرير حديث له، عن انتقال نحو 3.2 ملايين شخص إضافي إلى وضعية الفقر 1.15 مليون شخص أو الهشاشة 2.05 مليون شخص، وهو ما يقترب من المستويات المسجلة سنة 2014.

وسجل المجلس الاقتصادي أن التضخم المستمر ومتعدد الأسباب الذي ينجم عنه تصاعد في أسعار المواد الغذائية، يمارس ضغطًا على القدرة الشرائية، خاصة بالنسبة للأسر ذات الدخل المحدود والطبقة الوسطى، ويؤدي إلى اتساع الفوارق الاجتماعية.

وفي إطار تقريره السنوي الثاني عشر، وفي ضوء تحليله للوضعية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية بالمملكة، سلط المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الضوء على مجموعة من نقاط اليقظة ذات الطبيعة الظرفية والهيكلية، المتعلقة أساسا باستمرار التضخم في أسعار المواد الغذائية، وضعف معدل نشاط المرأة، ونجاعة الاستثمار، والنقص في الأطر الطبية.

وتميزت سنة 2022، حسب تقرير المجلس الاقتصادي الذي يتوفر “مدار”21 على نسخة منه، بظرفية “صعبة للغاية بالنسبة لمعظم اقتصاديات البلدان المتقدمة والصاعدة” وذلك جراء تضافر العديد من الصدمات الكبرى، وفي هذا السياق، سجل النمو العالمي تباطؤاً معمماً، حيث تراجعت وتيرته من 6.3 في المئة إلى 3.4 في المئة.

كما سجلت معدلات التضخم، وفق المصدر ذاته، ارتفاعا قويا بلغت نسبته 8.7 في المئة، مقارنة بنسبة 4.7 في المئة خلال سنة 2021، وذلك على وجه الخصوص بسبب تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على أسعار المواد الأولية والمنتجات الغذائية.

ومن ناحية أخرى، تظل الآفاق المستقبلية مشوبة بدرجة عالية من عدم اليقين، حيث تشير التوقعات إلى استمرار التباطؤ الاقتصادي خلال سنة 2023، مع احتمال تراجع معدلات التضخم غير أنها ستظل على الأرجح فوق مستويات ما قبل الأزمة.

وعلى غرار العديد من البلدان، سجل تقرير “مجلس الشامي” أن الاقتصاد الوطني شهد تراجعا في وتيرة النمو من 8 في المئة سنة 2021 إلى 1.3 في المئة خلال سنة 2022، وهو ما يؤكد الطابع الظرفي للانتعاش الذي شهده الاقتصاد المغربي في 2021.

ويمكن أن تعزى هذه الوضعية، وفق المجلس، إلى تراكم وتزامن تداعيات عدة صدامات، تتعلق بالتقلبات التي سجلت على الصعيدين الدولي والداخلي، كانعكاسات موجات الجفاف المستمرة والحادة تراجع القيمة المضافة للقطاع الفلاحي بنسبة 12.9 في المئة)، والآثار المتبقية من أزمة كوفيد-19 على النسيج المقاولاتي وعلى الطلب الداخلي بصفة عامة.

وقد كانت للظرفية الاقتصادية غير المواتية خلال سنة 2022 انعكاسات سلبية على العديد من القيم الإجمالية والمؤشرات الاقتصادية، حيث سجل تفاقم في العجز التجاري مع ارتفاع معدل التضخم من 1.4 في المئة إلى 6.6 في المئة، ومَرَدَّهُ بالأساس، وفق “مجلس الشامي”، إلى الارتفاع العام في أسعار المواد الغذائية الذي يلقي بثقله على القدرة الشرائية للأسر الأكثر هشاشة.

وفي هذا الصدد، أوصى المجلس الذي يرأسه أحمد رضا الشامي، ضمن تقريره السنوي برسم 2022، بتعزيز عمليات مراقبة الممارسات المنافية لقواعد المنافسة مع تطبيق عقوبات رادعة بما يكفي، والإسراع بإصلاح أسواق الجملة، فضلاً عن دعم المدخلات الفلاحية.

وعلاوة على ذلك، أوضح التقرير أنه على الرغم من الانخفاض الطفيف جدا في معدل البطالة من 12.3 في المئة سنة 2021 إلى 11.8 في المئة خلال سنة 2022، فقد سجلت هذه الأخيرة فقدان عدد صاف من مناصب الشغل يبلغ 24 ألف منصب شغل.

وفيما يتعلق بنشاط النساء، أكد المجلس الاقتصادي أنه على الرغم من المبادرات المتعددة التي تم إطلاقها، يظل معدل نشاط النساء يتسم بانخفاض بنيوي منذ عدة سنوات، وهو ما من شأنه أن يكرس الهشاشة الاقتصادية للنساء ويحد من مساهمتهن في التنمية الاقتصادية للبلاد.

وفي هذا الصدد، دعا المجلس إلى إطلاق مسلسل تفكير ونقاش حول سبل تثمين عمل النساء ربات البيوت، وذلك من أجل تعزيز استقلاليتهن الاقتصادية، من خلال تدابير من قبيل توفير دخل أدنى، أو مصادر تمويل ملائمة لوضعيتهن، والحرص على أن تضمن مراجعة مدونة الأسرة صون حقوق النساء الاقتصادية وحمايتهن من كل أشكال التمييز وتقليص الفوارق في الأجور بين الرجال والنساء في القطاع الخاص.

هذا، ويتضمن التقرير السنوي للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أيضًا موضوعا خاصا بتدبير العجز المائي،  بالإضافة إلى تقرير يهم أنشطة المجلس والخطوط العريضة لبرنامج عمله للعام الموالي، وأكد التقرير أنه رغم هذه الظرفية الصعبة وتواتر الصدمات جراء الانعكاسات البعدية لجائحة كوفيد-19، إلا أن الاقتصاد الوطني أبان عن قدرة على الصمود.

وخلال سنة 2022، سجلت بعض القطاعات تطورات واعدة، حيث عرف قطاع السياحة انتعاشاً ملحوظاً في مداخيل الأسفار (166 في المئة)، لتبلغ مستوى أعلى مما كانت عليه قبل الأزمة. كما سجلت تحويلات مغاربة العالم أداء جيداً، حيث عرفت نموا بنسبة 16.5 في المئة. وبالموازاة مع ذلك، استقرت التدفقات الصافية للاستثمارات الأجنبية المباشرة عند نسبة تقارب 3 في المئة من الناتج الداخلي الإجمالي.

وعلى الرغم مما أبان عنه الاقتصاد الوطني عموما من قدرة على الصمود وكذا التقدم المحرز في بعض القطاعات كالسياحة، سجل المجلس الاقتصادي، أن استمرار بعض العوامل ذات الطابع البنيوي لا يزال يؤثر على الأداء الاقتصادي وتتجلى هذه العوامل على الخصوص في التباطؤ شبه المستمر لإنتاجية العمل منذ أزمة سنة 2008، إضافة إلى المنحى التنازلي لمحتوى الشغل في النمو، لا سيما إحداث فرص الشغل بالنسبة للنساء والشباب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News