رأي

دروس ما وراء إضراب الأساتذة

دروس ما وراء إضراب الأساتذة

كثيرة هي الدروس والعبر التي ينبغي أن يستخلصها المتحكمون في زمام الأمور ببلادنا من الإضرابات غير المسبوقة في قطاع التعليم. وأول هذه الدروس هو خطر فقدان الثقة في الحكومة والأحزاب والنقابات.

لقد حذرنا وحذر غيرنا في أكثر من مناسبة من خطر تدمير مؤسسات الوساطة على الدولة، ومن خطر تفصيل التمثيلية ومسخ الحياة السياسية والنقابية والتحكم فيها. فمن سيقنع اليوم نساء ورجال التعليم بالعودة إلى حجراتهم الدراسية؟ لأن الأساتذة لم يفقدوا  “النية”، بل فقدوا الثقة في هذه الحكومة وأحزابها والنقابات التي أصبحت بدون لون أو طعم أو رائحة.

وبالمناسبة، إذا تفاجأ بنموسى من الخطاب المزدوج للنقابات التعليمية التي وقعت معه على النظام الأساسي وخرجت “تطبل له”، قبل أن تنقلب عليه بعد رفضه من طرف الأسرة التعليمية، فإن أطر وكوادر الوزارة ومعهم الشغيلة التعليمية يتذكرون كثيرا كيف انقلبت هذه النقابات نفسها على النظام الأساسي/المآسي لسنة  2003 بعد التوقيع عليه، وخرجت “تناضل” ضده مع التنسيقيات التي تناسلت في هذا القطاع حتى فاق عددها عدد النقابات.

وهنا نسجل ملاحظتين بخصوص المنهجية التي اعتمدها “رجل النموذج التنموي” في صياغة هذا النظام. أولهما، استبعاد نقابتين ذات مصداقية من هذا الحوار نظرا لصراحتهما وجرأتهما. وها هو يحصد اليوم نتيجة تغييب رأي وازن ومحترم داخل هذا القطاع. فبنموسى استمع عندما كان رئيسا للجنة النموذج التنموي حتى لبعض “المؤثرين”، في حين غيب الشغيلة التعليمية وبعض ممثليها عن مراجعة النظام الأساسي لدوافع سياسوية لا علاقة لها بالقانون. فنظام التمثيلية يهم القطاع الخاص  وليس القطاع العام.

والثاني، هو السرية غير المفهومة التي طبعت أشغال إعداد نظام أساسي يهم أزيد من 300 ألف موظف، في الوقت الذي كان ينبغي فتح حوار عمومي بشأنه مع مختلف المتدخلين قبل اعتماده، لأن قطاع التعليم قطاع استراتيجي يهم جميع المغاربة وليس فئة معينة فقط.

ولذلك، فمن الحكمة أن تبادر “حكومة الكفاءات” إلى إيجاد حل سريع لهذه الأزمة التي تسببت فيها وأن يتوقف بعض أعضائها عن إطلاق الكلام على عواهنه، قبل أن تمتد شرارتها لقطاعات وفئات أخرى، لأن صبر الأسر المغربية بدأ ينفذ من هذه الحكومة التي حملت شعار “الدولة الاجتماعية” ووزعت الكثير من الوعود وضمنها تعبئة المنظومة التربوية – بكل مكوناتها – بهدف تصنيف المغرب ضمن أحسن 60 دولة عالميا، قبل أن تتبخر هذه الوعود.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News