الجمعية العامة للأمم المتحدة.. 78 عاما من القرارات التاريخية واللحظات المثيرة
على مدار 78 عاما، شهدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي تستضيف سنويًا أكثر من 190 من قادة العالم في نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية، اتخاذ العديد من القرارات التاريخية، كما شهدت من حين لآخر، حوادث مثيرة للاهتمام وغير عادية طبعت في الذاكرة.
في بعض الأحيان، شهدت اجتماعات الجمعية العامة استخدام مصطلحات وتعابير مثيرة للجدل، في الوقت الذي استمرت فيه بعض الكلمات الرسمية لساعات، رغم أن المدة المخصصة لها كانت 15 دقيقة.
وقام مراسل الأناضول بجمع وتوثيق أكثر اللحظات المثيرة للجدل والاهتمام التي حفرت في ذاكرة اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
– أطول خطاب للزعيم كاسترو
على الرغم من أن الخطابات في الجمعية العامة للأمم المتحدة يجب أن تستمر لمدة أقصاها 15 دقيقة، إلا أن رئاسة الجمعية لا تتدخل عمومًا لتذكير المتحدثين بانتهاء المدّة، ولهذا السبب، فإن الخطابات في الجمعية العامة تستمر لساعات، وليس دقائق.
الخطاب الذي ألقاه الرئيس الكوبي السابق فيدل كاسترو، في 26 شتنبر 1960 هو واحد من هذه الخطابات.
وخلال كلمته أمام الجمعية العامة والتي استمرت مدة 4.5 ساعة (269 دقيقة تقريبا)، قال كاسترو “لو لم يكن (المرشح الرئاسي الأمريكي السابق جون) كينيدي مليونيرا وجاهلا وأميًا، لكان قد فهم بوضوح استحالة قهر الفلاحين”، موقعًا بذلك على واحدة من أشهر الكلمات التاريخية في الجمعية العامة.
من أبرز اللحظات التي شهدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة، الخطاب الذي ألقاه الزعيم الليبي السابق معمر القذافي في عام 2009، والذي استمر حوالي 100 دقيقة.
وخلال كلمته آنذاك، انتقد القذافي مجلس الأمن الدولي بقوله: “لا ينبغي أن يسمى هذا مجلس الأمن، بل يجب أن يسمى مجلس الإرهاب”.
– خطأ فادح ولقطات مثيرة
ارتكب الرئيس الأوغندي الأسبق عيدي أمين، في خطابه عام 1972، خطًأ فادحًا عندما امتدح رئيس الوزراء البريطاني الأسبق إدوارد هيث ثم قارنه بأدولف هتلر. وصحح أمين خطأه فيما بعد بقوله: “كنت أقصد ونستون تشرشل وليس هتلر. هيث يشبه تشرشل”.
لقد أصبحت إندونيسيا الدولة الأولى والوحيدة التي ألقت خطابًا لمغادرة الأمم المتحدة في عام 1965، على خلفية نزاعها مع ماليزيا.
فيما استقبلت قاعة الجمعية العامة عام 2018 أصغر ضيوفها، وهو طفل رئيسة وزراء نيوزيلندا آنذاك، جاسيندا أرديرن، وكان يبلغ وقتها من العمر 3 أشهر فقط.
وعلى خلفية انتشار جائحة كورونا، اضطرت الجمعية العامة للأمم المتحدة ولأول مرة في تاريخها، لعقد جلساتها عبر الإنترنت عام 2020.
وأصبحت المطرقة رمزا للجمعية العامة بعد أن قدمت أيسلندا لرئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة مطرقة في عام 1952 لافتتاح الجلسات واختتامها، وإقرار جدول الأعمال والتصويت على القرارات.
تعرضت المطرقة التي قدمتها أيسلندا كهدية للكسر عن طريق الخطأ في عام 1960 عندما كان الدبلوماسي الأيرلندي فريدريك بولاند يحاول تهدئة رئيس الاتحاد السوفيتي السابق نيكيتا خروتشوف.
في أعقاب الحادث، اختفت عام 2005 المطرقة الجديدة التي قدمتها أيسلندا للجمعية العامة، ليتم لاحقًا إحضار مطرقة جديدة.
– تشافيز شبه بوش بـ”الشيطان”
وفي الجمعية العامة، حيث جرت العديد من المناقشات الحامية الوطيس على مدى السنوات الثماني والسبعين الماضية، كانت هناك أيضًا لحظات مثيرة أدلى فيها القادة بتصريحات مهينة لزعماء دول أخرى، فيما تقاذف آخرون اتهامات شتّى.
وفي خطابه عام 2006، قال الرئيس الفنزويلي الأسبق هوغو تشافيز في معرض وصفه للرئيس الأمريكي الأسبق جورج دبليو بوش الذي اعتلى منصة الجمعية العامة في اليوم السابق: “لقد جاء الشيطان إلى هنا بالأمس، ولا تزال تفوح منه رائحة الكبريت حتى اليوم”، في إشارة إلى الكبريت المرتبط بالشيطان في الكتاب المقدس.
وقد اعتبرت وسائل إعلام هذه الكلمة كواحدة من اللحظات المثيرة للاهتمام في تاريخ الجمعية العامة. كما قال تشافيز إنه في عهد خليفة بوش، باراك أوباما، لم تعد المنصة “تفوح منها رائحة الكبريت”.
من جهته، اتهم رئيس نيكاراغوا دانييل أورتيغا، في خطابه عام 1987، الولايات المتحدة بـ”تمويل المتمردين” في أمريكا اللاتينية و”دعم دكتاتورية أناستاسيو سوموزا ديبايل”، رئيس نيكاراغوا السابق، مما دفع الوفد الأمريكي إلى مغادرة القاعة.
وعقب كلمة أورتيغا، قال فيرنون والترز، سفير الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة آنذاك: “ربما يتعين على شعب نيكاراغوا الجلوس والاستماع إليه (أورتيغا)، لكن لا يتعين علي أنا القيام بذلك”.
– البرازيل تقود الكلمات الافتتاحية
وعلى الرغم من أن البرازيل ليست دولة مضيفة وليست حتى عضوًا دائمًا في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، إلا أن ممثلها يفتتح سنويًا خطابات أسبوع الاجتماعات رفيعة المستوى في الجمعية العامة.
ويبيّن رئيس بروتوكول الأمم المتحدة السابق ديزموند باركر سبب هذا التقليد المستمر اتباعه منذ الدورة العاشرة للجمعية العامة للأمم المتحدة (عام 1955)، قائلا: “في بداية تأسيس الجمعية العامة، كانت البرازيل تعرض دائمًا إلقاء الخطاب الأول عندما لا يرغب أي من ممثلي الدول بإلقاء الخطاب الأول، وبالتالي تم منح هذا الحق للبرازيل في الجمعية العامة”.
وأضاف: “ترتيب إلقاء الخطابات والكلمات في الجمعية العامة ليس تبعًا للتراتب الأبجدي. بعد البرازيل يلقي الخطاب ممثل الولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها الدولة المضيفة، يأتي بعدها ممثلو جميع الدول الأعضاء اعتمادًا على مستوى التمثيل، ووقت طلب إلقاء الخطاب، وبعض المعايير الأخرى، مع مراعاة التوزيع الجغرافي”.
– قواعد خاصة للجلوس
ولترتيب مقاعد ممثلي الدول الأعضاء في الجمعية العامة قواعده الخاصة. إذ يختار الأمين العام بشكل عشوائي اسم دولة عضو من قبعة تحتوي على قصاصات ورقية كتب فيها أسماء جميع الدول الأعضاء.
ويحق لممثل الدولة التي جرى اختيارها بالقرعة الجلوس في المقعد الأول على اليمين، ومن ثم يستمر ترتيب الجلوس فيما بعد وفق الترتيب الأبجدي.
وأشار باركر إلى أن الغرض من ذلك هو منع أي دولة من الجلوس في نفس المكان كل عام لضمان تكافؤ الفرص والتوزيع المتساوي.