دولي

“العسكرة” والأمن والاغتراب تبعد العرب عن الاحتجاجات ضد الإصلاحات القضائية بإسرائيل

“العسكرة” والأمن والاغتراب تبعد العرب عن الاحتجاجات ضد الإصلاحات القضائية بإسرائيل

يغيب المواطنون العرب بشكل ملحوظ عن الاحتجاجات المستمرة منذ 35 أسبوعا في إسرائيل ضد قوانين التعديلات القضائية المثيرة للجدل، لكنهم يقولون إن غيابهم له ما يبرره.

ويشكل المواطنون العرب نحو خمس السكان في إسرائيل، ولطالما قالوا إنهم يتعرضون للتمييز من قبل مؤسسات الدولة الإسرائيلية.

وتقول الحكومة الإسرائيلية إن حزمة القوانين التي تدفع بها تهدف “للموازنة ما بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية”، فيما تقول المعارضة إن من شأنها “تحويل إسرائيل إلى ديكتاتورية”.

ويرفع المحتجون شعار الحفاظ على صلاحيات وسلطات المحكمة العليا، أعلى هيئة قضائية في البلاد، في مواجهة قرارات السلطتين التشريعية والتنفيذية.

وفي حين تقول المعارضة إن الاحتجاجات تجري أسبوعيا، خاصة مساء السبت في 150 موقعا، فإنها تكاد تغيب كليا عن المدن والبلدات العربية في إسرائيل.

صوتنا ضد قرارات الحكومة

النائب العربي بالكنيست الإسرائيلي، أحمد الطيبي، قال لـ”الأناضول”: “قرارات المحكمة العليا لم تسعف ولم تعدل مع الفلسطينيين، في طرفي الخط الأخضر (المناطق العربية)”.

وأضاف الطيبي، زعيم الحركة العربية للتغيير، أن تلك المحكمة “أقرت الاحتلال بفظائعه بما فيها الإبعاد والاستيطان والحواجز والاغتيالات، كما أقرت قانون القومية الذي اعتبر أن إسرائيل الوطن القومي لليهود”.

وأردف: “مع ذلك، فإننا نعارض إضعاف الجهاز القضائي ولذلك فقد صوتنا ضد القوانين التي طرحتها الحكومة للحد من صلاحيات المحكمة العليا”.

وأشار الطيبي إلى أن “هناك قضايا تهم المجتمع العربي أكثر من قضية الجهاز القضائي”.

ولطالما اشتكى الطيبي من على منصة “الكنيست” من تمييز المؤسسة الرسمية الإسرائيلية ضد المواطنين العرب وأدان السياسة الإسرائيلية بالضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة.

ويشارك نشطاء من حركة “السلام الآن” اليسارية الإسرائيلية في الاحتجاجات وترفع شعارات إنهاء احتلال الأراضي الفلسطينية، لكنها تبقى أقلية صغيرة جدا بالمقارنة مع الجهات الأخرى التي تقود الاحتجاجات.

ويقود الاحتجاجات منظمات وأحزاب إسرائيلية لا تختلف كثيرا في مواقفها تجاه الفلسطينيين عن الأحزاب التي تشكل الحكومة اليمينية حاليا.

ويبرز في أوساط حركة الاحتجاج جنود احتياط بأجهزة الأمن والمخابرات الإسرائيلية فيما يتصدرها مسؤولون وقادة سابقون بالجيش والمخابرات الإسرائيلية.

المظاهرات “صهيونية”

وأوضح الطيبي: “المظاهرات صهيونية بامتياز وعسكرية بامتياز، وهي عسكرية لأن اسم المنظمة التي تقودها تسمى إخوة السلاح”.

وأضاف: “جنود وضباط الاحتياط والأعلام الإسرائيلية في كل متر من الاحتجاجات والمتحدثون إما رئيس مخابرات سابق أو ضابط استخبارات عسكرية سابق أو ضابط سابق في وحدة خاصة بالجيش”.

ولفت إلى أن هذا “لا يلامس مشاعر الجماهير العربية في الداخل بل يبعدها، ولذلك هي لا تشارك رغم أننا صوتنا في الكنيست – كممثلين للجمهور العربي – ضد كل القوانين التي قدمتها الحكومة الإسرائيلية ضد الجهاز القضائي”.

واعتبر أن الاحتجاجات “تريد أن تعيد الواقع إلى ما كان عليه قبل أكثر من نصف عام (قبل تشكيل الحكومة الحالية)، بينما نحن نريد أن نغير هذا الواقع لأن ما كان قبل عام و5 أو 10 سنوات وأكثر هو تمييز عنصري فاضح وانعدام العدل ضد الجماهير العربية في الداخل وفي كل المجالات”.

وبشكل عام، تغيب عن الاحتجاجات الدعوة للمساواة بين المواطنين العرب واليهود، ويغلب عليها انتقاد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وسياسات وأعضاء حكومته والأحزاب المشكلة لها.

قمع ومشاعر اغتراب

ويقول معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي في دراسة أصدرها أواسط يوليوز الماضي، حصلت “الأناضول” على نسخة منها، إن عوامل عديدة أبعدت المواطنين العرب عن الاحتجاجات.

وأوضح أن من تلك العوامل “المسافة الجغرافية، وتجارب القمع التاريخية، ومشاعر الاغتراب، والشكوك بشأن شمولية الديمقراطية، والمخاوف على السلامة الشخصية”.

وأشار المعهد إلى أن هذه العوامل “تساهم في المشاركة العربية المحدودة في الاحتجاجات ضد الإصلاح القضائي المقترح”.

واعتبر أن “معالجة هذه المخاوف والتحديات أمر ضروري لتعزيز قدر أكبر من الشمولية وضمان تمثيل أصوات ومصالح المجتمع العربي بشكل مناسب في السعي إلى التغيير القضائي، والتغييرات الاجتماعية التي قد تصاحبه”.

وقال المعهد: “في الوقت نفسه، يتعين على عرب إسرائيل أن يدركوا أن الإجماع بين أولئك الذين يحتجون ضد الإصلاح القضائي هو أن المستوطنات والاحتلال ليسا محور جهودهم الحالية”.

وأضاف: “وعلى هذا النحو، عند اتخاذ قرار الاحتجاج، يتعين على عرب إسرائيل أن يفكروا بوضوح في قضيتين”.

وأوضح أن القضية الأولى “ما هي القضايا الرئيسية التي تكمن في جوهر جهودهم، والثانية كيف يمكنهم العمل بشكل أكثر فعالية مع المتظاهرين اليهود والعناصر الأكثر تقدمية في المجتمع الإسرائيلي لتحقيق هذه الأهداف”.

ليس نقصا في الوعي

واستدرك المعهد: “لا ينبغي إساءة تفسير المشاركة المحدودة للمواطنين العرب في احتجاجات الإصلاح القضائي على أنها نقص في الوعي السياسي أو اللامبالاة”.

وقال: “وبدلا من ذلك، فهو يعكس تفاعلا متعدد الأوجه بين العوامل التي تعيق مشاركتهم النشطة في هذه الأحداث”.

وتابع المعهد: “إذا كانت إسرائيل تريد أن تكون أكثر شمولاً وأن تعالج نقص التمثيل العربي في الاحتجاجات، فيتعين عليها أن تتبنى نهج الحوار الشامل، حيث تُسمع الأصوات العربية، وتعالج قضاياها المحددة”.

وأضاف: “وفي الوقت نفسه، عند اتخاذ قرار الاحتجاج، يجب على عرب إسرائيل أن يحددوا بوضوح أهدافهم وكيف يمكن تحقيقها في إطار مؤسسات الدولة القائمة وبالتعاون مع اليهود الإسرائيليين”.

واعتبر المعهد إنه “بحكم التعريف، فإن المشاركة الأكبر لعرب إسرائيل في الاحتجاجات ستؤدي إلى نظام ديمقراطي أكثر شمولاً في إسرائيل”.

وقال: “سوف يتطلب تحقيق هذا الهدف بذل جهود تركز على تعزيز التماسك الاجتماعي وتكافؤ الفرص للجميع، بغض النظر عن خلفياتهم العرقية أو الثقافية”.

وأضاف: “من خلال بذل هذا الجهد، لا تستطيع إسرائيل ضمان تمثيل عربي أكبر في الاحتجاجات فحسب، بل يمكنها أيضًا وضع البذور لمستقبل تكون فيه اهتمامات وتطلعات جميع مواطنيها أكثر اندماجًا في نسيج المجتمع”.

وتتواصل الاحتجاجات في إسرائيل مع إصرار الحكومة على المضي قدما في إقرار حزمة القوانين من خلال الكنيست الذي تهيمن على أكثر من نصف مقاعده ال 120.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News