سياسة

 الاعتراف بمغربية الصحراء طوْق نجاة لماكرون وفرصة لتصحيح “الأخطاء التاريخية” لفرنسا تجاه المملكة

 الاعتراف بمغربية الصحراء طوْق نجاة لماكرون وفرصة لتصحيح “الأخطاء التاريخية” لفرنسا تجاه المملكة

أكد الخبير في العلاقات الدولية والمحلل السياسي أحمد نور الدين، أن كل الظروف أصبحت مواتية لاتخاذ قرار فرنسي شجاع ينصف المغرب من الحيف والتقزيم الذي تعرضت له جغرافية المملكة بفعل تآمر عدة قوى استعمارية وعلى رأسها فرنسا في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين.

وسجل نور الدين ضمن تصريح لـ”مدار21″، أن فرنسا توجد اليوم في “حالة هشاشة” نتيجة لسلسلة من “الانتكاسات الدبلوماسية” خلال عهدة الرئيس امانويل ماكرون، وأوضح أن الأمر “لا يتعلق  بالقارة الإفريقية فقط كما قد يتبادر إلى الذهن، بل يتجاوزها إلى الحلفاء الأوربيين والامريكيين”.

يأتي ذلك تعليقا على الرسالة المفتوحة التي وجهها ووجه 94 نائبا فرنسيا من جميع الأطياف السياسية، رسالة مفتوحة إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، دعوا خلالها رئيس الجمهورية الفرنسية إلى الخروج من منطقة الراحة فيما يتعلق بالصحراء المغربية، و اتخاذ موقف صريح من هذه الأخيرة، من أجل تصحيح العلاقات مع المغرب.

وأشار الخبير بالعلاقات الدولية إلى  سحب باريس سفيرها من واشنطن للتشاور بعد صفقة الغواصات الأسترالية، إضافة إلى استدعاء فرنسا سفيرها من روما على خلفية الأزمة مع رئيسة الوزراء الايطالية، لافتا إلى أن العلاقات مع ألمانيا لم تسلم هي الأخرى من الأزمة بسب خلافات أدت سنة 2022 إلى تأجيل اجتماع القمة السنوي بين المستشار الالماني والرئيس الفرنسي، وهي سابقة في تاريخ العلاقات بين البلدين منذ 1963.

وسجل المحلل السياسي أحمد نور الدين أن كل هذه الحوادث تؤكد “فشل السياسة الخارجية الفرنسية على عهد ماكرون بشكل غير مسبوق”، لافتا إلى تداعيات الحرب الاوكرانية والإهانة التي تعرض لها ماكرون في موسكو من طرف الرئيس الروسي في حادثة الطاولة الشهيرة، ثم الفشل الذريع في محاولة التقارب مع النظام العسكري الجزائري.

ويرى خبير العلاقات الدولية أنه باستحضار “الطرد المهين لفرنسا من أربعة عواصم افريقية، فسنكون أمام رئيس يعيش تحت ضغوط خارجية قصوى واحتجاجات اجتماعية داخلية حادة تجعله في وضعية فقدان التوازن وفي حالة من البحث عن مخرج أو منفذ إغاثة قبل موعد الاستحقاقات الرئاسية المقبلة”.

وحسب نور الدين فإن هذه التطورات والمعطيات، ” قد يعطي قوة ومعنى كذلك لتوقيت الرسالة التي وقعها 94 برلمانيا فرنسيا من حساسيات يسارية ويمينية”، معتبرا أن هذه الرسالة “قد تشكل طوق نجاة للرئيس الفرنسي وفرصة سانحة لتبرير مراجعات أو لإصلاح ما يمكن إصلاحه وتدارك ما يمكن تداركه في سياسته الخارجية”.

وفي هذا الإطار، أكد الخبير في شؤون ملف الصحراء، أن الاعتراف الشامل والصريح للجمهورية الفرنسية بسيادة المغرب على اقاليمه الجنوبية، سيكون خيارا منطقيا واحتمالا أكثر من وارد وخطوة من بين الخطوات التي قد يقدم عليها ساكن الإيليزي.

ويرى نور الدين على أن الطريق إلى هذا الاعتراف كان قد مهدها الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك الذي وصف الصحراء المغربية بـ”الأقاليم الجنوبية للمغرب”، وقالها أيضا الرئيس ساركوزي بطريقته الخاصة في تصريحاته، مضيفا  أن زعيم الجمهوريين وعد بالاعتراف بمغربية الصحراء اذا انتخب رئيسا لفرنسا في الاستحقاقات المقبلة.

وإلى جانب استحضار  المواقف السياسية والأعمال الميدانية التي تعزز هذا التوجه الفرنسي، سجل المحلل السياسي أحمد نور الدين أن “هناك تراكما إيجابيا يجب على الدبلوماسية المغربية أن تستثمره للدفع باتجاه تحويله إلى اعتراف فرنسي رسمي”.

وذكّر خبير العلاقات الدولية بأن فرنسا تتحمل قسطا كبيرا من المسؤولية في هذا الملف حيث كانت السبب المباشر في إطالة وجود الاستعمار الاسباني في الصحراء المغربية حين قامت سنة 1958 بقصف جيش التحرير المغربي الذي كان يحاصر الجيش الإسباني في مدينة العيون خلال ما يعرف بمعركة “إيكوفيون”.

ولفت نور الدين إلى  أن باريس كانت ضليعة في اقتطاع أراضي مغربية واقتسام أراضي أخرى مع إسبانيا في اطار اتفاقات وبروتوكولات متعددة أخص منها بالذكر اتفاقات 1902 و1904 و1934، مسجلا أنه آن” الأوان لتصحيح كل هذه الأخطاء حتى لا اقول الجرائم التاريخية التي ارتكبتها فرنسا في حق المغرب ووحدته الترابية.”

هذا، رحب برلمانيون مغاربة بالرسالة الأخيرة التي بعثها نواب فرنسيون إلى الرئيس امانويل ماكرون بشأن قضية الصحراء المغربية، وسط توقعات بأن تحرج هذه الرسالة الرئاسة الفرنسية في اتجاه الخروج من دائرة الضباب فيما يتعلق بالاعتراف بمغربية الصحراء سيما أن هناك توجها عاما داخل الجمهورية الفرنسية يدعم قرار باريس الاعتراف بالسيادة المغربية على كافة ترابها بما فيها الأقاليم الجنوبية للمملكة.

وعبر رئيس لحسن حداد رئيس اللجنة البرلمانية المشتركة المغرب- الاتحاد الأوروبي، عن أمله في أن تحدث الرسالة الأخيرة التي بعثها نواب فرنسيون إلى الرئيس امانويل ماكرون تململا في موقف باريس من قضية الصحراء المغربية، معتبرا في تصريح لـ”مدار21″ أن هذا قرار سيادي وسياسي يتعين أن تختار فرنسا الوقت المناسب للاعلان عنه من أجل الكشف عن نواياها الحقيقة بخصوص هذا الملف.

وتوقع رئيس مجموعة الصداقة المغربية الفرنسية بمجلس المستشارين محمد زيدوح، أن تزحزح فرنسا موقفها من مغربية الصحراء، لأن هناك متغيرات كثيرة حصلت على الميدان، فضلا عن كونها تدرك جيدا صوابية اختيارات المملكة وجدية ومصداقية مبادرة الحكم الذاتي التي يقدمه المغرب كحل لانهاء الصراع المفتعل حول الصحراء.

ويرى زيدوح أن فرنسا هي أكثر الدول معرفة بالحقوق التاريخية للمغرب في السيادة على أقاليمه الجنوبية باعتبارها تعلم حقيقة الحدود التاريخية للمملكة منذ فترة الحماية وخلال استعمار المملكة، مسجلا أنه “بالنظر للمناخ السياسي الإفريقي لابد من أن تغير فرنسا موقفها من قضية الصحراء لاسيما أن الرأي العام الفرنسي مقتنع أشد الاقتناع بأحقية المغرب في السيادة على كامل ترابه”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News