مجتمع

اكتظاظ السجون يضع القضاة بقفص الاتهام ومرصد يُحذر من مخاطر انتهاك حقوق المعتقلين

اكتظاظ السجون يضع القضاة بقفص الاتهام ومرصد يُحذر من مخاطر انتهاك حقوق المعتقلين

تَفاعل المرصد المغربي للسجون، مع الصرخة التي أطلقها المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج محمد صالح التامك، بشأن تفاقم معضلة الاكتظاظ  داخل سجون المملكة، معتبرا أنها “خطوة تدخل في إطار التواصل مع المجتمع باعتبار الفضاء السجني هو واقع مجتمعي يجب أن ينخرط الجميع في النهوض به تحسين وضعية القاطنين به من نزلاء وموظفين”.

وتوجهت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج إلى الرأي العام الوطني ببلاغ تعبر فيه عن قلقها بخصوص ارتفاع عدد ساكنة المؤسسات السجنية، وأومأت في بلاغها إلى أن ذلك ناتج عن “الوتيرة الحالية” للاعتقال، داعية السلطات القضائية والإدارية إلى الإسراع لإيجاد حلول كفيلة بحل إشكالية الاكتظاظ في المؤسسات المذكورة.

وأثارت “صرخة اكتظاظ السجون” التي أطلقها المندوب العام لإدارة السجون والإدماج محمد صالح التامك غضب القضاة الذين رأوا فيها “مسًّا باستقلالية السلطة القضائية”، لكنها بالمقابل وضعت الحكومة على المحك بمناسبة التعديلات المرتقبة على مجموعة القانون الجنائي، في أفق خروج قانون العقوبات البديلة إلى حيز الوجود الذي ينتظر تصديق البرلمان

وقال رئيس المرصد المغربي للسجون، عبد اللطيف رفوع، إن المرصد نبّه في أكثر من مناسبة إلى أن مُعضلة الاعتقال الاحتياطي تشكل تهديدا خطيرا داخل الفضاء السجني، ولفت إلى أن تقارير المرصد لسنوات 2019 و2020و2021 تشير إلى أن نسبة الاعتقال الاحتياطي تتجاوز في كثير من الأحيان 44 بالمائة وهو ما  يعني أن الحمولة السجنية أصبحت لا تطيق  المزيد من الوافدين الجدد على المؤسسات السجنية

وسجل رفوع ضمن تصريح لـ”مدار21”  لجوء النيابة العامة وقضاة التحقيق إلى الاعتقال الاحتياطي في غياب اعتماد البدائل من قبيل الكفالة المالية وإغلاق الحدود والمراقبة القضائية والمنع من السفر، مشددا على أن هاته الآليات القانونية الموجودة داخل المسطرة الجنائية، “لا يجب التعامل معها بنوع من الإهمال والازدراء”.

ترشيد الاعتقال الاحتياطي

وأوضح رئيس مرصد السجون أنه بالعودة إلى الإحصائيات الرسمية لوزارة العدل، نجد أن الاعتقال الاحتياطي هو من أكثر الآليات القانونية الأخرى رغم توفر الضمانات في كثير من الأحيان، مضيفا “وإن كان الاعتقال الاحتياطي ما هو إلا تدبير استثنائي لا يتم اللجوء إليه إلا ناذرا، إلا أنه خلافا لذلك نجد أن القضاة كثيرا ما يفضلون اللجوء إلى مسطرة الاعتقال الاحتياطي عوض البدائل القانونية الآخرى”.

ودعت رئاسة النيابة العامة الى استحضار قرينة البراءة واستثنائية الاعتقال الاحتياطي، كمبدأين أساسيين في قانون المسطرة الجنائية، قبل تحريك الدعاوى العمومية، مع عدم إصدار الأوامر بالإيداع في السجن إلا إذا توفرت الموجبات القانونية، كحالة التلبس أو توافر أدلة قوية على ارتكاب الجريمة مع انعدام ضمانات الحضور أو خطورة الأفعال.

وحث رئيس النيابة العامة في دورية سابقة حول “وضعية الاعتقال الاحتياطي”، وجهها إلى المحامي العام الأول لدى محكمة النقض، والوكلاء العامين للملك لدى محاكم الاستئناف، ووكلاء الملك لدى المحاكم الابتدائية، على تعزيز التنسيق مع السادة الرؤساء الأولين ورؤساء المحاكم للرفع من وثيرة تصفية القضايا الخاصة بالمعتقلين. مع القيام بكافة التدابير المساعدة للمحاكم في تجهيز القضايا.

وسجل أن العقوبات قصيرة الأمد، تُفاقم أيضا الوضع داخل السجون، إذ أن أكثر من 32 بالمائة من الساكنة السجنية، محكومين بعقوبة من شهر إلى ستة أشهر، لافتا إلى أن المرصد المغربي للسجون، هيأ مشروع مذكرة متعلقة ببادئل للعقوبات السالبة للحرية ووزارة العدل تقدمت بدورها بمشروع قانون في هذا المجال اعتمدته الحكومة وأحيل على البرلمان في انتظار عرضه على مسطرة المصادقة”.

وأعرب رئيس مرصد السجون،  أن أن ينجح مشروع  العقوبات البديلة في القضاء على العقوبة قصيرة الأمد، “حتى يمكن أن ننهي 32 في المائة من المحكومين بهاته العقوبة وبالتالي تخفيف العبء على المؤسسات السجنية”، مشددا على أن الوضع سيظل متأزما “في غياب سياسة جنائية واضحة تتعاطى مع العقوبة قصيرة الأمد وتفعيل مذكرة  رئاسة النيابة العامة التي حثت القضاة على ترشيد الاعتقال الاحتياطي وعدم اللجوء إليه إلا في غياب الضمانات”.

تهديد حقوق السجناء

ويرى رفوع أن وضعية الاكتظاظ أصبحت “تهدد حقوق السجين وتضرب في العمق كل المناهج التربوية وجهود إعادة الإدماج التي نأمل المساهمة فيها مع كافة المتدخلين وعلى رأسهم مندوبية السجون”، مردفا أن “هاته المعضلة تؤثر على الصحة وعلى التربية وعلى المساحة المخصصة لكل سجين وفق المعايير التي تحددها الاتفاقيات الدولية، إضافة إلى تأثيرها على نجاعة كل البرامج الرامية لتعزيز آنسنة السجون”

وسجل أن اكتظاظ السجون، يُعطل كل الآليات التي تساهم في إعادة الإدماج وتضرب في العمق مسألة حقوق السجين، داعيا في المقابل إلى التفاعل مع النداء الذي أطلقه المندوب العام لإدارة السجون، عبر فتح نقاش مجتمعي بعيدا عن أي مزايدات ويركز على نظرة مواطناتية، لأن أن حقوق السجون في خطر ونخشى من وقوع انفلاتات أمنية داخل سجون المملكة بفعل الاكتظاظ ” يؤكد رئيس مرصد السجون.

وكشف رفوع أن عدد موظفي الإدارة العامة للسجون، لا يتجاوز 11 ألف موظفا بمن فيهم حراس السجون الذين لاتتعدى نسبتهم 20 بالمائة من مجموع إجمالي الموظفين مقارنة مع 100 ألف سجين، لافتا إلى أن المعايير الدولية تؤكد على ضرورة أن يتوفر كل 10 سجناء على موظف واحد على الأقل في حين في المغرب يصل العدد إلى موظف لكل  100 سجين

وتابع قائلا: وهو ما يشكل خطرا على السجناء، حيث كنا نتمنى أن تعالج الأمور برزانة وأن يتدخل كل المهتمين والمتدخلين بعيدا عن لغة المزايدات وأن نشتغل كفريق واحد من أجل القضاء على هذه الظاهرة، خاصة أنها أصبحت منتشرة بشكل مقلق داخل سجون المملكة، بحيث بات المغرب من أكبر الدول من حيث نسبة الاعتقال الاحتياطي

وأكد رئيس مرصد السجون، أن رئاسة النيابة العامة وقضاة التحقيق، مطالبين بتفعيل الدورية المتعلقة بترشيد الاعتقال الاحيتاطي، وزاد: يجب الاشتغال بهدوء من أجل تحسين شروط الفضاء السجني ضمن نقاش مجتمع مواطن يستحضر حقوق الانسان و الاتفقيات الدولية ذات الصلة بالمؤسسات السجنية.

وخلص رفوع إلى القول: “لا نريد أن نتدخل في القضاء ولكن لا بد من الإشارة إلى أن هناك ملاحظات ومؤاخذات يجب أن تقال بكل صراحة خاصة إذا تعلق الأمر بحقوق المحرومين من الحرية من أجل تحقيق عدالة جنائية تتفق مع المعايير اوالاتفاقيات الدولية التي وقع عليها المغرب”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News