سياسة

الطوزي يفكك تصور المغاربة للعلاقة مع الدولة ويدعو لتحمل المسؤولية في تمويل الحماية الاجتماعية

الطوزي يفكك تصور المغاربة للعلاقة مع الدولة ويدعو لتحمل المسؤولية في تمويل الحماية الاجتماعية

في مداخلته خلال ندوة “في أفق إرساء الدولة الاجتماعية: المتطلبات والإكراهات” فكك محمد الطوزي، الأستاذ الباحث في العلوم السياسية والاجتماعية، وعضو لجنة النموذج التنموي، علاقة المغاربة بالدولة، مؤكذا بالمقابل على ضرورة تحمل المسؤولية السياسية في اعتماد طريقة تمويل مشروع الحماية الاجتماعية.

وأوضح محمد الطوزي، اليوم الأحد بالمعرض الدولي للنشر والكتاب، أن محاولة التأمل في قضية الدولة الاجتماعية “تحيلنا على قراءة لعلم الاجتماع التاريخي لمحاولة معاينة كيف نتصور علاقتنا كمغاربة مع الدولة”.

مداخلة الطوزي ركزت كذلك على معاينة التحولات الجذرية التي عرفها المغرب منذ 2008 الى الآن، مشيرا إلى تجربة حكومة التناوب التي أسست الإطار الإجرائي وليس المفاهيمي للدولة الاجتماعية، مشيرا كذلك إلى أن سنة ونصف من النقاش لإخراج النموذج التنموي، الذي جاء في إطار الجائحة، ساهمت في بلورة عدة أفكار مؤسسة للتصور النظري لقضية الدولة الحامية.

وفي مقاربته لعلاقة الدولة بالمجتمع، أشار الطوزي إلى أنه في التاريخ المغربي والتاريخ الإسلامي عموما “الدولة غالبا كانت خارج المجتمع، ذلك أنها تأتي إما عن طريق مشروع دعوي، أو عن طريق استدراج الأقليات للحكم، موضحا أن ذلك جعل “مسؤوليتها الاجتماعية غير حاضرة”.

وتابع أستاذ العلوم السياسية والاجتماعية أن إطار العلاقة بين الحاكم والمحكوم بمعيار الفلسفة الدينية الإسلامية، “يجعل مسؤولية الحاكم تأتي في إطار مفهوم الاستخلاف، وتحيل على إطار فلسفي آخر هو إطار رعوي، ذلك أن مسؤولية الحماية هي علاقة الراعي بالرعية، إذ أنه يوفر لها الأكل والمشرب والحماية لكن يمكن ان يأكلها أو يبيعها”.

ويردف الطوزي بأن هذا التصور في المخيال الشعبي يجعل علاقة المواطن بالدولة علاقة نفور، ملخصا ذلك بالقول “بقدر ما ابتعدت عن الدولة والمخزن سوف ترتاح”، مضيفا أن الثقافة السياسية مغايرة ببلدان أخرى، فالمواطن المغربي يحل مشاكله لوحده، بينما على العكس في الدول الأوروبية يتم اللجوء إلى الدولة.

وأضاف عضو لجنة النموذج التنموي أن “هذه العلاقة بين الحاكم والمحكوم بالمغرب لا تنفي أن الدولة منذ القديم، ومع تشكلها في القرن 16 و17، كانت تشعر بمسؤولياتها تجاه الناس في إطار الرعاية”، موضحا أن هذا “الاهتمام كان في إطار الرعاية وليس في إطار حقوقي”.

وأورد أنه بعد الاستقلال عرفت الدولة توجهات حامية، ولكن بدون بُعد مفاهيمي او باقتناء الإطار المفاهيمي والفلسفي من فلسفات أخرى، مضيفا أنه من بين المؤشرات على أن العقليات والتفكير تغير هي حادثة أمفكو بالأطلس المتوسط ووفاة أناس بعد حصارهم بالثلوج، التي دفعت حينها الرأي العام إلى طرح مسؤولية الدولة، مضيفا أن ذلك جعل وزارة التجهيز مجبرة بأن يكون لديها نظام إنذار.

وأكد محمد الطوزي أنه على المستوى المؤسساتي والقانوي كان دستور 2011 هو “المنعطف”، موضحا أنه تظمن أمرين مهمين لتغيير تصورنا النظري والفلسفي لعلاقة الدولة بالمجتمع والمواطن، أولهما “ظهور جانب الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وكذلك قضية الحكامة والخدمات العمومية ومسؤوليات الدولة للقيام بها.

وأبرز الطوزي أن جانبا كبيرا من شرعية الدولة يستمد من السيادة الوطنية، مشددا “لم نعد في إطار الرعاية أو الاستخلاف بل في إطار دولة تستمد شرعيتها من خلال الشعب، مما طرح بناء جديدا لمفهوم المسؤولية المرتبطة بالانتخاب والبرنامج السياسي”.

وأوضح أستاذ العلوم السياسية والاجتماعية أن “هناك إكراهات تجعل هناك تذبذب في اتخاذ القرارات لجعل هذا العلاقة محورية بين الدولة والمجتمع”.

طغيان التصور النيوليبرالية لمفهوم الدولة، من بين هذه الإكراهات، موضحا  هذا التصور يجعل مسؤولية النجاح أو الإخفاق هي مسؤولية فردية، مؤكدا أن هذا التفكير يلتقي بطريقة غريبة مع التصور الإسلامي للمسؤولية، ذلك أن الإيديولوجية الإسلامية تؤسس لشرعية التفاوت في الأرزاق ولمسؤولية الفر وليس المجتمع.

ووصل الطوزي إلى المرحلة الثالثة، مؤكدا أن النموذج التنموي جاء في سياق إخفاق نسبي للسياسات العمومية، وتزامنه مع جائحة كوفيد، موضحا أن هذا السياق طرح مقترحات تهم جعل المواطن في صلب اهتمام الدولة  الحاضنة ليس بالمفهوم الأبوي، ثم مفهوم الثقة كمؤسس للعلاقة بين الدولة والمجتمع، لأن غياب الثقة مسألة صعبة ولديها كلفة غالية في تدبير الشأن العام.

وبخصوص تمويل الحماية الاجتماعية، أكد أنه يتطلب تحمل المسؤولية السياسية لأنه لا تفاضل بين الطرق بل هي قضية “اختيارات سياسية ومذهبية”، مضيفا فيما يخص الاعتماد على الضرائب بأن “علاقتنا بالضريبة جد معقدة، وذلك راجع ليس لعدم التزام الناس بل لأن المرجعية الإسلامية تجعل الضريبة هي الزكاة”.

وشدد على أنه يجب اعتماد اختيار ومواجهة الرأي العام بهذا الاختيار، في إطار نقاش عمومي، ذلك أن “قضية الدولة الحامية جد مهمة، والانتظارات منها قوية والإمكانيات ضعيفة، لهذا فالنقاش العمومي الصريح البعيد عن الشعبوية مهم سيكون منتجا”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News