سياسة

بكومة اتهامات.. لعمامرة يجيب على اليد الممدودة من المغرب بـ”بتر” العلاقات

بكومة اتهامات.. لعمامرة يجيب على اليد الممدودة من المغرب بـ”بتر” العلاقات

بعدما تأرجحت العلاقة في توترات متعاقبة بين الجارين “التوأمين” كما وصفهما الملك محمد السادس في خطاب عيد العرش الأخير، أعلنت الجزائر، قبل قليل أنها قطعت علاقاتها مع المغرب ابتداء من اليوم إلى أجل غير مسمّى، وذلك عندما اتهمته بالتورط في الحرائق الضخمة التي اجتاحت شمالي البلاد، وخرق المعاهدات والالتزامات والاتفاقيات التي جرى توقيعها في السنوات السالفة تعزيزا للعلاقات.

وتلى هذا الإعلان وزير الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، مطران لعمامرة، في ندوة صحافية عقدها قبل قليل، قال فيها إن بلده “ترفض منطق الأمر الواقع والسياسات أحادية الجانب بعواقبها الكارثية على الشعوب المغاربية.”

وباسم رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، والحكومة والشعب الجزائريين، اتهم المسؤول الجزائري، المملكة المغربية بالتحامل على بلده في قوله “أن المغرب لم يتوقف يوما عن القيام بأعمال غير ودية وعدائية ضد بلدنا منذ استقلال الجزائر، وهذا العداء الموثق بطبيعته الممنهجة والمبيتة، تعود بدايته إلى الحرب المفتوحة 63 التي شنتها القوات العسكرية المغربية ضد الجزائر حديثة الاستقلال، وهذه الحرب التي عرفت استعمال المغرب لأسلحة ومعدات ثقيلة وفتاكة خلفت 850 شهيدا جزائريا ضحوا بحياتهم من أجل الحفاظ على سلامة وطنهم الذي ساهموا في تحريره” على حد تعبيره.

وشدّد مطران على أنه وبالرغم من كل هذه “الجراح الكبيرة التي خلفتها الحرب”، كما يصفها، عملت الجزائر على إقامة علاقات “عادية مع الجار المغربي” مشيرا إلى أن هذا هو المنطلق الذي جاءت منه “معاهدة الأخوة وحسن الجوار والتعاون واتفاقية ترسيم الحدود بين البلدين وهما الاتفاقيتان الموقعتان في الرباط سنة 1986 وبإفران سنة 1976 تكريسا لمبدإ حرمة الحدود”.

وفي سياق حديثه عن “حرمة الحدود”، عرّج المسؤول الجزائري على قرار المغرب سنة 1976، القاضي بقطع العلاقات الدبلوماسية مع الجزائر معتبرا أنه قرار “فجائي” ترجع أسبابه لاعتراف بلده حينها إلى جانب عدد من الدول الأخرى باتخاد القرار السيادي بالاعتراف بالجمهورية الانفصالية.

وتابع المتحدث بالقول: “بعد 12 عاما قرّر البلدان سنة 1988 تطبيع العلاقات الثنائية بين المملكة والجزائر وإدراجها ضمن منظور تاريخي يأخد بعين الاعتبار تعزيز التعاون، وهذا التطبيع جاء بعد الجهود الحميدة التي بذلها عدد من رؤساء الدول الشقيقة من بينهم الملك فهد بن عبد العزيزي، الذي مكن التزامه الشخصي من خلق مناخ سياسي لاستئناف العلاقات” مضيفا: “وعلى هذا الأساس جرى توقيع بيان في نفس السنة يمثل الأساس والأرضية لاستئناف العلاقات الدبلوماسية وتمت صياغته ضمن آفاق طموحة ومسؤولة وتضمن أربع معايير هامة جعلت من تطبيع العلاقات بين البلدين أمرا ممكنا”.

وذكر المسؤول الجزائري بهذه الالتزامات الأربعة المنبثقة عن البيان المشترك، والتي تتلخص بحسبه في “الرغبة في تعزيز علاقات دائمة قوامها السلم وحسن الجوار والتعاون بين البلدين، وإعادة التأكيد على الصلاحيات الكاملة للمعاهدات والاتفاقات المبرمة بين البلدين، والمساهمة الفعّالة في تسريع بناء المغرب الكبير وكذا تعزيز الصف العربي والقضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته، فضلا عن دعم حل عادل ونهائي لنزاع الصحراء عبر تنظيم استفتاء حر ونزيه يسمه للشعب بتقرير مصيره.”

ونبّه المسؤول الحكومي إلى أن “الجزائر ظلت وفية لمبادئها، ولطالما رفضت التدخل في الشؤون الداخلية للمملكة مهما كانت الظروف وقد أظهرت مواقف الجزائر الموثقة تاريخيا هذا الموقف المبدئي بوضوح خصوصا خلال أزمات سياسية أمنية خطيرة هددت استقرار المغرب”، يقول المتحدث، مستنكرا ما أسماه “الحرب الإعلامية التي تشنها أجهزة الأمن المغربية من جانبها ضد الجزائر قادتها ومؤسساتها، وشعبها دون تردد في نسج سيناريوهات خيالية، والإشاعات المغرضة”

واستحضر المسؤول الجزائري تصريح سفير المملكة عمر هلال بخصوص أحقية شعب القبايل في تقرير المصير، واصفا إيها بالتصريح “الأخطر والانحراف الخطير وغير المسؤول”.

ويرى المسؤول أن الجزائر، وفي مواجهة هذا الاستفزاز الذي بلغ ذروته أبان “عن ضبط النفس من خلال المطالبة علنا بتوضيح من سلطة مغربية مختصة ومؤهلة، غير أن صمت المملكة  في هذا الصدد والذي يستمر منذ 17 يوليوز الفارط يعكس الدعم السياسي من أعلى سلطة في البلاد لهذا الفعل.”

وبالرغم من الخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش الذي جدد فيه الملك محمد السادس دعوته إلى الجزائر من أجل تعزيز العلاقات وطي صفحة الماضي، إلا أن السلطات الجزائرية اعتبرت أن المغرب، تخلى “بصفة خطيرة وممنهجة كليا أو جزئيا عن التزاماته التي تشكل الأرضية المرجعية التي تقوم عليها تطبيع العلاقات بين البلدين” يقول المسؤول.

واتهم لعمامرة المملكة بتوظيف ترابها الوطني كـ”رأس حربة للتخطيط وتنظيم سلسلة من الاعتداءات الممنهجة ضد الجزائر” مضيفا :”آخرها تمثل في الاتهامات الباطلة والتهديدات التي أطلقها وزير الخارجية الإسرائيلي خلال زيارة رسمية للمغرب بحضور نظيره المغربي ناصر بورطة الذي كان من الواضح أنه المحرض الرئيسي لتصريحات غير المبررة، فمن منذ 1948 لم يسمع أي عضو في حكومة إسرائيلية يوجه شخصيا رسائل عدوانية من أراضي دولة عربية إلى أراض عربية مجاورة وهذا يتعارض مع كل الأعراف والاتفاقيات الجزائرية المغربية وهذا يدل على أنه عداء شديد واندفاع متهور دون أدنى قيد أو حدود.”

وعلى الصعيد الأمني الاقليمي، اتهم المسؤول المعين حديثا السلطات المغربية، بـ”منح موطئ قدم لقوات عسكرية أجنبية في المنطقة المغاربية وتحريض ممثلها للإدلاء بتصريحات معادية وكيدية ضد الجارة، ما يشكل عملا غير مسؤول وخرقا للمادة 5 من معاهدة الأخوة وحسن الجوار المبرمة مع المغرب ويتنافى مع الالتزامات التي يفترض التعاهد بها.”

وبدت قائمة اتهامات النظام الجزائري للمغرب طويلة، عندما استحضر المسؤول أيضا ما أسماه “فرض المغرب بطريقة أحادية تأشيرة الدخول بطريقة تعسفية على الجزائريين بما فيها الرعايا الأجانب من أصل جزائري في أعقاب العملية الإرهابية التي شهدتها مراكش 1994.”

ووجه المسؤول الجزائري، أصبع الاتهام إلى المغرب في مسألة التئام الاتحاد المغاربي، مشيرا إلى أن المملكة هي “الدولة العضو الذي صادق على أقل اتفاقيات مع استثناء مقصود للاتفاقيات المهيكلة  للاتحاد المغاربي، والعمل على تجميد أنشطة مؤسسة الاتحاد العربي، دافعا الاتحاد المغاربي نحو الموت البطيء”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News