مجتمع

باحثة مغربية تتقفى أثر “كورونا” على العمل الحر وتنصح بالانعتاق من عبودية الوظيفة

باحثة مغربية تتقفى أثر “كورونا” على العمل الحر وتنصح بالانعتاق من عبودية الوظيفة

أحدثت جائحة كورونا (كوفيد 19) تغيرات كبيرة، ليس فقط في أمزجة الناس وعلاقتهم ببعضهم بل حتى في أنظمة العمل وأنماط وشكل التوظيف، حيث كانت الجائحة أكبر طوفان عرفته البشرية في ألفيتها الأخيرة، طوفان هز عروش اقتصاديات عريقة و نامية على السواء، وخلف ما يناهز 88 مليون فقير جديد، بل إن هذا الرقم مرشح للارتفاع إلى 115 كما توقعت مجموعة البنك الدولي حسب تقريرها .

وتشغل أكبر شريحة من الفقراء الجدد يشتغلون على الأرجح في قطاع الخدمات غير الرسمية و الإنشاءات والصناعات التحويلية، وفق  تقرير الفقر و الرخاء المشترك شبكة إحصاء الفقر الآفاق الاقتصادية العالمية، وإذا كان تنامي الفقر هو الكابوس الأسوء الذي تلا فترة كورونا، فإن الإغلاقات العامة الناجمة عن الجائحة فقامت الخسائر سواء في عالم المال والأعمال.

وأوضحت هدى بركات الباحثة والمستشارة النفسية والأسرية أنه لئن كانت مقولة البقاء للأكثر مرونة صحيحة، فإن فلسفتها أنقذت العديد من الشركات العالمية التي  إلى لجأت إلى استخدام التكنولوجيا الرقمية من أجل التكيف مع الأزمة الحادة، مشيرة إلى أن المغرب واحد من الدول التي سارعت إبان إعلان حالة الطوارئ الصحية في مارس 2020 إلى اتخاذ حزمة من التدابير الاستعجالية، للتخفيف من آثار الجائحة على القطاعات الاقتصادية المتضررة.

وأشارت بركات ضمن مقال لها تحت عنوان: كورونا : أثر الجائحة على العمل الحر بالمغرب”، إلى أن مآل الكثير من اليد العاملة المغربية، كان هو البطالة وأصبحت بين عشية و ضحاها عرضة للشارع بسبب القيود التي وضعت أمام حركة السلع و المواد الأولية ، مسجلة أن قلة قلية كانت محظوظة لأنها تعمل في قطاعات استطاعت بسرعة أن تتحول إلى العمل عن بعد، بعد أن كان النظام الوحيد المعمول به هو العمل الحضوري.

وتنصح المستشارة النفسية الشباب المغربي وخرجي الجامعات والمعاهد بالعمل الحر، لاسيما أن سوق العمل بالمغرب يتميز بحيويته وكفاءته، حيث كشف تقرير دولي حديث أصدرته مجموعة” Manpowergroup ” احتلال المغرب المرتبة الحادية والستين عالميا فيما يخص جودة اليد العاملة والمرتبة الثالثة والثلاثون في المنطقة الأوروبية الشرق الأوسطية .

ويُلاحظ حسب تقرير للبنك الدولي أن نحو شاب واحد من بين كل ثلاثة شباب من الفئة العمرية 15_24 في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يوجدون خارج دائرة العمل أو التعليم أو التدريب.كما أن  هناك قطاعين في السوق المغربية ،قطاع حكومي تناهز نسبة العاملين به 8 في المائة وقطاع خاص تهيمن عليه شركات مملوكة للدولة أو مقاولات عائلية كبرى ومتوسطة.

وعرف العقد الأخير من القرن العشرين موجة صناعية ووظيفية جديدة، بدأت مع نشأة الأنترنت و بالتالي دخول مهن جديدة لسوق الوظائف العالمية و توالد الشركات الدولية والمتعددة الجنسية،و بزوغ عصر الإمبراطوريات التي تبحث عن أيدي عاملة ماهرة و رخيصة و بالتالي توجه البلدان الكبرى مستعمراتها القديمة ،حديقتها الخلفية .

وأبرزت الباحثة ذاتها، أنه بعد سنة 2000 حتى الأزمة العالمية عام 2008، ظهرت وظائف جديدة وظائف البرمجة وإدارة شبكات التواصل الاجتماعي والتسويق الرقمي و رقمنة عملية تحويل الأموال و كذا الإعلانات  التسويقية و بهذا ازدهر السوق العالمي وبالتالي السوق المغربي.

وسجلت بركات كورونا غيرت شكل التوظيف، بل خلقت بؤرا وظيفية جديدة، حيث عجلت أزمة كورونا إيمان الجميع بجدوى والحاحية إيجاد بدائل للعمل المكتبي أو العمل بصيغته التقليدية ، وظهر العمل عن بعد كخيار استقطب العديد من الكفاءات و الأطر، و أصبح هناك التوظيف عن بعد.

و كلها أنماط جديدة، حسب الباحثة النفسية، خلقت دينامية قوية في سوق العمل وأذكر المنافسة بين الشباب الراغب في العمل، فظهرت مهن حديثة ككتاب المحتوى و الإعلانات ،ومصوري التقارير و المونتاج الرقمي وصناع الأفلام الوثائقية، لافتتة إلى ازدهار مهن أخرى بفضل جائحة كورونا إضافة إلى  الزيادة في استخدام الانترنت، خاصة بالنسبة للمبرمجين والمصممين ومبرمجي تطبيقات الهاتف المحمول.

وترى بركات البعض يعتقد أن العمل الحر هو عمل سهل، وهو عمل هواة، و لا يتطلب جهدا كبيرا، في حين أن” الفريلانس” هو عمل مضني و يتطلب من صاحبه قدرات نفسية وذهنية كبيرة و مهارات مهمة ومتجددة حتى يضمن لصاحبه موطئ قدم في سوق “العمل المتوحش”.

ومن ضمن المهارات التي يتطلب العمل حر، وفق الباحثة النفسية، مهارة التعلم الذاتي ، مهارة اللغات وخاصة الانجليزية، والتسويق الإلكتروني، و كذا التفاوض ، مشيرة إلى أن التحدي الكبير الذي يؤرق كل “فريلانسر” هو بناء ملف شخصي مقنع، و عرض أعماله السابقة بطريقة احترافية ومميزة لجذب الاهتمام به في مواقع العمل الحر المختلفة.

وأكدت بركات أنه استنادا إلى دراسة أوروبية أعدت Malt، بكل من  فرنسا واسبانياوألمانيا فإن هناك  ثلاث دوافع رئيسة للعمل الحر، وفي مقدمتها الرغبة في الاستقلالية،  حيث  أكدت  95 في المائة  من العينة التي شملتها الدراسة في فرنسا و 92 في المائة في إسبانيا و 91 في المائة في ألمانيا، ويأتي أن هذا الدافع على رأس الدوافع التي جعلتهم يفضلون مجال العمل الحر.

وتتمثل دوافع أفضلية العمل الحر، في المرونة في تنظيم الوقت،  واختيار مكان العمل حسب الرغبة، إضافة إلى الحرية في اختيار صاحب العمل والمشروع مع وجود زمن متبقي للتطوير الذاتي واكتساب مهارات جديدة، فضلا عن ظهور مجالات جديدة لجني أرباح إضافية من منصات تسويق الخدمات ومنصات التواصل الاجتماعي، وكذا منصات العمل الحر كموقع

وخلصت الباحثة النفسية إلى أن العمل الحر استفاد كثيرا من جائحة كورونا، سواء من حيث المهن و الوظائف التي ظهرت ، وأصبح الطلب العالمي متزايد عليه، لتوفير الكفاءات المطلوبة ، قبل أن تستدرك “لكنه أيضا أبان عن تفاوت كبير  في الأجور بين الاقتصاديات المتقدمة أو النامية وهو ما يضر “الفريلانسرز”، ويجعل حقوقه في مهب الريح لضعف الترسانة القانونية التي تحمي حقوقهم”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News