سياسة | صحة

هل استقدام أطباء أجانب للمغرب هو الحل لسد خصاص الأطر؟

هل استقدام أطباء أجانب للمغرب هو الحل لسد خصاص الأطر؟

أمام الخصاص الكبير في الكوادر الطبية، لا سيما في المناطق النائية والبعيدة عن المركز، صادقت الحكومة عشية أمس الإثنين، على مشروعي مرسومين يتعلقان باستقدام خبرات طبية أجنبية وتسهيل مزاولتها لمهنة الطب في المملكة بغرض سد فجوة النقص المهول الذي فضحته أزمة جائحة كورونا وكذا تخفيف عبء حالة الإنهاك التي طالت المنظومة الصحية التي تشتغل في ظروف صعبة، تزامنا مع إقبال المغرب على تعميم نظام الحماية الاجتماعية الذي يتطلب المزيد من الكوادر العاملة في قطاع الصحة.

وصادقت الحكومة، على مشروع المرسوم الأول رقم 2.21.640، الذي يهم تغيير وتتميم المرسوم رقم 2.15.447 الصادر في 16 مارس 2016 بتطبيق القانون رقم 131.13 المتعلق بمزاولة مهنة الطب.

وأشارت الحكومة، إلى أن مشروع هذا المرسوم يأتي في إطار تفعيل إجراءات تنزيل مقتضيات القانون رقم 33.21 القاضي بتغيير وتتميم القانون رقم 131.13 المتعلق بمزاولة مهنة الطب، وخاصة تلك المتعلقة بتسهيل ولوج مزاولة مهنة الطب بالمغرب من قبل الأجانب، وكذا ملاءمة مقتضيات مشروع المرسوم مع مقتضيات أحكام القانون رقم 55.19، المتعلق بتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية.

أما مشروع المرسوم الثاني رقم 2.21.641، فيهم تأليف لجنة تتبع مزاولة مهنة الطب من قبل الأجانب بالمغرب، وكيفيات سيرها، والذي يأتي في إطار تفعيل إجراءات تنزيل مقتضيات القانون رقم 131.13 المتعلق بمزاولة مهنة الطب، حيث يتمحور هذا المشروع حول النقاط التالية: تأليف اللجنة، المكونة من ممثلين عن وزير الصحة والأمين العام للحكومة ووزير التعليم العالي ووزير الداخلية، وعن الهيئة الوطنية للطبيبات والأطباء، بالإضافة إلى تعيين أعضاء اللجنة بقرار لوزير الصحة، وكيفيات سير اللجنة.

الطبيب الأجنبي كما المغربي

ويتيح القانون الجديد للطبيب الأجنبي، إمكانية مزاولة مهنته في المملكة وفق نفس الشروط المطلوب توفرها في الأطباء المغارية، وهي التوفر على الشهادات والديبلومات التي تخول مزاولة مهنة الطب، بعد أن صار شرط معادلة هاته الشهادات والديبلومات للشهادات الوطنية يقتصر على الأطباء الأجانب الذين لم يسبق لهم التقييد بهيئة أجنبية للأطباء.

ووفق القانون المتعلق بمزاولة مهنة الطب، فقد تم إقرار عدد من التعديلات، أبرزها “مماثلة الشروط المطلوبة المزاولة مهنة الطب من لدن الأجانب، لتلك المطبقة على الأطباء المغاربة، حيث تم الاستغناء عن جملة من الشروط التي تم تشخيصها على أنها تمثل عقبة أمام ولوجهم مهنة الطب في المغرب”، ويتعلق الأمر بوجوب وجود اتفاقية الاستيطان أو اتفاقية المُعاملة بالمثل”، و”الزواج بمواطن مغربي لمدة لا تقل عن 5 سنوات أو الولادة في المغرب والإقامة به بصفة مستمرة لمدة لا تقل عن 10 سنوات”، و”عدم التقييد في جدول هيئة أجنبية للأطباء أو حذفه منها إذا كان مقيداً فيها”.

وتتضمن قائمة الشروط المطلوبة ألا يكون الطبيب الأجنبي مداناً بمقرر يكون حائزاً لقوة الشيء المقضي به في المغرب أو الخارج من أجل ارتكاب جناية أو جنحة ضد الأشخاص أو نظام الأسرة أو الأخلاق العامة، وألا تكون قد صدرت في حق المعني عقوبة تأديبية أدت إلى توقيفه عن مزاولة المهنة أو شطب اسمه من جدول الهيئة الأجنبية التي كان مقيداً فيها.

ويتعين على الطبيب الأجنبي الذي لم يسبق تسجيله في جدول هيئة للأطباء، أن يكون حاصلاً على ديبلوم الدكتوراه في الطب معترف بمعادلته للدبلوم الوطني طبقاً للمقتضيات التنظيمية الجاري بها العمل.

أما فيما يتعلق بالمغاربة الذين يزاولون مهنة الطب في الخارج، فيروم هذا المشروع تحفيز هذه الفئة على العودة للعمل في المغرب، من خلال الاستغناء عن شرط معادلة الشهادة أو الديبلوم المحصل عليه من مؤسسة أجنبية لدبلوم الوطني على اعتبار أن التجربة المهنية الميدانية المكتسبة في بلدان المهجر من شأنها أن تغني عن كل شرط لمعادلة الشهادات أو الديبلومات المحصل عليها، وكذلك لكون المنظومة الصحية المغربية في حاجة إلى جميع الطاقات والكفاءات المتاحة.

عفيف: لسنا ضد الأطباء الأجانب..لكن

وفي هذا الصدد، شدد الدكتور مولاي سعيد عفيف، رئيس الجمعية المغربية للعلوم الطبية، على أن جميع الأطباء المغاربة لطالما أبانوا عن حرفية عالية في مزاولة عملهم، كما أنهم مجندون في ورش الحماية الاجتماعية الذي أطلقه الملك محمد السادس، لكنهم يرفضون استغلال هذا القانون لاستقدام أطباء أقل خبرة وكفاءة.

عفيف وفي تصريح لـ “مدار21″، أوضح أن “أطباء المغرب ليسوا ضد قانون استقدام أطباء أجانب لمزاولة عملهم النبيل في المغرب، لكنهم وقبل كل شيء يريدون كفاءات أجنبية ستكون قيمة مضافة للقطاع الصحي المغربي لأن ما يهم في نهاية المطاف هو صحة المواطن وتوفير أحقيته في التطبيب والعلاج”.

ونبه، عضو اللجنة العلمية، إلى أن استقدام أطباء أجانب من أجل سد الخصاص الذي يعانيه هذا القطاع الحساس والحيوي والمهم ” لا يجب أن يأتي منفردا ولا يعد حلا سحريا للنهوض بالقطاع وتوفير التطبيب للمواطن أو لإنجاح ورش الحماية الاجتماعية الذي يكرس البند 31 من الدستور الذي ينص على الصحة للجميع” مضيفا: ” بل يجب النهوض أولا بهذا القطاع وتحفيز الأطباء الجدد، ومنع هجرة الكفاءات”.

وتابع الطبيب عفيف بالقول: ” الطبيب المتخرج حديثا، وبعد تسع سنوات دراسة على الأقل يتقاضى 8000 درهم وهذا أبدا ليس متكافئ، كيف يمكن تحفيزه على العطاء وممارسة مهنته بأريحية، وتشجيع الشباب على ولوج مجال الطب والتخرج والممارسة في أرض بلدهم؟” يتساءل عفيف مضيفا: ” في كل سنة يتخرج تقريبا 2000 طبيب 100 طبيب منهم على الأقل تقرر الهجرة الى الخارج خصوصا إلى ألمانيا التي توفر كافة المحفزات للأطباء المتخرجين حديثا، وبالتالي تهاجرنا كفاءات عديدة، وعوض أن نسد خصاص الأطباء نجد أنفسنا أمام انفلات للكفاءات الراغبة في تحقيق ذواتها مهنيا وفق تحفيزات تمكنها من ذلك”.

ولفت الطبيب عفيف، إلى أن هذه الكفاءات الجديدة، وجب تحفيزها على البقاء برفع تعويضاتها الشهرية نظير ما تلقته من تعليم وما ستقدمه من عطاء لهذا القطاع الحساس، يجب أن يقتنع المسؤولون بأن أهم ما يتوفر للمغرب هو موارده البشرية أولا، ثم المغاربة استقدام أكثر من 10 الاف طبيب يشتغل في بلدان أخرى يجب إرجاعهم وتحفيزهم على العودة إلى بلدهم وتقديم خدماتهم الطبية وكفاءاتهم لأبناء وطنهم”.

ونحن على مشارف الانتخابات التشريعية، يرى عفيف أنها مناسبة جيدة لـ “استحضار واقع الجهوية المتقدمة حتى يتمكن رئيس الجهة والعمدة من تحقيق العدالة الطبية مجاليا، من خلال الخريطة الصحية التي جاءت في القانون 33.09 ولم تتحقق حتى الآن، وكذا لإحداث مجلس أعلى للصحة الذي تكيل إليه مهمة تنزيل خطة للصحة على المدى المتوسط والبعيد ..” يقول المتحدث مضيفا “وهذا جميعه لم يتحدد ولا يتحقق والصحة يجب أن تكون بعيدا عن الأحزاب والسياسة ومن يشغلها يجب يكون بعيدا كل البعد، فالجائحة بينت أن مكانة الصحة مهمة وأنه ليس قطاع ثانوي، بل هو إنتاجي”.

وأوصى عفيف، بضرورة “استثمار الدولة في التكوين وفي تنزيل الجهوية، وإحداث شراكة بين مديرية الجهة ووزارة الداخلية، الوالي ورئيس الجهة والعمدة، من أجل تحديد الرؤية الجهوية للقطاع وفق خريطة محددة من شأنها العمل على توفير التطبيب والأحقيقة في توفير الخدمات الصحية في المداشر والقرى والبلدان والمناطق النائية والبعيدة وأن لا يكون التطبيب فقط في محور الرباط البيضاء وطنجة، كما أنه وجب توفير كلية طب في كل جهة”.

ضعف كمي في الكوادر الطبية

يذكر أن الخصاص المتفاقم على مستوى الموارد البشرية الطبية في المغرب يبلغ نحو 32522 طبيب وما لا يقل عن 65 ألف ممرض وفني.

ويتوفر المغرب على حوالي 28 ألف طبيب في المجموع، أي 7 أطباء لكل 10 آلاف نسمة، بعيداً عن الحد الأدنى الذي أوصت به منظمة الصحة العالمية، أي 23 طبيباً لكل 10000 نسمة.

بالإضافة إلى النقص الكمي للأطباء والمهنيين الصحيين، يسجل اختلافاً واضحاً بين المناطق على مستوى الكوادر الطبية، ففي الوقت الحالي يعمل 39 في المئة من القوى العاملة من الأطباء في القطاع العام على محور الرباط الدار البيضاء فقط.

وكان وزير الصحة خالد آيت الطالب، قد اعتبر النقص الحاصل في الموارد البشرية بقطاع الصحة هو “عجز بنيوي وكمي ونوعي”، مشيرا إلى أن هذا الخصاص يتجاوز 97 ألف مهني (32.522 من الأطباء و65.044 من الممرضين).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News