أمن وعدالة

متعتهم بأقصى ظروف التخفيف.. هكذا بررت محكمة الرباط أحكامها بحق مغتصبي طفلة تيفلت

متعتهم بأقصى ظروف التخفيف.. هكذا بررت محكمة الرباط أحكامها بحق مغتصبي طفلة تيفلت

بعد الجدل الذي أثير حول حكم غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالرباط، الذي قضى بالسجن سنتين نافدة في حق ثلاثة أشخاص متهمين باغتصاب طفلة قاصر تبلغ من العمر 12 سنة نتج عنه حملها ب دوار “الغزاونة” التابع لجماعة سيدي عبد الرزاق ضواحي تيفلت، أوضحت نسخة من الحكم أن المحكمة متعت المتهمين بأقصى ظروف التخفيف.

ووفق نص الحكم حکمت غرفة الجنايات الابتدائية علنيا ابتدائيا وحضوريا في الدعوى العمومية بإدانة المتهمين من أجل المنسوب إليهم ومعاقبة كل واحد من الأول والثاني بسنتين اثنتين حبسا نافذا‎ ‎‫ في حدود ثمانية عشر شهرا وموقوفا في الباقي، ومعاقبة الثالث بسنتين اثنتين (02) حبسا نافذا، مع‎ تحميلهم الصائر‎ ‎‫تضامنا والإجبار‎ ‎‫في الأدنى، وفي الدعوى المدنية بأداء المتهم الأول والثاني عشرون ألف درهم وبأداء الثالث للطرف المدني تعويضا قدره ثلاثون الف درهم‎ ‎‫مع تحميلهم الصائر تضامنا.‎

وخلفت الأحكام استنكارا واسعا من طرف رواد مواقع التواصل الاجتماعي، وجمعيات حقوق الطفل والمرأة، الذين رأوا في الحكم تشجيعا للإفلات من العقاب للمغتصبين، لا سيما الذين يستبيحون أجساد الأطفال، مطالبين المحكمة ووزارة العدل بمواجعة هذه الأحكام.

وكان وزير العدل عبد اللطيف وهبي نفسه قد انتقد الحكم موضحا أن “هذه الواقعة تفرض علينا الضرب بقوة على يد كل من سولت له نفسه العبث بطفولتنا من جميع الجوانب، والتي نحن عازمون تشريعيا في وزارة العدل، على تشديد أقصى العقوبات في مشروع القانون الجنائي الجديد، حماية للطفولة من جرائم الاغتصاب ومن تعاطيها للمخدرات وغيرها من الاعتداءات التي قد يتعرض لها أطفالنا”.

المتهمون ينكرون والمحكمة تثبت

وكانت الضحية قد أكدت أن المتهمين مارسوا عليها الجنس من الأمام والخلف في أوقات متباينة، كان أغلبها يتزامن مع وجود أبيها بالسوق أو في العمل، وتوجه أمها للعمل في ضيعة فلاحية، حيث تبقى في المنزل، بعدما لم تتمكن من ولوج مقاعد الدراسة، حيث تعرضت للاغتصاب من طرف الأشخاص الثلاثة، بينهم متزوج وأب لثلاثة أطفال، تحت التهديد بالقتل، في حال أفصحت عن ما جرى.

وفي التحقيق معهم تمسك المتهمون الثلاثة ببراءاتهم من الأفعال المنسوبة عليهم، حيث أكدوا جميعا أنه يعرفون الطفلة وسمعوا أنها حامل من أبناء الدوار، دون أن يفهموا أسباب اتهامهم، فيما أكد أحدهم أنه على عداوة مع عائلة الطفلة.

‎‫واطلعت “مدار21” على نسخة الحكم التي جاء فيها أنه “حيث استمع إلى المتهمين تمهيديا فأنكروا اقترافهم الأفعال المتابعين بها.‎ وحيث أكدوا إنكارهم أمام  قاضي التحقيق وأمام مجلس‎ الحكم‎، ولئن كان الأصل هو البراءة، فإنه وبالنظر لطبيعة الجرائم المقترفة (التغرير وهتك العرض) والتي ‎ ‎‫تقع في محيط مغلق، فإن القرائن تعد وسيلة هامة لتكوين قناعة القاضي طالما أن شهادة الأشياء توازي‎ شهادة الأعيان”.

وتابعت نسخة الحكم في مرحلة المداولة أن “المحكمة وقفت على تصريحات الضحية القاصر‎ ‎‫التلقائية التي يفاد منها كونها تعرضت للتغرير‎ ‎‫وهتك‎ ‎‫عرضها من طرف المتهمين، فألفتها قد وافقت‎ ‎‫ تصريحات المصرحة التي مفادها كونها شاهدت المتهم الأول يمارس الجنس على ‎ ‎‫الضحية، كما أن المواصفات التي سردتها الضحية بخصوص غرفة نوم ‎ ‎‫المتهم الثاني التي تم فيها الاعتداء أكدت الضابطة القضائية من خلال معاينتها التي تعد حجة في المجال الجنائي كونها وفق ما وصفته، فكونت بالتالي هيئة الحكم اقتناعها بثبوت أفعال التغرير بقاصر بالتدليس وهتك العرض بالعنف في حق المتهم الأول والثاني مما استوجب عقابهما طبقا للفصول 471 و485 و488 من مجموعة القانون الجنائي”.

وبخصوص المتهم الثالث قالت المحكمة أن الخبرة الجينية أثبتت من ‎ ‎‫كون الولد الناجم عن الاعتداء الجنسي هو ابن للمتهم الثالث بنسبة‎ ‎‫ 99.99 في ‎ ‎‫المائة فإن إنكاره لأية ممارسة جنسية على القاصر قد ضحد بدليل علمي، فيتعين إدانته بالتغرير بقاصر وهتك عرضها بالعنف الناتج عنه افتضاض وعقابه وفق الفصول 471 و 485 و 488 من مجموعة القانون‎ ‎‫الجنائي.

أسباب التخفيف

وحول أسباب التخفيف قالت المحكمة “إن تحديد العقوبة وتفريدها في نطاق الحدين الأدنى والأقصى المقررين في القانون ‎ ‎‫المعاقب على الجريمة بخضع لسلطة المحكمة التقديرية التي تراعي في ذلك خطورة الجريمة ‎ ‎‫المرتكبة من ناحية، وشخصية المجرم من ناحية أخرى، ولها أيضا أن تمنح المتهم التمتع بظروف‎ ‎‫التخفيف – ما لم يوجد نص قانوني يمنعها – كلما تبين لها أن الجزاء المقرر للجريمة في القانون قاس بالنسبة‎ ‎‫ لخطورة الأفعال المرتكبة أة بالنسبة لدرجة إجرام المتهم”.

وتابعت نسخة الحكم “تداولت هيئة الحكم في منح المتهمين ظروف التخفيف من عدمه فقررت تمتيعهم إياها، نظرا للظروف الاجتماعية لكل واحد من المتهمين، ولعدم‎ ‎‫ سوابقهم القضائية، ولكون الجزاء المقرر قانونا لما أدينوا به قاس بالنسبة لخطورة الأفعال ‎ ‎‫المرتكبة وبالنسبة لدرجة إجرامهم طبقا للفصلين 146 من ق ‎ ‎‫ج‎ ‎‫ والفصل‎ ‎ ‫430 من‎قانون المسطرة ‎ ‎‫الجنائية ويتعين تبعا لذلك النزول بالعقوبة المقررة قانونا عن حدها الأدنى مع تطبيق الفصل 147 من القانون الجنائي”.

‎‫ ‎‫وأوردت نسخة الحكم “إنه بمقتضى الفصل 55 من ق ج في حالة الحكم بعقوبة الحبس أو الغرامة في غير مواد المخالفات‎ ‎‫ اذا لم يكن قد سبق الحكم على المتهم بالحبس من أجل جناية أو جنحة عادية يجوز للمحكمة أن تأمر بإيقاف تنفيذ تلك العقوبة، وأن المحكمة بعدما تبين لها عدم سبقية الحكم على المتهمين الأول والثاني بأية عقوبة حبسية من الجرائم الموصوفة أعلاه، و بالنظر لحداثة اجرام المتهمين ‎ ‎‫وظروفهم الاجتماعية المبسوطة اثناء المحاكمة وخلو ملف النازلة من أية سوابق ‎ ‎‫قضائية لهما قررت جعل جزء ‎ ‎‫من العقوبة المحكوم بها المتهمان المذكوران موقوفة التنفيذ”.

‎‫وبخصوص المدة الحبسية المنخفضة قالت المحكمة “حيث لما كان الإكراه البدني وسيلة للإجبار على تنفيذ الأحكام الصادرة بالغرامات والتعويضات والصوائر عملا بمقتضيات المادة 635 من ق م ج؛ فإن المحكمة ارتأت بما لها من سلطة تقديرية تحديد‎ مدته في الأدنى”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News