فن

الأعمال الرمضانية بين الرداءة وتبليد الذوق.. ونقاد: بعضها بقرة حلوب يسعى الجميع لحلبها

الأعمال الرمضانية بين الرداءة وتبليد الذوق.. ونقاد: بعضها بقرة حلوب يسعى الجميع لحلبها

انطلق سباق الأعمال الرمضانية لسنة 2023 الأسبوع الماضي، الذي تتنافس فيه مجموعة من المسلسلات على تحقيق أعلى نسبة مشاهدة، بمواضيع تتنوع بين الدراما والكوميديا.

وعلى ما جرى به الدأب في كل رمضان، يحاول صناع الأعمال التلفزيونية المغربية جذب طيف واسع من الجمهور المحلي عبر مشاريع فنية تسخر لأجلها استثمارات مالية هامة ويتقمص أدوارها نجوم وممثلون متمرسون إضافة إلى مشاهير من عالم التواصل الاجتماعي، أحيانا بهدف النفاذ إلى متابعي هذه الفئة.

وتطال العديد من الإنتاجات الرمضانية المعروضة بالشاشات العمومية المغربية انتقادات واسعة واتهامات بالرداءة وضعف الجودة الفنية والتقنية رغم نسب المشاهدات المرتفعة التي تحققها، ما يضع صناع الأعمال المعروضة موضع مساءلة واتهام أحيانا.

ويرى متابعون أن الكثير من السلسلات تفتقد إلى الفعالية الإضحاكية والسيناريو الجيد ما يعرضها لموجة من السخرية، إذ يصفها البعض بالأعمال “الحامضة، والأمر نفسه يواجهه بعض الأعمال الدرامية التي يجدها المشاهد لا تنبني على قصة واقعية قريبة من المجتمع المغربي.

وفي قراءة للأعمال التلفزيونية الدرامية والكوميدية المعروضة على الجمهور في الموسم الرمضاني الحالي خلال الأسبوع الأول، أجمع نقاد على أن غالبية الأعمال الرمضانية خيبت الآمال بمحتوى ضعيف ورديئ، معتبرين السيتكومات “مجرد بقرة يسعى الجميع إلى حلبها”.

ويرى الناقد الفني فؤاد زويريق أن “الدراما هذه السنة أصابتنا بالخيبة كالعادة. صحيح أننا اعتدنا على الخيبات التي ترافق كل موسم حتى أضحت تقليدا وعرفا، لكن رغم ذلك يبقى الحلم بفلتة ما تحيي فينا شيئا من الأمل حلما مؤجلا إلى أجل غير مسمى”.

وأضاف الناقد الفني في تصريح لجريدة “مدار21” أنه: “لدينا وفرة في الإنتاج، وهذا يسعدنا ويفرحنا، لكن للأسف يبقى المحتوى متواضعا وضعيفا، محتوى بدون بهارات، لا نكهة ولا ذوق ولا دسم فيه، مسلسلاتنا تفتقر إلى الرؤية الفنية والفكرية والإخراجية”.

وأكد المتحدث ذاته أن الدراما المغربية لم تتصالح مع الجمهور، علما أنه تحققت طفرة في الكم، مضيفا: “لكن مازلنا نعاني من ضعف المحتوى، فالقيمة الإبداعية الحقيقة لأغلب الأعمال الدرامية منعدمة ابتداء من السيناريو باعتباره العمود الفقري لكل عمل، مرورا بالإخراج إضافة إلى باقي العناصر الفنية والتقنية الأخرى، إلا أنه يبقى التشخيص عنصر القوة الوحيد الذي تحقق من خلاله بعض الأعمال انتشارها، فلا شك بأن الممثلين لدينا في كل المسلسلات تقريبا يبلون البلاء الحسن لكن هذا لا يكفي في ظل السقم الذي يضعف باقي العناصر”.

من جانبه، يرى الناقد الفني عبد الكريم واكريم أن الجمهور المغربي يعشق فنه وهو متعطش لرؤية أعمال مغربية وحتى حينما تكون هذه الأعمال أقل من المتوسط فنيا يتابعها خصوصا في شهر رمضان، مشيرا في المقابل إلى أن “الرداءة في كثير من الأحيان تجعل جزءا كبيرا من الجمهور المغربي يهاجر إلى القنوات الفضائية العربية، لكونه يجد أعمالا درامية عربية في المستوى الفني الجيد والتي تفوق كثيرا المستوى الذي نرجوه في الدراما المغربية، التي للأسف ما زالت تراوح مكانها ولا تتطور”.

ويرى واكريم أنه في صنف الدراما حتى لو كان المستوى متوسطا في أغلب الأحيان طيلة السنوات الماضية فإننا لا نرى نهائيا أعمالا يمكن أن تنافس ما ينتج عربيا، خصوصا في مصر وسوريا حيث تطورت الدراما التلفزية بشكل كبير وجميل.

وعن الحلقات الأولى التي عرضت حتى الآن، صرح واكريم لجريدة “مدار21” بالقول: “تابعت الحلقات الأولى لمسلسل ‘مال الدنيا’ الذي يبث في ساعة الذروة بعد الإفطار مباشرة على قناة “إم بي سي 5″ وبدت لي فضاءاته غريبة عن المجتمع المغربي. فإن خفضنا صوت التلفزة وشاهدنا ما يقع نظننا في أمريكا أو في بلد غربي مشابه. وانطلاقا من حلقاته الأولى يظهر أنه ليس هناك ما يبشر بمسلسل محترم فنيا، فلا تطور في الأحداث بشكل معقول ولا شخوص مكتوبة بشكل جيد، حتى إن ممثلين جيدين يبدون وكأنهم يبذلون مجهودا مضاعفا ليؤدوا الشخصيات بشكل معقول لكن دون جدوى”.

وبخصوص الجزء الثاني من مسلسل “لمكتوب” قال واكريم: “يبدو إيقاعه كما في الجزء الأول مقبولا رغم ميله لتقليد تلك المسلسلات التركية المعروفة التي تركز على تشابك العلاقات العاطفية بالخصوص مع عدم إيلاء أي أهمية للجانب الاجتماعي، ودون طموح درامي كبير، والملاحظ أن الشخصيات في هذا المسلسل انقلبت بمئة وثمانين درجة دون التمهيد لتحولاتها النفسية والانفعالية دراميا بشكل جيد”.

وأضاف الناقد الفني ذاته في سياق حديثه عن الموسم الثاني من مسلسل “لمكتوب” أن “ما يزعج كثيرا في هذا المسلسل، إقحام إشهار لنوع من مسحوق الغسيل داخل الأحداث بشكل فج يسيء للمسلسل وللعاملين فيه ولشركة الإنتاج وللقناة”.

وبالنسبة لمسلسل “كاينة ظروف”، أوضح واكريم أنه تميز بطابعه الاجتماعي، إذ يعالج قضايا اجتماعية من صميم المجتمع المغربي، مردفا: “ربما لحد الآن هو المسلسل الأكثر مغربية من كل ما يعرض يوميا في ساعات ذروة المشاهدة”.

أما في ما يخص الأعمال الكوميدية، أبرز عبد الكريم واكريم أنه يمكن استثناء عملين هما “مدام سميرس” لحسن الفذ و”حياة ستوريات” لحنان الفاضلي اللذان يتوفران على الحد الأدنى من الرؤية الفنية الواعية بماهية الكوميديا وشروطها وقواعدها، أما الباقي فدون المستوى ورديء بشكل كبير جدا حتى أن بعض الممثلين والممثلات الذين يُحترم أداؤهم في أعمال أخرى يظهرون بشكل مثير للشفقة فيها.

وأضاف المتحدث: “نحن نتفهم أن ‘الطرف ديال الخبز’ يجعلهم يقبلون بمثل هاته الرداءات، أما اللوم يقع على الشركات المنفذة وللقنوات التلفزية التي تنتج وتبث هاته الأشياء التي لا يمكن بأي حال من الأحوال إدخالها في ما يطلق عليه “عمل فني” بل هو تبليد للذوق وإسفاف”.

ويتفق الناقد الفني فؤاد زويريق مع ما ذهب إليه واكريم بخصوص الأعمال الكوميدية، وأوضح في تصريحه للجريدة أن “صفة الجودة في السيتكومات لا تستقيم، ولن تستقيم مادمنا نتمرغ في نفس المنظومة”، مشددا على أن “السيتكومات في المغرب هي مجرد بقرة يسعى الجميع إلى حلبها”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News