رياضة

مونديال 2030.. فرصة المغرب لتجاوز هفوات ملف 2026 وتحويل ملاعبه “المتواضعة” إلى “مونديالية”

مونديال 2030.. فرصة المغرب لتجاوز هفوات ملف 2026 وتحويل ملاعبه “المتواضعة” إلى “مونديالية”

رغم التفاؤل الذي يسود ثلاثي الملف المشترك لإسبانيا والبرتغال والمغرب لدخول سباق تنظيم كأس العالم سنة 2030، إلا أن هناك العديد من النقاط على المسؤولين المغاربة الانكباب عليها سريعا من أجل تطويرها لإغلاق كل الثغرات الممكن أن تجهض الحلم المونديالي مرة سادسة.

المغرب فقد نقاطا كثيرة في سباق استضافة نسخة 2026 عندما واجه الملف المشترك لأمريكا، كندا والمكسيك، بسبب البنى التحتية الرياضية والمواصلات، لكنه رغم ذلك دافع عن حظوظه حتى آخر رمق، وحصل على 65 صوتا مقابل 134 للملف الأمريكي.

وكان بإمكان المغرب رفع حصته من الأصوات لولا أن بعض البلدان العربية أدارت ظهرها له على غرار السعودية، البحرين، الإمارات، العراق، الأردن والكويت، لبنان، فيما حليفته الحالية في الملف، إسبانيا، امتنعت عن التصويت، بينما منحت البرتغال صوتها للملف الأمريكي.

رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة

وبالعودة إلى تقييم الملف المغربي لاستضافة كأس العالم 2026، يؤكد محلل البيانات، يوسف سعود، في تصريح لجريدة “مدار21″، أن “تنقيط المغرب في ما يخص الملاعب ضعيف إذ لم تتجاوز 2.3 نقطة. صحيح، تأثر التنقيط بالملاعب المقترحة كتصميم، لكن الملاعب المتاحة حاليا، تنقيطها ضعيف هي الأخرى، أو متوسط في بعضها، مقارنة بالملاعب الأميركية التي كانت تنافس”.

وأضاف “الملاعب في المغرب، صحيح، تستجيب للحد الأدنى من شروط فيفا، لكنها ليست ملاعب مونديالية، وبالتالي تحتاج لتجويد مرافقها، خاصة الموجهة للجماهير، وما يصاحب هذه المرافق من خدمات، خاصة ارتباطها بشبكة نقل على أعلى مستوى من الجاهزية”.

وسجّل سعود أن “تنقيط المغرب، للأسف، أيضا  لم يتجاوز 2.1 نقطة في ما يتعلق بالمواصلات، وهو الحد الأدنى في تنقيط الاتحاد الدولي للعبة، وهذا أكبر مشكل يعاني منه المغرب، خاصة ضعف تنقيطه فيما يخص ‘mobility’ و’connectivity’ وهي مؤشرات مهمة في قياس جودة النقل في الحواضر الحديثة، خاصة عند الحديث عن مفهوم المدن الذكية”.

في حاجة إلى ملاعب مونديالية

ويبدو أن الوقت قد حان لتستجيب الوزارة الوصية على قطاع الرياضة في المغرب ومعها الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم لمطالب الجماهير للانتقال إلى جيل جديد من الملاعب، سواء ببناء الملاعب “الكبيرة” التي ظلت حبرا على ورق، على غرار ملعب الدار البيضاء الكبير، أو بتطوير الملاعب الحالية لتواكب التطور الذي تعرفه معايير “فيفا” وتصاميم الملاعب عبر العالم.

ويوضح سعود بهذا الصدد أن “المغرب كان قد رصد 3 ملايير دولار للملاعب في ملفه لمونديال 2026، لكنه لن يرصد نفس الميزانية (في الملف المشترك)، لتَقلُّص عدد الملاعب المعنية، إذ إن أغلبها جاهز ويحتاج لإعادة التطوير، لتصبح ملاعب يمكن للعائلات قضاء يوم كامل في مرافقها، وختمه بمشاهدة مباراة لكرة القدم”.

وشدد المتحدث على أن “هذا الأمر يحيلنا على تطوير خدمات الترفيه في ملاعب المغرب.. فالدولة، تستثمر ميزانيات كبيرة في ملاعب بمردود اقتصادي ورياضي ضعيف، فهي مؤسسات تشتغل أسبوعيا، وأنشطتها لا تتجاوز مباريات كرة القدم مع بعض الحفلات والأنشطة، أما في دول أخرى، الحكومات لا تستثمر في الملاعب بشكل كبير، بل تشجع الاستثمار في هذا المجال عبر خلق مناخ مناسب، وبالتالي السماح للشركات والمؤسسات بالاستثمار في ملاعب بفضاءات كبيرة توفر أنشطة اقتصادية كثيرة لخلق الثروة”.

يوسف سعود يعتقد أن الوقت حان من أجل “الانتقال للعمل بحقوق التسمية ‘naming rights’ وتحقيق مداخيل تمكن من تطوير الملاعب الحالية، وتحويل مخصصات تدبيرها لأنشطة رياضية أخرى”.

وأعطى مثالا على ذلك بأنه “يمكن لرونو-نيسان شراء حقوق تسمية ملعب مقابل مبلغ مالي والتزام بتطوير الملعب وخدماته، وتخفيف الضغط على ميزانية تدبير الملعب وتسييره وتجهيزه وإصلاحه، وتحويله إلى فضاء لأنشطة أخرى ومرافق تحتاج للاهتمام أكثر، وترشيد أموال دافعي الضرائب”، مضيفا “الشيء ذاته بالنسبة لملعب القنيطرة عند اكتمال توسعته مع مجموعة ستيلانتيس وإفريقيا مع ملعب أكادير وبنك أوف أفريكا في ملعب مراكش وملعب الحسيمة”، مؤكدا أن هذا سيمنح مساحة للشركة المكلفة بتدبير الملاعب سونارجيس لتحقيق مداخيل كبيرة بعيدا عن المالية العمومية، إذ لا يمكن تخصيص ميزانيات كبيرة لمرافق تشتغل أسبوعيا، ولا يستفاد منها في أنشطة كثيرة، يضيف المتحدث ذاته.

ولي في التنظيم مآرب أخرى

ولا يمكن إنكار الطفرة التي تعيشها العديد من القطاعات بالمغرب، فبالإضافة إلى البُنى التحتية الرياضية، التي تعد من بين الأجود على الصعيد الإفريقي، تعد السياحة بالمملكة من بين نقاط القوة التي يُراهن عليها المغرب في جميع الملفات التي قدمت للترشيح لاستضافة كأس العالم.

وبهذا الصدد، وقعت الحكومة صباح اليوم الجمعة اتفاقية إطار للشراكة لتنزيل خارطة الطريق الاستراتيجية لقطاع السياحة للفترة 2023-2026، بغلاف مالي يصل إلى 6.1 ملايير درهم.

وتروم خارطة طريق السياحة، استقطاب حوالي 17.5 مليون سائح وتحقيق 120 مليار درهم من المداخيل بالعملة الصعبة وخلق 200 ألف فرصة شغل جديد مباشر وغير مباشر في أفق 2026، وإعادة تموقع السياحة كقطاع أساسي في الاقتصاد الوطني، ما سيعيد تموقع المملكة في خارطة الوجهات الأكثر جذبا للسياح.

ويرى يوسف سعود أن في ما يخص مؤسسات الاستقبال وخدمات الإنترنت والخدمات المالية وباقي الخدمات التي تحتاجها تظاهرة من حجم كأس العالم لعيش أفضل التجارب “لا تطرح مشكلا بالنسبة للمغرب، إذ حصل فيها على تنقيط جيد في التقييم السابق لملفه (2026)”.

واسترسل قائلا: “صناعة السياحة مثلا، صحيح أنها لا تصل لنظيرتها في إسبانيا، لكنها من بين الأفضل، وتوفر مستويات عالية من الجودة، وقدرة استيعابية كبيرة مقارنة ببلدان كثيرة، خاصة في مدن مراكش والرباط وأكادير وطنجة، بالإضافة للخدمات المالية، وخدمات الإنترنت وغيرها”، مبرزا أن “هذا الشق لا يشكل أي مشكل كبير للمغرب، ويمكن بسهولة التغلب على النواقص، عكس النقل والملاعب التي حصل فيها المغرب على تنقيط ضعيف، ويحتاج لتطويرها”.

المغرب “خزان” أصوات لإسبانيا والبرتغال

ويؤكد سعود أن تجربة المغرب في سباق استضافة مونديال 2026 أكدت أن له وزنا على الصعيد العالمي بعدما تمكن من حصد 65 صوتا في مواجهة أمريكا والمكسيك وكندا مجتمعين، ما سيشكل دفعة قوية لملف البلدين الإيبيريين في سباق 2030.

وقال بهذا الصدد “الإسبان ومعهم البرتغاليون يعون جيدا أهمية انضمام المغرب لملفهم لحسم السباق، وهو ما عكسه الطلب الإسباني سنة 2018، قبل أن يتلقى “فيتو” من الاتحاد الأوروبي لكرة القدم” بعد رفض ترشيح بلدان لا تنتمي للقارة ذاتها، وأضاف “دخلت السياسة على الخط، وتم إقحام أوكرانيا في الملف، لكن سرعان ما قام الإسبان والبرتغاليون بإعادة النظر في هذا التوجه، وتعاملوا ببراغماتية كبيرة وقراءة صحيحة للمعطيات”.

وشدد على أن “المغرب سنة 2018 حصل على 65 صوتا، أمام ثلاثة بلدان توجد ضمن بلدان الصدارة في مؤشر القوة الناعمة، بينهم بلد يقود العالم هو أميركا، واستطاع الحصول على هذا العدد من الأصوات، وبالتالي يعي الإسبان والبرتغاليون جيدا أن المغرب، إضافة إلى توفره على الحد الأدنى من شروط فيفا، فهو خزان أصوات وقادر على قلب السباق لصالح الملف بسهولة، وربما حصد أصوات أكثر من إسبانيا والبرتغال”.

المونديال لتسريع رهانات النموذج التنموي

وعلى غرار جل البلدان التي استضافت كأس العالم، ستشهد المسيرة التنموية وتيرة متسارعة لخطط التنمية تماشيا مع رهانات النموذج التنموي الجديد، إذ يؤكد يوسف سعود بهذا الصدد أن “هذه التظاهرات، تمثل أفضل ما في وسائل الضغط المتاحة لتسريع الأوراش والمخططات التنموية ذات الصلة.. فقطر تمكنت من تحقيق جزء كبير من رؤية 2030 قبل سنة 2022، بفضل حصولها على شرف تنظيم المونديال.. أيضا السعودية مثلا، أعلنت رغبتها في احتضان التظاهرة سنة 2030 في ملف مشترك، لجعل هذا الحدث محركا لمخططها رؤية 2030”.

ولن يحيد المغرب عن هذه القاعدة، إذ يشير المتحدث إلى أنه “سيستفيد من احتضان الحدث على العديد من المستويات، منها الحقوقي والبيئي وأهمها الإرث الذي سيخلفه الحدث والذي سيعود بالنفع على البلد وتطوير مجتمعات كرة القدم”.

وأكد المحلل الرياضي أن “المغرب كان يقدم ملفاته السابقة، ويراهن على التعاطف مع ملفه ممثلا لإفريقيا، وتنقيطه مقارنة بمنافسيه دليل على تواضع بنياته مقارنة بالبلدان المنافسة، باستثناء مونديال 2010″، بيد أن “نسخة قطر 2022، كانت آخر نسخة ينظمها بلد واحد، وبالتالي هذه فرصة للمغرب لتنظيم المونديال مع بلدان لها تقليد في تنظيم التظاهرات، وتتوفر على أفضل التجارب في صناعة كرة القدم في العالم، وبالتالي ستمكن المغرب من الاستفادة بشكل كبير على مستويات عدة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News