صحة

العدوي تُعرّي اختلالات سوق الأدوية: لا آثر لمراجعة الأسعار على جيوب المغاربة

العدوي تُعرّي اختلالات سوق الأدوية:  لا آثر لمراجعة الأسعار على جيوب المغاربة

كشف التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات المرفوع إلى الملك عن اختلالات سوق إنتاج وتوزيع الأدوية بالمغرب، مؤكدا أن المقتضيات التنظيمية المؤطرة لقطاع الأدوية، غير واضحة، سيما تلك المتعلقة بالمخزون الاحتياطي للأدوية وصيغة تحديد سعر بيع الأدوية الجنيسة.

وأوضح المجلس، ضمن تقريره برسم 2021 المنشور بالعدد الأخير من الجريدة الرسمية، أن المرسوم المتعلق بشروط وكيفيات تحديد سعر بيع الأدوية المصنعة محليا أو المستوردة، “لم يحدد طريقة تحديد أسعار الأدوية التي لا تحمل لا صفة دواء أصلي ولا صفة دواء جنيس”.

إضافة إلى ذلك، تبيّن -حسب تقرير مجلس العدوي- أن الإطار القانوني المعمول به “لا يشجع، بشكل كافٍ”، على تطوير الإنتاج المحلي، بشكل عام، وسوق الأدوية الجنيسة خصوصا، وبالتالي على توافر الأدوية وولوجيتها الاقتصادية.

وفي المقابل، أكد المجلس الأعلى للحسابات، إن هذا الإطار القانوني الحالي يحفز استيراد الأدوية على حساب الإنتاج المحلي، وذلك بمنح هامش ربح إضافي بنسبة 10 بالمئة من ثمن المصنع دون احتساب الرسوم على كل دواء مستورد.

وفيما يتعلق بتطوير سوق الأدوية الجنيسة، سجل التقرير أن مدة براءة اختراع الأدوية الأصلية في المغرب (ما بين 20 و25 سنة، حسب القانون رقم 97.17 المتعلق بحماية الملكية الصناعية) تعد طويلة نسبيًا مقارنة بدول أ خرى، حيث تمتد على سبيل المقارنة، هذه الفترة لعشر سنوات فقط في بلدان الاتحاد الأوروبي.

وعلى مستوى الإطار الاستراتيجي، أشار المصدر ذاته، إلى قيام  الوزارة المكلفة بالصحة، سنة 2012، بوضع أول سياسة دوائية وطنية، شملت الفترة الممتدة ما بين 2015 و2020، إلا أنه لم يتم إعداد المخططات التنفيذية الخاصة بها، وكذا مخطط تتبع وتقييم إنجازاتها.

ونتيجة لذلك، لم تخضع هذه السياسة، إلى تتبع دوري ولم يتم تنفيذ غالبية الإجراءات المسطرة بها، وتتسم عملية الإذن بالعرض في السوق والمراقبة وتحديد أسعار بيع الأدوية للعموم، وفق مجلس العدوي، بغياب نظام معلوماتي مندمج ومن ضعف تغطية أنشطة مديرية الأدوية والصيدلة المتعلقة بالأدوية وتطبيقات معلوماتية وظيفية.

وبالتالي، يؤكد التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات أنه يتم بالاعتماد على التطبيقات المكتبية والسجلات اليدوية، على مستوى أغلبية المصالح، من أجل تتبع الملفات، مما لا يضمن موثوقية البيانات.

المخزون الاحتياطي للأدوية

وبخصوص آليات ضمان توافر وجودة الأدوية، أوضح التقرير، أنه لم يتسنّ للمجلس التأكد من أن عمليات الإذن بالعرض في السوق والمراقبة وتحديد ثمن بيع الأدوية، تُمكن من ضمان توافر أدوية عالية الجودة في السوق الوطنية، حيت أن وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، “لا تتوفر على بيانات حول الإنتاج الوطني للأدوية، ولا يزال نظام تقييم الاحتياجات الوطنية من الأدوية الأساسية غير مكتمل وغير دقيق”.

كما تقتصر عملية مراقبة المخزون الاحتياطي للأدوية، حسب المصدر نفسه، على تسجيل المعلومات التي تصرح بها المؤسسات الصيدلية الصناعية، التي تصرح بوضعية مخزونها الاحتياطي لبعض الأدوية فقط.

في حين لا تقوم المؤسسات الصيدلية الموزعة بالجملة بالتصريح بوضعية مخزونها الاحتياطي كما تنص على ذلك الأنظمة الجاري بها العمل، لافتا إلى أن الآجال القانونية المخصصة لطلبات الإذن بالعرض في السوق وتجديدها، “تعد طويلة مما لا يشجع على توافر الأدوية”.

أما بخصوص تتبع ومراقبة جودة الأدوية المعروضة في السوق الوطنية، فإنهما يظلان محدودين نظرا لكون الإطار القانوني الخاص بهذه المراقبة غير مكتمل، وكذا لعدم توفر مديرية الأدوية والصيدلة على الإصلاحات اللازمة من أجل تطبيق تدابير الردع اللازمة.

وبخصوص تحديد ومراجعة أسعار الأدوية، قال التقرير، إن وزارة الصحة، تعتمد من أجل تحديد ثمن الدواء، على أدنى سعر من أسعار المصنع، دون احتساب الرسوم، المعمول بها في الدول المعيارية الستّ التي تم تحديد قائمتها في المادة 3 من المرسوم رقم 852.13.2 سالف الذكر (إسبانيا والبرتغال وفرنسا وبلجيكا وتركيا والمملكة العربية السعودية) وفي البلد المصنع إذا كان سعره مختلفا عن هذه الأخيرة.

آجال طويلة لتحديد الأسعار

غير أن اختيار الدول المعيارية، لم يتم، حسب معطيات تقرير مجلس الحسابات، على أساس دراسة مسبقة، مشيرا إلى أن فحص البيانات المتعلقة بتحديد الأسعار، المقدمة من طرف مديرية الأدوية والصيدلة، أظهر أن المدة القانونية لمعالجة ملفات تحديد الأسعار أو المصادقة عليها، المحددة في 60 يوما من تاريخ استلام الملف الكامل، لا يتم احترامها في غالب الأحيان.

وتتراوح مدة التأخير بين 30 و260 يوما على مستوى مديرية الأدوية والصيدلة، وبين 52 و274 يوما على مستوى لجنة الأسعار المشتركة بين الوزارات وبين 86 و339 يوما على خلال مرحلة نشر قرارات تحديد الأسعار في الجريدة الرسمي.

بالإضافة إلى ذلك، أشار التقرير، إلى أن أسعار الأدوية تتأثر بشكل سلبي بهوامش ربح المؤسسات الصيدلية الموزعة بالجملة والصيدليات ونسبة الضريبة على القيمة المضافة التي تعتبر مرتفعة مقارنة بالدول المعيارية، مؤكدا أن عمليات مراجعة سعر البيع للعموم التي تم القيام بها، خلال الفترة ما بين 2014 و2021 لم يكن لها أثر ملموس على سعر البيع للعموم لبعض الأدوية.

ويعزى ذلك، وفق التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات إلى الصيغة المعتمدة في مراجعة أسعار الأدوية الأصلية، حيث يطبق متوسط أسعار المصنع دون احتساب الرسوم المعتمدة في البلدان المعيارية طبقا لمقتضيات المادة 14 من المرسوم رقم 852.13.2 سالف الذكر.

ويؤدي تطبيق هذه الصيغة إلى تخفيض محدود للأسعار أو الحفاظ على السعر الأولي حينما يكون سعر المصنع دون احتساب الرسوم المعتمدة في المغرب إبان مراجعة الإذن بالعرض في السوق أقل من السعر الذي تم الحصول عليه.

وأكد التقرير، أنه على الرغم من التحسنّات الملحوظة، فإن عمليات الإذن بالعرض في السوق والمراقبة وتحديد ثمن بيع الأدوية، “لا يُمكّن بعد من إعطاء ضمانات كافية لتوافر أدوية ذات جودة عالية وبأثمنة تراعي القدرة الشرائية للمواطنين”.

ولأجل ذلك، أوصى المجلس الأعلى للحسابات بالعمل على استكمال الإطار القانوني المنظم لقطاع الأدوية والحرص على تحديثه بانتظام، كما أوصى المجلس وزارة الصحة والحماية الاجتماعية بوضع سياسة دوائية وطنية ترتكز على تحفيز الإنتاج المحلي للأدوية والحرص على تتبع تنزيلها وإعادة النظر في عمليات الإذن بالعرض في السوق والمراقبة وتحديد ثمن بيع الأدوية، سيما الآجال القانونية لمعالجة الطلبات وطرق تحديد ومراجعة الأسعار، وذلك لضمان توافرها وسهولة الولوج إليها اقتصاديا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News