ثقافة

وسط دعوات لانقاذ مدينة السلام..التنقيب يهدد بإخفاء آثار حي المغاربة بالقدس

وسط دعوات لانقاذ مدينة السلام..التنقيب يهدد بإخفاء آثار حي المغاربة بالقدس

تثير أعمال التنقيب عن الآثار في ساحة الحائط الغربي أو حائط البراق في القدس الشرقية المحتلة قلقا لدى بعض اختصاصيي التراث الذين يخشون اختفاء آثار حي عربي عمره قرون دمرته إسرائيل في العام 1967.

بعد احتلال القدس الشرقية في حرب 1967، هدمت إسرائيل حي المغاربة ولم يبق ما يذكر بتاريخه العربي في الساحة الواسعة التي تعج بالسياح والمصلين اليهود.ويمثل الحائط الغربي أو حائط المبكى وفق التسمية العبرية أقدس الأماكن الدينية عند اليهود بينما يشير إليه المسلمون بحائط البراق إذ يؤمنون بأنه الموقع الذي صعد منه النبي محمد على دابة البراق إلى السماء.

دعا الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، إلى إقامة تحالف عالمي يجمع كل القوى الحية الملتزمة بالسلام والمؤمنة بقيم التسامح والتعايش، من أجل إنقاذ مدينة السلام، والحفاظ على موروثها الحضاري والإنساني المشترك.

وسجل الملك، في رسالة وجهها  الأحد إلى المشاركين في المؤتمر رفيع المستوى لدعم مدينة القدس، الذي تنظمه جامعة الدول العربية بالقاهرة، أنه “انسجاما مع النداء الذي أطلقناه بالرباط سنة 2009، بمناسبة المؤتمر الدولي حول القدس، نجدد الدعوة إلى إقامة تحالف عالمي يجمع كل القوى الحية، الملتزمة بالسلام، والمؤمنة بقيم التسامح والتعايش، لإنقاذ مدينة السلام، والحفاظ على موروثها الحضاري والإنساني المشترك”.

وشدد على ضرورة تضافر الجهود العربية والإسلامية، من أجل الانخراط في مسار حماية ودعم مدينة القدس الشريف، مجددا التأكيد على التزام المملكة الثابت، بدعم القضية الفلسطينية بشكل عام، والقدس بشكل خاص.

في يناير المنصرم، كشفت حفريات تهدف بحسب سلطة الآثار إلى “تعزيز البنية التحتية وتثبيتها وتحسينها” في الموقع، عن بقايا منازل وأزقة تمثل “أجزاء” من حي المغاربة. لكن بعد أيام قليلة، اكتشفت صحافية في وكالة الأنباء الفرنسية أن الحجارة جمعت وسويت مرة أخرى.

يقول المؤرخ الفرنسي فينسينت لومير إن الاكتشافات تضمنت جدرانا يبلغ ارتفاعها مترا تقريبا وآثار طلاء وفناء مرصوفا بالحصى ونظاما لتصريف مياه الأمطار.

وأوضح لومير الذي صدر له كتاب عن هدم الحي تحت عنوان “عند أقدام السور: حياة وموت حي المغاربة في القدس”، “لم يتوقع أحد اكتشاف هذا العدد الكبير من بقايا حي المغاربة المحفوظة إلى هذا الحد”.

وتابع “كان بإمكاننا السير لبضع ساعات في وسط حي المغاربة القديم في شوارعه وساحاته ومنازله”.

وشيد حي المغاربة الذي كان محاذيا للحائط الغربي أو “حائط المبكى” بالنسبة لليهود، غرب باحات المسجد الأقصى، في عهد صلاح الدين الأيوبي في القرن الثاني عشر الميلادي للحجاج المسلمين من شمال أفريقيا.

ويقع المسجد الأقصى، وهو أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، في الجزء الشرقي من مدينة القدس التي ضمتها إسرائيل. ويشير إليه اليهود بـ”جبل الهيكل” أقدس المواقع في ديانتهم.

وعند احتلال القدس الشرقية في حزيران/يونيو من العام 1967، تم إجلاء السكان قسرا من منازلهم قبل هدم الحي في ساعات الليل.

نوايا غامضة

يرى مدير منظمة “عيميك شافيه” الإسرائيلية ألون أراد الذي تحارب منظمته تسييس علم الآثار أن نوايا سلطة الآثار غامضة.

ويقول لوكالة الأنباء الفرنسية “الأنشطة الأثرية السابقة في البلدة القديمة ومحيطها تجعلنا نشعر بقلق عميق”.

تشارك سلطة الآثار الإسرائيلية في العديد من الحفريات المثيرة للجدل في القدس الشرقية وخاصة في حي سلوان الفلسطيني إلى الشمال من البلدة القديمة، والأنفاق أسفل الحائط الغربي.

وتم تحويل الأنفاق إلى متحف واسع يعرض أطلالا تعود للهيكل الثاني الذي دمره الرومان في العام 70 بعد الميلاد.

وأدى فتحها للعامة في العام 1996 إلى اندلاع اشتباكات عنيفة بين القوات الإسرائيلية والفلسطينيين قتل خلالها أكثر من 80 شخصا.

ويرى الفلسطينيون أن تلك الحفريات تهدد أساسات المسجد الأقصى ومصلياته وباحاته.

ويوضح أراد أن أولوية سلطة الآثار تتمثل في إنشاء موقع أثري واسع يحتفي بالتراث اليهودي فقط في القدس.

ويتهم عالم الآثار السلطات الإسرائيلية بـ”إخفاء أي تراث أو انتماء ثقافي آخر” واستخدام الحفريات من أجل “تهويد” البلدة القديمة.وشككت سلطة الآثار الإسرائيلية في ادعاءات أراد وقالت إنه لا أساس لها.

وأكدت لوكالة الأنباء الفرنسية أنها تعمل على “كل آثار القدس التي تعود لكل الثقافات والأديان التي عاشت في المدينة المقدسة”.

وعن بقايا حي المغاربة التي اكتشفت الشهر الماضي تقول سلطة الآثار إنها حديثة جدا ولا يمكن اعتبارها آثارا ومع ذلك أكدت أنا وثقتها وأنّه سيتم نشر المعلومات المتعلقة بها في مجلة علمية.

ولم ترد سلطة الآثار على سؤال وكالة الأنباء الفرنسية حول ما إذا كانت تنوي عرض تلك الآثار المكتشفة للعامة أو وضعها في متحف.

ضياع الآثار

وجرى تطبيع العلاقات بين إسرائيل والمغرب في العام 2020.ويقول المدير التنفيذي لمركز عبد الرحمن بو عبيد البحثي المغربي علي بوعبيد إن المغرب تعمل على الترويج لتراثها المتعدد الثقافات.

ويضيف لوكالة الأنباء الفرنسية “إنه تباين غريب، أن يحتفي أحد الطرفين بالتنوع بصوت عال بينما يدبر الطرف الآخر بسرية اختفاءه”.

لا تأتي المعلومات المعروضة في الساحة على ذكر السكان الذين عاشوا في الحي لقرون.

على العكس يُدعى الزوار للصلاة عند الحائط الغربي أو استكشاف الأنفاق حيث يمكنهم “لمس الحجارة الحقيقية التي تروي تاريخ الأمة اليهودية”.

وحده علم مغربي مرفوع في حديقة قريبة يشير إلى تراث السكان الأصليين المتحدرين من شمال أفريقيا.

كشفت الحفريات الأخيرة أيضا عن ألعاب وأدوات طبخ وغيرها.

ويقول لومير الذي يرأس مركز الأبحاث الفرنسي في القدس، إن عرض مثل هذه القطع الأثرية يمكن أن يكون بمثابة شهادة على “التاريخ العادي لهذا الحي الاستثنائي” وسكانه الـ800 الذين طردوا.

ويتساءل “ما هي المباني في حي المغاربة القديم التي سيتم الحفاظ عليها وعرضها وتسليط الضوء عليها في مسار السياحة؟”

ويضيف “إذا تم تدمير هذه البقايا الأخيرة في نهاية المطاف، فستضيع الآثار المادية لهذا التاريخ إلى الأبد”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News