مجتمع

إثر وفاة “مريم”.. الإجهاض يعود إلى الواجهة والحكومة تؤكد عزمها سن إجراءات

إثر وفاة “مريم”.. الإجهاض يعود إلى الواجهة والحكومة تؤكد عزمها سن إجراءات

بالرغم من أنه كان سببا في تقاطبات حادة سابقا بين تيارات سياسية محافظة وأخرى حداثية، إلا أن مطالب بقانون يسمح بالإيقاف الطوعي للحمل عادت إلى الواجهة من جديد، مدفوعة بحالات إنسانية وحوادث مؤلمة، هزت الرأي العام، آخرها حالة الطفلة مريم بمنطقة بومية، التي توفيت نتيجة محاولة إجهاض.

الطفلة مريم البالغة من العمر 14 سنة، والمتحدرة من منطقة بومية، أرادت إيقاف حملها غير المرغوب، الذي جاء إثر الاغتصاب الذي تعرضت له، الأمر الذي خلف غضبا حقوقيا وجمعويا واسعا، وأعاد إلى الواجهة مطلب الإيقاف الطوعي للحمل من جديد.

قانون مخجل!

قدرت فاعلة جمعوية مشاركة في الاحتجاجات المنددة بوفاة مريم أمام بناية البرلمان بالرباط، حالات الإجهاض بالمغرب ب600 حتى 800 في اليوم، وذلك بسبب تعرض النساء للاغتصاب أو حالات حمل غير مرغوب فيه، أو بسبب الحالة الاقتصادية، أو تشوهات بالنسبة للجنين، تضيف المتحدثة.

وتابعت الفاعلة “لكن لا يمكن للمرأة أن تقوم بعملية الإجهاض داخل مستشفيات الدولة في الحالات السابقة، علما أنه من حقها التمتع بالرعاية الصحية للدولة”.

وقالت إحدى المتظاهرات نخجل من هذه القوانين التي تعرض النساء لعمليات إجهاض في أماكن سرية ولا توفر شروط الحماية الصحية، إضافة إلى ارتفاع عدد الأطفال المتخلى عنهم.

ودعت الفاعلة الجمعوية إلى مراجعة القوانين حتى تكون هناك وقاية للنساء، أما القوانين الزجرية الحالية فهي لا تنفع.

ورفعت المحتجات لافتة تقول “وفاة امرأة، بسبب حظر قانوني مطلق للإجهاض، هو بمثابة قتل تعسفي على أساس نوع الجنس”.

وقالت متظاهرة أخرى أنه “عوض أن يتم الإجهاض داخل مستشفيات الدولة يتم ترك النساء عرضة للإجهاض السري الذي أدى بمجموعة من الفتيات للموت”.

وطالبت المتحدثة نفسها بأن يكون الإجهاض الطبي ممكنا في أي وقت للنساء، مضيفة نطالب أن تكون قوانين عادلة تنصف الفتيات، مضيفة بأن التغرير بالعديد من الفتيات يتم بسبب غياب التربية الجنسية بالمغرب ليتم توعية الأطفال والفتيات بخصوصية أجسادهم.

وأضافت فاعلة مدنية أخرى مشاركة في المظاهرة أن الطفلة مريم كانت ضحية اغتصاب وأيضا ضحية قوانين لا توفر الحماية، مضيفة أن المؤسسات تتواطأ مع هذه الظاهرة من خلال الصمت، مشيرة إلى أنه إذا كانت قضية مريم قد حظيت بالتغطية الإعلامية فإن المئات من الحالات يوميا لا يتم الانتباه لها.

الحكومة تعد بالحل

وفي الندوة الصحفية التي أعقبت المجلس الحكومي، الخميس 29 شتنبر، تأسف مصطفى بايتاس، الناطق الرسمي باسم الحكومة على وفاة الطفلة مريم، التي قضت بعد محاولة إجهاض نتيجة تعرضها للاغتصاب، مضيفا أنه “مرة أخرى نتوقف لنرى بعض الظواهر التي تؤلمنا كمواطنين مغاربة قبل أن نكون مسؤولين حكوميين وعموميين”.

وقال بايتاس، في معرض جوابه على سؤال مطالب الإجهاض “ليس في كل مرة سندعو إلى أن يأتي جزء من القانون الجنائي حسب ما يقع في المجتمع”، مستدركا أنه لا يستصغر ما وقع لأنه بالفعل “خطير وجسيم خاصة أنها طفلة في مقتبل العمر وعانت من ظاهرة قائمة بالمجتمع ولا يمكن إنكارها”.

وأضاف الناطق باسم الحكومة أن “الحكومة تنكب على هذا القانون، وهذه القضايا سيتم تقديم إجابات، مؤكدا أن هذا ليس اهتمام الحكومة بل إنه شأن المجتمع ككل، وستكون جميع الآراء حاضرة”.

وتابع المتحدث “سيتم إحضار مشروع القانون الجنائي بشكل يجيب عن مختلف الأسئلة وفي طليعتها سؤال محاربة الفساد الذي كان يثار عندما قامت الحكومة بسحب القانون من البرلمان”.

مقترحات برلمانية

تقدم فريق حزب التقدم والاشتراكية بمجلس النواب بمقترح قانون يتعلق “بتنظيم الإيقاف الطبي للحمل” يروم تقنين الإجهاض وتحديد الحالات المسموح فيها به وشروط إجرائه.

ومن الحالات التي يؤذن فيها بالإيقاف الطبي للحمل، بحسب مقترح القانون، عندما يهدد استمرار الحمل حياة المرأة الحامل المصابة بمرض خطير، أو إذا كان ناتجا عن اغتصاب أو زنا المحارم أو إذا كانت الفتاة قاصرا.

وأجاز مقترح القانون الإيقاف الطوعي للحمل بالنسبة للمرأة الحامل تعاني من خلل عقلي أو حالة نفسية مرضية خطيرة، غير متوافقة مع الحمل أو تتطلب معالجة مستمرة تتنافى مع العلاج كالتناول الإجباري للأقراص التي قد تكون لها أضرار على الجنين.

كما نص مقترح القانون على السماح بالإيقاف الطبي للحمل في حالة ثبوت إصابة الجنين بتشوهات خطيرة غير قابلة للعلاج وقت التشخيص، أو اذا كان هناك احتمال كبير أن يولد المولود بتشوهات خطيرة غير قابلة للعلاج وقت التشخيص، وذلك وفق شروط محددة.

ويتم الإجهاض في الحالات السابقة بعد موافقة مستنيرة من المرأة الراشدة، ولجنة مكونة من طبيبين على الأقل، أحدهما متخصص في أمراض النساء والآخر أخصائي في الأمراض التي تهدد حياة الحامل، وبالنسبة للقاصر الحامل فيتعين الحصول على موافقة مستنيرة من أحد الوالدين أو الوصي الشرعي.

واشترط القانون أن يتم الإيقاف الطبي للحمل قبل مرور تسعين يوما من الحمل، وأن يجري في منشأة أو مؤسسة صحية عمومية أو خاصة، من طرف طبيب مؤهل بعد موافقة لجنة متعددة التخصصات تتألف من ثلاثة أطباء على الأقل من بينهم طبيب متخصص في أمراض النساء والتوليد واثنين من متخصصين في الأمراض التي تعاني منها المرأة الحامل.

وأشارت ديباجة مقترح القانون إلى أن الهدف منه هو إفراد نص قانون خاص بالإيقاف الطبي للحمل وإخراجه من مجموعة القانون الجنائي وإدراجه ضمن قوانين الأخلاق البيوطبية للمواطنات والمواطنين. ويهدف للحد من وفيات الأمهات الناجمة عن الإجهاض السري وتمكين الأطباء من العمل في إطار قانوني شفاف للقيام بعمليات الإيقاف الطبي للحمل بشكل يحترم مقومات السلامة الصحية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News