أحزاب الأغلبية تستنفر نساءها وتستبق نقاش مدونة الأسرة بإعداد تعديلاتها المرتقبة

بعد الخطاب الملكي الذي دعا إلى إعادة النظر في مجموعة من القوانين التي تهم المرأة المغربية، وعلى رأسها مدونة الأسرة، استنفرت أحزاب الأغلبية، وخاصة حزب التجمع الوطني للأحرار وحزب الأصالة والمعاصرة، نساءها من أجل إعداد توصيات ومقترحات للتعديلات المرتقبة.

وكشف الحزبان بشكل متزامن انكباب نسائهما على إعداد تصورات حول المراجعة التي ستهم القوانين التي تُعنى بقضية المرأة، إذ كشفت نساء التجمع الوطني للأحرار عن إعدادهن لكتاب أبيض يتضمن التوصيات، فيما كشف عبد اللطيف وهبي، الأمين العام للأصالة والمعاصرة، عن إعداد نساء الحزب لتصور الحزب في هذا الشأن.

وأعلنت أمينة بنخضرة، رئيسة الفيدرالية الوطنية للمرأة التجمعية، خلال لقاء جهوي للفيدرالية أمس (الأحد)، أنه على عاتق المنظمة النسائية لحزب التجمع الوطني للأحرار، الذي يقود الأغلبية الحكومية، “وضع اقتراحات وبرامج لمواكبة هذا النقاش حول مدونة الأسرة خاصة فيما يتعلق بتحيين القوانين التي أصبحت ضرورية”.

وقالت بنخضرة أن المدونة ومجموعة من القوانين، عرفت مجموعة من المشاكل منذ 18 سنة على بداية تطبيقها، وأيضا جميع برامج تمكين المرأة التي ستحسن وضعيتها، وهذه البرامج ستأتي مواكبة للبرامج الحكومية، التي يسهر عليها رئيس الحكومة، بإطلاق المشاريع الكبرى التي ستهم الصحة والتعليم والتغطية الصحية، والتي ستعود بالنفع على الساكنة النسائية.

وأوضحت المتحدثة أن هذا اللقاء جاء بعد خطاب العرش الأخير، الذي أعطى من خلاله الملك محمد السادس مكانة مهمة لقضايا المرأة، وخطة طريق للعمل بها من أجل تحسين تموقع المرأة داخل المجتمع المغربي، لأنه بالرغم من المكتسبات المهمة التي عرفها المغرب خلال العشرين سنة الماضية بفضل الرؤية الملكية والبرامج إلا أن هناك إكراهات كثيرة لا تزال موجودة.

مرسلي جليلة، رئيسة المنظمة الجهوي للمرأة التجمعية الدار البيضاء سطات، بدورها كشفت أن الملتقى سيخرج بمجموعة من التوصيات ضمن كتاب أبيض، مضيفة أن اللقاء مناسبة للمناقشة على ضوء الخطاب الملكي الأخير، الذي تحدث فيه الملك محمد السادس عن حقوق المرأة ومراجعة مدونة الأسرة.

وأوردت المتحدثة نفسها، نحن بالجهة منفتحون على عالم الاقتصاد باعتبار جهة الدار البيضاء سطات الجهة الاقتصادية الأولى في المملكة، وهي مناسبة لربط حقوق النساء برهانات التنمية، خاصة التنمية الاقتصادية والاجتماعية ببلادنا.

ومن جهة أخرى كشف عبد اللطيف وهبي، ضمن المؤتمر الجهوي لحزب الأصالة والمعاصرة بجهة الرباط سلا القنيطرة، أن الخطاب الملكي الأخير أشار لموضوعين مهمين، هما مدونة الأسرة ومغاربة العالم، وحزب الأصالة والمعاصرة “لديه تصور بهذا الخصوص، ويفتخر بأن نفس التوجه الذي دعا إليه الملك كان الحزب يفكر فيه، وجاء الخطاب الملكي ودعم هذا التوجه”.

وأعلن وهبي أن حزبه سيتجرأ وسيُعد “وثيقة باسم نساء حزب الأصالة والمعاصرة لموضوع المدونة، وسندافع لتكون المدونة سندا قانونيا لإنصاف المرأة لما تقدمه وما قدمته في الماضي، وسنكون المحامي الأول للدفاع عن المناصفة، وعن الحريات وحقوق المرأة”.

وأضاف وهبي ضمن اللقاء نفسه “نحن لا نقدم صدقة للمرأة في المغرب ولا إحسانا بل هذا حقها التاريخي والمشروع الذي وصلت إليه بجهد جهيد وبنضالاتها وقناعاتها، وبمواقعها داخل المسار الإداري والمؤسساتي والحكومي”.

وتابع وهبي “لقد أثبتت المرأة المغربية نفسها ليس فقط كمواطنة لا تختلف عن المواطن الرجل ولكن أيضا كقوة تنظيمية واقتصادية، فلا يعقل أن يكون لها هذا الدور وتختل مكانتها القانونية”.

وأردف الأمين العام لحزب “البام” “لذلك نحن نؤمن بأننا يجب أن ندلي بوثيقة رسمية للجهاز الرسمي ليأخذ بعين الاعتبار إنصاف المرأة في جميع حقوقها لأنها مسؤولة، وكاملة دين وعقل، وبإمكانها أن تقوم بدورها الاجتماعي والاقتصادي”.

أما داخل الحزب، يضيف وهبي، فإن “التنظيمات الجهوية للنساء اكتملت، وعقدنا لقاءات على المستوى وقررنا عقد مؤتمر وطني للنساء منتصف السنة المقبلة بحضور نساء الأصالة والمعاصرة على المستوى الوطني، وسنشتغل على ذلك ليكون لنا تنظيم نسائيا قويا حاضرا وله استقلالية في قراره وقدرة على النقد والدفاع عن حقوق المرأة”.

وكان الملك محمد السادس قد دعا ضمن خطاب ملكي إلى مراجعة مدونة الأسرة وتمكين المرأة من كامل حقوقها، مشددا “بصفتي أمير المؤمنين فإنني لن أحل ما حرم الله، ولن أحرم ما أحل الله، لاسيما في المسائل التي تؤطرها نصوص قرآنية قطعية”.

ويذكر أن النقاش حول تعديل مدونة المرأة خلق تقاطبا حادا بين الصف الحداثي والمحافظ بالمغرب، إذ يسعى كل طرف على عطس قناعاته الإيديولوجية على التعديلات القانونية المرتقبة.