سياسة | مجتمع

بعد ضجّة “فُرصة”..عمور في قلب عاصفة جديدة بسبب الترويج لسياحة دولة أجنبية

بعد ضجّة “فُرصة”..عمور في قلب عاصفة جديدة بسبب الترويج لسياحة دولة أجنبية

بعد الجدل الذي رافق إطلاق برنامج “فرصة” بسبب استعانة وزارة السياحة  بـ”المؤثرين”، من أجل الترويج لهذا البرنامج، تواجه الوزيرة فاطمة الزهراء عمور، عاصفة من الانتقادات على خلفية ترويجها لوجهات سياحية بجزر زنجبار الواقعة بالمحيط الهندي التابعة لتنزانيا في شرق أفريقيا.

وانتقد نشطاء مغاربة على مواقع التواصل الاجتماعي، تفضيل وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، لدولة أجنبية من أجل قضاء عطلتها الصيفية، في وقت ما تزال فيه السياحة الداخلية تئن تحت وطأة تداعيات سنتين من الإغلاق سبب قيود جائحة كورونا.

وعبر عدد من المتتبعين والنشطاء عن استغرابهم من “تناقض” الوزيرة الوصية على القطاع السياحي الوطني، متسائلين كيف يمكن لوزارة السياحة والمجلس الوطني للسياحة دعوة المواطنين المغاربة لقضاء عطلهم بالوجهات السياحية الوطنية، في إشهارات ممولة من المال العام، في حين تقدم الوزيرة عمور في خطوة “استفزازية” بالترويج مجانا لوجهات سياحية أجنبية.

أزمة السياحة الوطنية

وفي هذا الصدد، قالت القيادية بحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والبرلمانية السابقة عن نفس الحزب، حنان رحاب، انتقدنا تفضيل وزيرة السياحة قضاء عطلتها السنوية بجزيرة زنجبار التانزانية، في الوقت الذي ما زال القطاع السياحي الوطني لم يتعاف من تأثيرات جائحة كوفيد.

واعتبرت رحاب، أن الأمر” لا يتعلق باقتحام الحياة الخاصة”، كما ذهب إلى ذلك بعض المدافعين عن الوزيرة التجمعية،  مسجلة في المقابل أن “كل محايد يعلم أن الحياة الخاصة للمسؤولين حين تتعارض مع أدائهم السليم لمهامهم، ينتفي عنها طابع الخصوصية.”

وأشارت المتحدثة ذاتها، إلى أنه حين سافر وزير تشغيل سابق رفقة فتاة قال لاحقا إنها خطيبته، وشوهدا متجولين ومتسوقين، لم يتقبل الرأي العام الأمر لأسباب، وأولها أن الوزير كان في سفر رسمي لأداء مهام حكومية، ونفقات تنقله بما فيها مصروف الجيب، يصرف له لهذا الغرض، ولا يجوز له استغلال مهمة رسمية لقضاء أغراض شخصية.

الوزيرة تنقض غزلها

وتبعا لذلك، تساءلت عضو المكتب السياسي لحزب الوردة،  كيف تدعو وزارة السياحة والمجلس الوطني للسياحة المواطنين لقضاء عطلهم بالوجهات السياحية الوطنية، في إشهارات ممولة من المال العام، ثم الوزيرة تفعل العكس ؟ وكيف نخسر اموالا في الترويج خارج المغرب للسياحة ببلدنا، بينما وزيرة السياحة تقوم بدعاية مضادة حين تذهب لزنجبار؟

وأكدت رحاب أن ما ما أقدمت عليه الوزيرة عمور، يعتبر دعاية للسياحة بتنزانيا، ما دامت وزيرة سياحة بلد معروف سياحيا تختار جزيرة زنجبار، مشيرة إلى أنها تروج ضمنيا ألا شيء يغري بالسياحة في المغرب ، لمن يمتلك مالا يمكنه من اختيار وجهات أخرى. والدليل وزيرة سياحته”.

وفي السياق نفسه، انتقد الكاتب الصحافي مصطفى الفن، خطوة الوزيرة التجمعية فاطمة الزهراء عمور، وقال إن ” وزيرتنا في السياحة التي يعول عليها في إنقاذ هذا القطاع من السكتة القلبية فالوطن بالنسبة إليها هو ربما مجرد “شباك أوتوماتيكي” لسحب أو تبديد “الدوفيز” ليس إلا”.

وأضاف الفن، أن “وزيرتنا في السياحة تركت الجمل بما حمل هنا بالمغرب، وتركت جميع الوجهات السياحية بالمغرب، وتركت مخططها الاستعجالي حول السياحة بالمغرب..وتركت عملية مرحبا الخاصة باستقبال عمالنا بالخارج الذين جاؤوا إلى المغرب  من مختلف قارات العالم..”

مخطط حكومي استعجالي

وأطلقت الحكومة في وقت سابق، مخطط استعجالي بقيمة 2 مليار درهم لفائدة القطاع السياحي، وهو المخطط الذي يأتي بعد أكثر من 22 شهرا من تداعيات الأزمة الصحية، واعتبرت الحكومة أن من شأن هذا المخطط أن يعطي دفعة قوية لقطاع السياحة، بالإضافة إلى  ضمان الإبقاء على الشركات، والمحافظة على مناصب الشغل وتجنب ضياعها، والاسترجاع التدريجي لعافية القطاع .

وسجل الإعلامي ذاته، أن الوزيرة عمور، ” تركت كل هذا وطارت إلى جزر “زينجيبار” بالمحيط الهندي شرق إفريقيا من أجل الدعاية لهذه الوجهة السياحية لدولة تانزانيا، مردفا “فيما العقل والمنطق والكوفيد ومعه هذا “القحط السياحي” كان يفرض على وزيرتنا في السياحة أن تقوم بالدعاية لوجهات سياحية هنا بالمغرب مثل مراكش أو أكادير أو مير اللفت أو إفران”.

وفيما دافع نشطاء على أحقية الوزيرة بحكومة أخنوش في قضاء عطلتها السنوية خارج أرض المملكة على غرار زملائها الوزارء وعدد من المسؤولين والبرلمانيين، ذهب آخرون إلى أن تفضيل عمور لجزر “زينجيبار” يعود إلى انخفاض أسعار الفنادق والخدمات السياحية مقارنة بارتفاعها على المستوى الوطني.

غلاء الخدمات السياحية

وتأتي موجة انتقادات الوزيرة عمور، بالتزامن مع غضب مغاربة من الارتفاع الصاروخي للخدمات السياحية، بحيث تسلم العطلة الصيفية للموسم الحالي من انتقاد غلاء الخدمات الفندقية بالمغرب، فأمام رغبات كبيرة في استعادة الأنفاس بعد سنوات صعبة فرضتها قيود كورونا، يصطدم السياح بمصاريف باهظة أحيانا تكبح من طموحات الاستجمام.

ويتجدد النقاش بالمملكة، كل صيف حول ارتفاع أسعار الحجز والخدمات في الفنادق، حيث سجلت أثمنة صاروخية في حجز الغرف، ولم يقو المواطن البسيط على الظفر بالأدنى من الخدمات والعروض التي أعلنت عنها مختلف المؤسسات الفندقية بمختلف أصنافها في مجمل الوجهات السياحية الداخلية.

وفي مقدمة انتقادات تدبير موسم الصيف أسعار الفنادق المكلفة، فتكفي جولة على مواقع مخصصة للحجوزات للتعرف على أثمنة مرتفعة بمختلف مناطق الجذب، وفي طليعتها مراكش وأكادير وطنجة والحسيمة وغيرها من المدن التي تشهد إقبالا كبيرا للسياح لاسيما تزامنا مع عودة الجالية المغربية بالخارج هذا العام بعد سنتين من الإغلاق بسبب كورونا.

ويسائل تفضيل مغاربة وضمنهم مسؤولين حكوميين قضاء عطلهم خارج أرض الوطني، حكامة البرامج التي تطلقها الحكومة لتشجيع السياحة الداخلية وانعاش القطاع المثقل بتداعيات كورونا، التي تسبب في إفلاس عدد من المقاولات السياحية في أعقاب حالة الشلل تي شهدها القطاع طيلة سنتين.

مطالب برلمانية

وفي هذا الصدد، قال النائب البرلماني عن الأصالة والمعاصرة، عبد اللطيف الزعيم، ضمن سؤال كتابي موجه لوزيرة السياحة، إن هذا الأمر خلف تذمرا وسط عموم المواطنات والمواطنين، الذين كانوا يمنون النفس بالاستفادة من حقهم في الاستجمام والاستمتاع رفقة أبنائهم وأسرهم في عطلة الصيف، بعد أن اصطدموا بهول الأسعار ولهيبها، بل بلغ الأمر ببعض المؤسسات الفندقية أن رفضت استقبال الأسر التي تريد أن تحجز لمدة أقل من أسبوع.

وشدد البرلماني، على  أنه من واجب الحكومة أن توفر عروضا للسياحة الداخلية تستجيب لحاجيات كل الفئات، وأن تراعى فيها الظروف المعيشية لمجموعة من المواطنات والمواطنين الذين لا يستطيعون لذلك سبيلا، بسبب الارتفاع الصاروخي لثمن الليالي السياحية بعدد من الفنادق المغربية، مطالبا وزارة السياحة بمواجهة ارتفاع الأسعار خلال موسم الصيف.

وفي نفس الاتجاه، توجه النائب البرلماني رشيد حموني رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، بسؤال كتابي إلى وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني فاطمة الزهراء عمور، حول توفير الظروف الملائمة للسياحة الداخلية.

وأوضح رئيس الفريق النيابي لـ”الكتاب” بالبرلمان ، أن المواطنات والمواطنين، يواجهون، في كثير من الأحيان، عدداً من المشاكل التي تعيق قضاء عطلة سياحية في المستوى المطلوب، كغلاء سومة الكراء في الأماكن السياحية.

وسجل حموني، وجود صعوبات مرتبطة بالإقامة في الفنادق وغلاء أسعارها، وضعف مراقبة شروط النظافة والسلامة الصحية في المطاعم والفضاءات العامة، وكذا مشاكل متصلة بعوائق ركن السيارات، وغيرها، داعيا إلى اتخاذ اجراءات لضمان شروط الولوج الميسر إلى الحق في العطلة الصيفية، بدون مشاكل تعكر صفو أجواء العطلة.

الترويج للسياحة المغربية

هذا، وأعلن المكتب الوطني المغربي للسياحة، في وقت سابق عن إطلاق “أرض الأنوار”، وهي حملة دولية لعلامة “المغرب” تروم الترويج للسياحة المغربية على المستوى العالمي، وتهم 20 بلدا، وهي البلدان الأوروبية برمتها، والولايات المتحدة والشرق الأوسط وإسرائيل وإفريقيا، كما أطلق المكتب حملة متعددة الوسائط بهدف تشجيع المغاربة على اكتشاف وإعادة اكتشاف ثروات بلادهم، وذلك تماشيا مع استراتيجيته المرتبطة بالسياحة الوطنية.

وقال عادل الفقير، المدير العام لـلمكتب الوطني المغربي للسياحة ، قوله “هدفنا هو تعزيز السوق الداخلية كمصدر رئيسي للسياحة الوطنية من خلال حث المغاربة على استكشاف كافة مؤهلات بلادهم .. فَهُمُ الآن أكثر من أي وقت مضى القلب النابض لسياحتنا “، مضيفا أن “نتلاقاو فبلادنا” هو طموحنا لتطوير سياحة قرب أكثر جاذبية.”

وأكدت أكدت فاطمة الزهراء عمور، وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، أن السياحة الداخلية تعتبر الشق الأساسي الكفيل بضمان مناعة القطاع السياحي بالمملكة وقدرته عل مقاومة الأزمات.

وأوضحت الوزيرة في معرض ردها على سؤال برلماني محوري حول “إنعاش القطاع السياحي” ، أن السياحة الداخلية تمثل نحو 30 في المائة من ليالي المبيت في مؤسسات الإيواء السياحي المصنفة على الصعيد الوطني، بينما يفوق معدل النمو السنوي بالنسبة لهذا الصنف خلال في الفترة الممتدة من 2010 إلى 2019، معدل النمو السنوي في ليالي المبيت بالنسبة للسياح الأجانب.

وشددت عمور على أن الوزارة تعمل على وضع أسس متينة من أجل تطوير مستدام للسياحة الداخلية في المملكة، من خلال إحداث منتجعات سياحية ملائمة للقدرات الشرائية للسياح المغاربة تأخذ بعين الإعتبار المنتوج والأسعار، كما يتم التنسيق بحسبها، مع جهات أخرى  منها الجماعات المحلية بغرض تحسين جاذبية المنتوج السياحي، وكذا مع وزارة الإقتصاد والمالية لإحداث شيكات سياحية من شأنها التخفيف من مصاريف السفر على المستوى الوطني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News