سياسة

هل استنفدت حكومة أخنوش الزمن السياسي الكافي لتعديل تركيبتها؟

هل استنفدت حكومة أخنوش الزمن السياسي الكافي لتعديل تركيبتها؟

أثار خبر التعديل الحكومي الذي نشرته مجلة “جون أفريك” موجة تكهنات وتوقعات في صفوف الشارع المغربي، حول السيناريوهات الممكن وقوعها على تركيبة حكومة أخنوش، في حال ما إذا تحقق هذا التعديل الذي تحدثت عنه المجلة الفرنسية الواسعة الانتشار، فيما ذهب آخرون إلى التساؤل حول جدوى الحديث عن تعديل في حكومة لم يمض على تنصيبها سوى 10 أشهر.

وكشفت مجلة “جون أفريك” الفرنسية، عن قرب إجراء أول تعديل على الفريق الحكومي، سيتم بموجبه الإطاحة بوزيرين في حكومة أخنوش، ويتعلق الأمر وفق مصادر المجلة الواسعة الانتشار، بوزير العدل والأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة عبد اللطيف وهبي، ووزير التعليم العالي والبحث العلمي و الابتكار عبد اللطيف ميراوي المنتمي لنفس الحزب.

وذكرت جون أفريك، أن التعديل الحكومي المرتقب إجراؤه قبيل نهاية غشت الجاري، سيقتصر على وهبي وميراوي، في أفق أن يشمل وزراء آخرين، أبانوا عن فشل في تدبيرهم الحكومي للقطاعات التي يشرفون عليها.

وفي هذا الصدد، يؤكد أمين السعيد أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله فاس أن انبعاث الخبر من داخل الصحافة الأجنبية، لم يشكل مفاجأة  للرأي العام الوطني في ظل سياق اقتصادي مطبوع بارتفاع غير مسبوق للأسعار ويجر في حمولته الأثار السلبية لجائحة وباء كورونا ويتزامن مع سنة فلاحية جد متواضعة، مضيفا ” وهو ما من شأنه أن ينعش “أطروحة” بعض المطالب التي تنادي برحيل رئيس حكومة عزيز أخنوش”.

توجهات متناقضة

وأوضح السعيد في حديثه لـ”مدار21″، أن المغرب يعرف نقاشا عموميا يمكن تقسيمه إلى ثلاثة توجهات شبه متناقضة الاتجاه الأول: اتجاه غير مؤطر مؤسساتيا ينشط بشكل كثيف دخل وسائل التواصل الاجتماعي بخلفيات سياسية غير مكشوفة، يطالب برحيل رئيس الحكومة عزيز أخنوش، دون استحضار لأثار ذلك على المشهد السياسي.

واتجاه ثان، يضيف الأستاذ الجامعي، تمثله الأطراف السياسية المشاركة في الحكومة، حيث يرتكز على فكرة المبادئ والضمانات الدستورية، ويعتبر أن الحكومة تحتاج لمدة كافية لمحاسبتها على توجهاتها.

وهناك اتجاه ثالث، بحسب السعيد، يستند على خطاب التكتيك والاستراتيجيات السياسية، تمثله بعض التعبيرات المنتمية لأحزاب المعارضة التي تنتقد العمل الحكومي طمعا في اجراء تعديل حكومي لتشكل بديلا عن الأحزاب المشاركة في التحالف الحكومي.

وأكد أستاذ القانون الدستوري، أنه من داخل هذه التوجهات السياسية والمجتمعية الثلاثة، يمكن طرح سؤال حول ما إذا كانت الحكومة، قد اسنفدت الزمن السياسي الكافي لإحداث تعديل على بعض مكوناتها، و لماذا إجراء تعديل وزاري وماهي انعكاساته وهل المشهد السياسي في حاجة إلى تعديل حكومي؟

عرف دستوري

وأشار الأكاديمي ذاته، إلى أنه بالعودة إلى جميع التعديلات الحكومية التي أجريت طيلة الثلاثين سنة الماضية على الحكومات المغربية المتعاقبة، نلمس بشكل جلي، أن المعدل العام لإجراء تعديل حكومي جزئي أو موسع لا يقل عن سنتين من تشكيل الحكومة.

وسجل أنه باستثناء حكومة بنكيران التي تعرضت لتعديل وزاري في 14 أكتوبر 2013، “كاد أن يتكرس عرف دستوري داخل النظام الدستوري المغربي بخصوص مراعاة المدة الزمنية لأجراء تعديل حكومي”، مشددا في المقابل على أن الملك يتوفر على سلطة تقديرية واسعة في اجراء التعديلات الحكومية، “اللهم إذا رغبت بعض الأطراف الحزبية وعبرت عن ذلك بشكل إرادي بالخروج من الحكومة”.

وأكد السعيد، أنه “بعيدا عن سرديات الشعارات التي تبحث عن حلول سحرية لأثار أزمة عالمية ترخي بظلالها على جميع الدول، فإن حكومة عزيز أخنوش تحتاج لمزيد من الوقت حتى نحاكمها ونسائلها دستوريا وسياسيا”.

ارتباك الحكومة 

لكن في المقابل، يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة فاس، أن “ارتباك الحكومة، وضعف تواصلها وحداثة تجربة وزرائها وغياب الأثر السياسي لجميع القرارات المتخذة منذ تنصيبها، يشكل حجة قوية للأطروحة المطالبة برحيل رئيس الحكومة”.

وأردف قائلا: “لذلك، فتوصيف حكومة عزيز أخنوش، كحكومة مرتبكة، لا يعني أنها ضعيفة، بقدر ما يعني أنها غير قادرة بأن تنخرط وتتفاعل مع النقاش العمومي المتدمر من ارتفاع الأسعار وخاصة سعر الوقود.”

وذهب السعيد، إلى أن السؤال المطروح، يتحدد فيما بعد التعديل الوزاري، وهل هذه التغييرات من شأنها أن تعالج الحضور الباهت لرئيس الحكومة في النقاش العمومي، وتواضع قرارات الحكومة بمختلف فرقائها، وهل اعفاء وزيرين من الحكومة، يمكنه أن يضخ نفسا جديدة في باقي الفريق الحكومي؟

الربح والخسارة

وتساءل الجامعي نفسه، عن الجهات الرابحة والأطراف الخاسرة من التعديل الحكومي المرتقب؟، مسجلا أن التعديل الحكومي سيؤثر سياسا على الانسجام الحكومي باعتباره أحد العناصر القوية التي تتغنى بها حكومة عزيز أخنوش.

وتابع، وهو ما يعني خسارة حزب الأصالة والمعاصرة الذي شارك لأول مرة في التدبير الحكومي منذ تأسيسيه من قبل المستشار الملكي فؤاد علي الهمة، لافتا إلى  أن إعفاء الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصر، قد يؤثر على الوضع الداخلي للحزب، ويمكن أن يحيي الأصوات داخل حزب الأصالة والمعاصرة المطالبة برحيل عبد اللطيف وهبي.

وفي المقابل من ذلك، يرى المحلل السياسي ذاته، أنه إذا نجح هذا التوجه، فإنه نسبيا يعد حزب الاستقلال من أبرز الأطراف المستفيدة إلى جانب الأطراف الحزبية المعارضة التي تسعى للمشاركة في الحكومة، خاصة حزبي الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وكذا الحركة الشعبية.

وخلص السعيد، إلى أن التعديل الحكومي لن يجيب عن الأصوات المطالبة برحيل عزيز أخنوش، بقدر ما سيزيد من التشبث بهذا المطلب الذي أصبح يخترق منافد التواصل الاجتماعي، مؤكدا أن حكومة عزيز أخنوش، تحتاج أن تقدم جوابا عمليا حول مواضيع ذات الأولية في النقاش العمومي وحول العلاقة الملغومة بين “رئيس الحكومة السياسي” و”عزيز أخنوش الرجل الأعمال”، وإشكالية الارتفاع المهول لنسبة البطالة لدى الشباب المغربي ومستقبل السياسات الاجتماعية وفق التصور الملكي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News