مجتمع

الاتحاد الأوروبي يرفع دعم المغرب لمواجهة الهجرة..وخبير: غير كاف

الاتحاد الأوروبي يرفع دعم المغرب لمواجهة الهجرة..وخبير: غير كاف

يعتزم الاتحاد الأوروبي رفع الميزانية المخصصة للمغرب بنحو 50 في المئة، لمكافحة الهجرة غير النظامية وتعزيز مراقبة حدوده، ويرتقب أن تتلقى الحكومة المغربية في هذا الإطار منحة مالية تزيد قيمتها عن 500 مليون يورو.

وأوضحت جريدة “إلباييس” الإسبانية، نقلا عن مصادرها، أن حكومة المغرب ستتلقى دعما ماليا أكثر من أي وقت مضى لضبط حدودها، مشيرة إلى أن هذا التعزيز يهم التعاون في مسائل الهجرة خلال الفترة من 2021 إلى 2027، ويتجاوز إطار التمويل السابق بحوالي 50 في المئة.

وأوضحت المصادر ذاتها أن الميزانية مقسمة إلى مشاريع مختلفة، مشيرة إلى أنها ستشمل بشكل أساسي دعم إدارة الحدود، وتعزيز التعاون الأمني، بما في ذلك التحقيقات المشتركة، والتوعية بمخاطر الهجرة غير النظامية، فضلا عن تعزيز التعاون مع الاتحاد الأوروبي.

وأضاف المصدر أنه سيتم من خلال هذا الدعم تعزيز سياسات الاندماج والحماية للاجئين في المغرب وتكثيف مكافحة “مافيات” الهجرة التي باتت تستخدم أساليب جديدة.

دعم مالي غير كاف

وتعليقا على توجه الاتحاد الأوروبي لرفع منحة المغرب لمواجهة الهجرة غير النظامية، أكد محسن بنزاكور، الأستاذ الجامعي المتخصص في علم النفس الاجتماعي وقضايا الهجرة، في تصريح لجريدة “مدار21″، أنه بالرغم من هذا الرفع إلا أن الدعم المالي المقدم للمغرب يبقى “غير كاف”، خاصة في ظل الظروف العالمية الحالية المرتبطة بارتفاع معدلات البطالة وغلاء الأسعار والأزمة الاقتصادية العالمية المتزايدة التي تعد عوامل مباشرة لرفع نسب الهجرة، ما يتطلب رفع الدعم أكثر في المستقبل، وفق تعبيره.

ونفى بنزاكور أن تكون الأحداث التي شهدها السياج الحدودي بين مدينتي الناظور ومليلية المحتلة سببا مباشرا في عزم الاتحاد الأوروبي رفع الدعم، مشيرا إلى أنه من بين العوامل التي حركت الطرف الآخر ليبادر بمثل هذه المبادرة، أنه فهم بأن التأثير بات مباشرا، فمثل هذه الأحداث تعد مؤشرات لتنبيه الآخرين وليست سببا، حسب رأيه.

وفسر الأستاذ الجامعي هذه الخطوة بأن الاتحاد الأوروبي استوعب بأن مد الهجرة تجاه المغرب لم يعد متوقفا على إفريقيا جنوب الصحراء، بل هناك جبهة جديدة متعلقة بالجانب الليبي، وبأن المغرب لن يستطيع لوحده إيقاف هذا المد وذلك باعتراف من إسبانيا نفسها، التي دعت إلى إعادة النظر في حجم الدعم المالي المقدم للمغرب في ملف الهجرة، يؤكد المتحدث.

وأضاف المتخصص في قضايا الهجرة أن المغرب “تحول من منطقة عبور للمهاجرين إلى منطقة استقبال، ما يستدعي الرفع من الميزانية ليستطيع المغرب مواجهة هذا المد”.

وتابع الأستاذ الجامعي أنه لا يجب أن يفهم من هذا الدعم أن المغرب يلعب دور “دركي الحدود”، لأن هذا الدعم، وفق رأيه، يوجه بالخصوص للجانب الحقوقي، ما يتعلق بعتق المهاجرين في عرض البحر وتغذيتهم وإرجاعهم لبلدانهم، وما يخص عمليات صدهم، مشددا على أن “المغرب ليس دركيا ولكن هناك حتمية خطيرة جدا مرتبطة بأننا أرض للعبور والاستقبال في الوقت نفسه، ولا يمكننا تحمل مسؤولية ذلك لوحدنا”.

وقدم بنزاكور نموذج إيطاليا التي تلقت أموال طائلة من الاتحاد الأوروبي لمواجهة الهجرة، مفيدا بأن الدول الأوروبية تتحمل المسؤولية تجاه ارتفاع نسب الهجرة، نظرا للعوامل التاريخية المتعلقة بالاستعمار وتدخلها في شؤون البلدان الإفريقية ومساهمة في عدد من الانقلابات وغيرها من الأسباب.

وانتهى بنزاكور إلى أن الهجرة لا يمكن أن يواجهها بلد لوحده في حين يبقى الآخر بعيدا عن المعضلة، فالمغرب “ليس سببا للهجرة وبالتالي لن يكون ضحية لها، ولهذا تبقى المساعدات المادية واللوجستيكية ضرورية”، على حد تعبيره.

وتأتي هذه المستجدات بعد اجتماع رفيع المستوى، جرى منتصف شهر يوليوز المنصرم، بين وزير الداخلية الإسباني فرناندو غراندي مارلاسكا ومفوضة الشؤون الداخلية بالاتحاد الأوروبي، إيلفا جوهانسون، مع وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، أطلقت خلاله شراكة متجددة في مجال الهجرة ومحاربة شبكات الاتجار بالأشخاص، لاسيما، عقب بروز أنماط عملياتية جديدة تتسم بالعنف الشديد من طرف هذه الشبكات الإجرامية.

وسبق لوزير الداخلية الإسباني أن دعا زملاءه الأوروبيين، خلال اجتماع عقد في براغ بحضور وزراء العدل والشؤون الداخلية بالدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، إلى زيادة التمويلات الأوروبية، سعيا إلى بلوغ هجرة “منظمة وعادلة” من البلدان الإفريقية، مشددا على أن “دول المصدر والعبور الإفريقية للهجرات تحتاج إلى مساعدة منتظمة، واضحة ونوعية، والتي لم تكن كافية إلى حدود الساعة”.

واستحضر وزير الداخلية الإسباني، خلال الاجتماع نفسه، الآلية الأوروبية للجوار والتنمية والتعاون الدولي، التي تخصص 10 بالمائة من تمويلاتها للهجرة، قائلا “علينا الاستفادة إلى أقصى حد من الإمكانيات التي تتيحها هذه الميزانية وتنفيذ مشاريع التعاون في مجال الهجرة، والتي أثبتت فعاليتها في البلدان الأجنبية”.

هذا وتوالت هذه المستجدات في أعقاب الأحداث المأساوية التي شهدها السياج الحدودي بين مدينة الناظور ومدينة مليلية المحتلة، والتي شهدت مصرع ما لا يقل عن 23 مهاجرا سريا، وفق إحصائيات رسمية، واعتقال العشرات من المقتحمين، جرت محاكمتهم وتوزيع عقوبات سجنية وغرامات مالية في حقهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News