هل يُحيي المغرب أسطوله البحري الضائع منذ برنامج التقويم الهيكلي؟

لم يعد من شك في توجه المغرب نحو استثمار ما يُعرف بـ”الاقتصاد الأزرق” أو الاقتصاد البحري الذي يقوم على أنشطة متنوعة، تستهدف استثمار المؤهلات البحرية للمملكة الممتدة على 3500 كلم من السواحل اقتصادياً؛ ولعل تدشين الملك محمد السادس مؤخراً بالدار البيضاء عدة هياكل جديدة بميناء الدار البيضاء مؤشر قوي على ذلك، خاصة في ما يتعلق بمجال صناعة السفن وإصلاحها.
وفي تفاصيل المشاريع المهيكلة الجديدة بميناء الدار البيضاء؛ تشييد ميناء صيد جديد بكلفة 1,2 مليار درهم، مع منصة لإصلاح السفن، ومحطة للرحلات البحرية الجديدة لتعزيز جاذبية المدينة ومواكبة تطوير القطاع السياحي، خاصة سياحة الرحلات البحرية، وأخيراً المجمع الإداري الجديد، الذي سيضم مجموع المتدخلين في ميناء الدار البيضاء، بهدف تحسين استغلال الفضاءات المينائية عبر تجميع المصالح التي كانت متناثرة سابقاً.
وبالنظر لطبيعة المشاريع التي حظيت بالزيارة والتدشين الملكيين، يبدو أن المغرب قد فطن لحجم الخسائر التي تعرض لها إثر نزيف أسطوله البحري الذي كان يتمتع به إلى غاية ثمانينيات القرن الماضي.
ذلك ما أوضحه الخبير الاقتصادي فؤاد عمور، مشيراً إلى أن المغرب وإلى غاية ثمانيات القرن الماضي كان يتمتع بأسطول بحري مهم، متمثل خصوصا في شركة “كوماناف”، التي تمت خوصصتها وكانت توفر عشرات البواخر لنقل البضائع والمسافرين.
وأبرز الخبير، خلال حلوله ضيفاً على مركز السياسات من أجل الجنوب الجديدة (PCNS)، أن المغرب خسر هذا الإرث في إطار برنامج التقويم الهيكلي الذي عرفه بإيعاز من المؤسسات الاقتصادية الدولية، ما دفعه إلى خوصصة أسطوله.
وتأسف الخبير من كون الأسطول المغربي اليوم لا يتجاوز 10 بواخر، ولا يوفر أزيد من 5 في المئة من تنقلات السياح والمغاربة المقيمين بالخارج عبر البحر، والذي تستفيد منه بواخر أجنبية.
وشدد عمور على “أننا نتحدث عن قطاع مهم جدا لأن التقديرات تشير لكون أرباحه تمثل 1,5 مليار دولار سنوياً تضيع من المغرب”، مضيفا أنه “حان الوقت لإعادة الاعتبار للأسطول البحري المغربي، أي الذي يعمل تحت الراية المغربية، علما أن هذا التوجه يتطلب استثمارات كبيرة وتكوين يد عاملة متخصصة مفقودة بالمملكة”.
وكان وزير النقل واللوجيستيك، عبد الصمد قيوح، قد أعلن عن إطلاق دراسة استراتيجية لتأسيس أسطول بحري وطني للملاحة التجارية، في إطار توجيهات ملكية تهدف إلى تعزيز مكانة المغرب كقطب اقتصادي إقليمي.
ويشهد فيه الأسطول البحري الوطني تراجعًا كبيراً، إذ انخفض عدد السفن التجارية المغربية من 73 سفينة في الثمانينيات إلى 11 سفينة فقط عام 2020، ما يضعف القدرة التنافسية ويرهن المملكة للأساطيل الأجنبية.