أعوان الحراسة والنظافة يُهدِّدون بالإضراب ويرفضون انتظار تعديل مدونة الشغل

بعدما تعهّد وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات، يونس السكوري، بمعالجة الاختلالات التي تؤثر على ظروف اشتغال أعوان الحراسة والنظافة والطبخ في عدد من المؤسسات العمومية والخاصة (الأجور الهزيلة وساعات العمل الطويلة)، رفضت هذه الفئة تعليق تحسين ظروف تشغيلها بورش تشريعي قد يأخذ وقتًا طويلًا، مستعجلة إفراجها بقانون مستقبلي ينظم عملها ويحدد مهامها ويضمن حقوقها.
وتستعد النقابة الوطنية لأعوان الحراسة الخاصة والنظافة والطبخ للانتقال من لغة المراسلات والتوصيات ومخاطبة الحكومة والقطاعات الوزارية المعنية بمعالجة المشاكل التي تعانيها هذه الفئة، إلى لغة الاحتجاج والإضراب، حيث قرّرت في اجتماع مجلسها الوطني الأخير إعلان برنامج نضالي تصعيدي.
ووقفت وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات على 3 آلاف و411 مخالفة لمقتضيات مدونة الشغل في حق حراس الأمن الخاص فيما يتعلق بالأجور، مشيرةً إلى أن مراجعة مدونة الشغل هي مناسبة لمعالجة مختلف الإشكاليات التي أفرزتها الممارسة العملية من أجل العمل على إنصاف هذه الفئة من الأجراء.
وكشف الوزير السكوري، في جواب كتابي على سؤال برلماني، أن هذه المخالفات تم تسجيلها بعد تدخلات جهاز تفتيش الشغل بكل مكوناته (مفتشي الشغل، والأطباء، والمهندسين المكلفين بتفتيش الشغل) في المراقبة خلال سنة 2024، وإنجاز 1022 زيارة مراقبة لشركات الحراسة على المستوى الوطني.
ولم تستسغ النقابة ذاتها “تفاقم الهشاشة واستفحال أوضاع الاستغلال الممنهج”، منتقدةً “ساعات العمل التي تتجاوز 12 ساعة أو أكثر، وأجورًا مجمّدة لا تحترم حتى الحد الأدنى القانوني، وعقود إذعان مهينة، وطردًا وتنقيلًا تعسفيًا، وحرمانًا من الحقوق الاجتماعية الأساسية في التغطية الصحية والتقاعد والتعويضات العائلية، وتزايد حوادث الشغل دون تعويض، في ظل صمت حكومي مطبق وتواطؤ بعض الإدارات مع الشركات المشغّلة، بما يشكل ضربًا سافرًا لقانون الشغل والدستور على حد سواء”.
لبنى ناجب، الكاتبة العامة للنقابة الوطنية لأعوان الحراسة الخاصة والنظافة والطبخ، قالت إن “نقابتنا تستعد لإعلان إضراب شامل ووقفات احتجاجية جوابًا على الحالة المزرية التي يعيشها أعوان الحراسة والنظافة والطبخ في عدد من المؤسسات العمومية التابعة لقطاعات حكومية، بعد توجيه عدد من المراسلات والطلبات إلى عدد من المؤسسات المعنية بهذا الملف، وعلى رأسها رئاسة الحكومة، دون أن نتلقى أي وعود أو دعوة لتحسين وضعية هذه الفئة”.
وأضافت الفاعلة النقابية، في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، أن “محاولة وزير الشغل إعطاء الأمل لهذه الفئة بتأكيده أن حلول مشاكلهم ستتضمنها التعديلات المرتقبة على مدونة الشغل هو رهان غير مضمون، بحكم أن عددًا من الوزراء سبقوه إلى وعود مماثلة دون أن يتحقق شيء منها”.
وأوردت المتحدثة ذاتها أن “حل مشاكل هذه الفئة من الأعوان ضمن تعديلات مدونة الشغل هو أمر مستبعَد، بحكم أن فتح هذا الورش التشريعي لم يبدأ بعد”، منتقدةً “غياب قانون مستقل ينظم مهمة هؤلاء الأعوان ويحدد مهامهم ويؤطّر واجباتهم وساعات عملهم”.
ورفضت النقابية ذاتها ما اعتبرته تعليق مطالب حراس الأمن الخاص وأعوان الطبخ والنظافة على تعديلات مدونة الشغل، مشيرةً في هذا الصدد إلى أن “تعديل مادة واحدة من مدونة بحجم مدونة الشغل قد يتطلب وقتًا طويلًا، فما بالك بمدونة كاملة يتجاوز عدد موادها 100 مادة”.
وإذا كان وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات قد وعد بإدراج آليات صد التجاوزات في حق حراس الأمن الخاص ضمن تعديلات مدونة الشغل، تضيف المتحدثة ذاتها، فإنه “قد نقبل بتعديلات جزئية في المدونة بشكل عاجل، وليس انتظار ورش تعديل المدونة في شموليتها”.
وفي السياق ذاته، سجّلت المتحدثة عينها أن “الأصل ليس في المقتضيات القانونية، وإنما في تطبيقها”، مشيرةً إلى أنه “مثلًا، فيما يتعلق بالأجور أو ساعات العمل، فإن المدونة واضحة في تنظيمهما، ولكن شركات المناولة لا تحترم أدنى هذه الشروط”.