دولي

الجزائر تمنع التضامن مع فلسطين في الشارع وتتبجح به في القاعات المغلقة

الجزائر تمنع التضامن مع فلسطين في الشارع وتتبجح به في القاعات المغلقة

في خطوة تثير الكثير من الجدل وتسلّط الضوء على تناقض صارخ بين الخطاب الرسمي والممارسة الفعلية، رفضت السلطات الجزائرية الترخيص بتنظيم مسيرة تضامنية مع الشعب الفلسطيني في الفضاءات العامة، مشترطة أن يتم هذا التعبير عن التضامن “داخل القاعات المغلقة والفضاءات المسورة فقط”.

هذا القرار، الذي كُشف عنه في مراسلة رسمية موقعة من قبل الأمين العام لوزارة الداخلية الجزائرية، محمود جامع، بتاريخ 29 يوليوز 2025، وجّه إلى الأمناء العامين للأحزاب السياسية، وردّاً على طلب تنظيم فعالية مركزية إحياءً ليوم التضامن الجزائري مع فلسطين المصادف لـ7 غشت، تحت شعار “الجزائر مع فلسطين ضد التطبيع والعدوان”، يبرز مدى اتساع الهوة بين الشعارات الداعمة للقضية الفلسطينية والقيود المفروضة على مظاهر التعبير الشعبي عنها.

الوثيقة تؤكد أن مصالح وزارة الداخلية لا تمانع “تنظيم هذه التظاهرة التضامنية”، لكنها في المقابل تشترط أن تجرى “داخل القاعات أو الفضاءات المغلقة والمسورة”، وهو ما يعني عملياً منع أي مسيرة أو تجمع شعبي في الشارع أو الأماكن المفتوحة، سواءً في العاصمة أو في باقي المدن الجزائرية.

هذا الشرط ينسف جوهر فكرة التظاهر كأداة رمزية وعلنية للتعبير الجماعي، ويجعل من التضامن مع القضية الفلسطينية فعلاً شكلياً محصوراً بين الجدران، لا يخرج إلى المجال العمومي ولا يصل صداه إلى الشارع العربي والعالمي كما كان يحصل في مناسبات سابقة.

القرار يكشف عن ازدواجية واضحة في الخطاب السياسي الجزائري. فمن جهة، تروّج الدولة الجزائرية لنفسها كواحدة من أكثر الدول التزاماً بالقضية الفلسطينية، وتعلن رفضها لكل أشكال التطبيع، بل وتخصص يوماً وطنياً سنوياً للتضامن مع الفلسطينيين، غير أن هذا الالتزام يفقد كل مصداقيته حين يُمنع المواطنون من التعبير عنه بحرية في الشارع العام.

وقد أثار هذا التناقض موجة انتقادات في الأوساط الحقوقية والإعلامية، معتبرين أن منع المسيرات لا يخدم إلا عزلة القضية الفلسطينية ويقوّض من قدرة الشعوب على الضغط والمناصرة، خصوصاً في ظل تصاعد العدوان الإسرائيلي واستمرار عمليات التهجير والقتل في قطاع غزة.

ما يلفت الانتباه في الوثيقة أيضاً هو الإشارة الصريحة إلى ضرورة احترام “أحكام القانون رقم 89-28 المؤرخ في 31 ديسمبر 1989، المتعلق بالاجتماعات والمظاهرات العمومية”، وهو ما يؤكد سعي السلطات إلى ضبط المشاعر الشعبية ضمن أطر بيروقراطية ضيقة، تخضع للمراقبة والسيطرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News